فيضانات ليبيا تقضي على آخر أنفاس ضحايا الحرب في سوريا

شروق صبري
العاصفة دانيال

يمكن للسوريين الدخول بسهولة إلى ليبيا بتأشيرة سياحية والعثور على عمل، علمًا بأن الأجور أعلى مما يكسبه الكثيرون في وطنهم.


قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرات السوريين من بين المفقودين في الفيضانات الكارثية في ليبيا.

ومنذ عام 2011 غادر العديد من السوريين بلادهم التي مزقتها الحرب إلى درنة الليبية، بحثًا حياة أفضل، والآن أصبح العشرات منهم في عداد المفقودين بسبب العاصفة “دانيال” التي سببت فيضانات كارثية جرفت أحياء بكاملها إلى البحر.

ضحايا سوريون في ليبيا

أشارت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية إلى أن عدد القتلى تجاوز 11 ألفًا، وأن أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين، بعد مرور 5 أيام على العاصفة دانيال. وما زال المنقذون يحفرون في الطين والمباني المجوفة في درنة، بحثًا عن الجثث.

ووفقا لمجموعة مراقبة الحرب (المرصد السوري لحقوق الإنسان) ببريطانيا، تأكد مقتل 42 سوريًّا في ليبيا، وقد يصل العدد الحقيقي إلى 150 ضحية.

وجاء في تقرير الوكالة الأمريكية، اليوم السبت 16 سبتمبر 2023، أن الضحايا السوريون كانوا يعيشون ويعملون في ليبيا لفترة طويلة، ومنهم من كانوا مهاجرين استخدموا ليبيا نقطة عبور للوصول إلى أوروبا، عن طريق رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط، ينظمها المهربون بقوارب غير آمنة.

انفجارات مدوية

عندما ضربت العاصفة دانيال مدينة درنة يوم 10 سبتمبر، قال السكان إنهم سمعوا انفجارات مدوية عندما انهارت السدود خارج المدينة. وجرفت مياه الفيضانات وادي درنة، وهو نهر يجري من الجبال عبر المدينة إلى البحر.

ومع ذلك، بالنسبة إلى بعض السوريين، قدمت ليبيا آفاقًا لحياة أفضل، فيمكن للسوريين الدخول بسهولة إلى ليبيا بتأشيرة سياحية والعثور على عمل، علمًا بأن الأجور أعلى مما يكسبه الكثيرون في وطنهم.

العاصفة دانيال

العاصفة دانيال

مأساة ضحايا فيضانات درنة

قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إنه لم يتمكن من التأكد من وجود ناجٍ واحد من بين 150 سوريًا مفقودين في درنة منذ مساء الأحد الماضي. لكن من الصعب الحصول على أرقام محددة في أعقاب الفوضى التي أعقبت الدمار.

ورصدت وكالة  أسوشيتد برس العديد من الحالات السورية التي راحت ضحية الزالزل، ونقلت عن العم كنعان الذي توجه بالسيارة إلى درنة من مدينة بنغازي بشرق ليبيا حيث يعمل، ليجد أن المبنى الذي يعيش فيه ابن أخيه قد جرفته المياه، أن “كل من كان بالداخل يعتبر ميتًا”.

مأساة العائلات السورية في ليبيا

روى زيد مرابح (19 عامًا) لوكالة أسوشيتد برس عبر الهاتف من درنة، أنه جاء إلى ليبيا قبل عامين من مدينة حمص السورية وعمل نجارًا، وقال: “شاهدت المياه تتدفق نحو المبنى  ليلة الأحد ثم سمعت دويًّا عاليًا، وكانت هذه لحظة انهيار السدود، وعندما بدأ منسوب المياه يرتفع ركضت نحو الأراضي المرتفعة في تل شيحا الشرقي القريب، ومن هناك رأيت الماء يدمر كل شيء تقريبًا”.

وعاد مرابح صباح يوم الاثنين 11 سبتمبر، بعد أن انحسرت المياه، للاطمئنان على عمه وأقاربه. ووجد أن المبنى الذي كانوا يعيشون فيه اختفى. وقال إن عمه عبد الإله مرابح وخالته زينب وابنتهما شهد البالغة من العمر سنة واحدة قد رحلوا، وقد بحث في صفوف الجثث الملقاة في شارعهم لكنه لم يتمكن من العثور على عائلة عمه.

دفن عائلة بالكامل

في العاصمة السورية دمشق، تلقى أفراد عائلة قلعجي، الخميس 14 سبتمبر، التعازي في وفاة أفراد عائلتهم الـ8 الذين قتلتهم الفيضانات في درنة. وقالت الأسرة في بيان إن فراس قلجي وزوجته رنا الخطيب وأطفالهما الـ6 سيدفنون في ليبيا.

وقالت غنى القاسم إن ابن أخيها، هاني تركماني، كان طبيب أسنان وصل إلى درنة منذ حوالي 9 أشهر “لتحسين حياته”، وقد وجد له أبناء عمومته الذين كانوا هناك عملًا، وبعد انحسار مياه الفيضانات، ذهب أبناء عمومته الذين نجوا من المأساة للبحث عنه. وقالوا إن شقته كانت مليئة بالمياه والطين، لكن وجود ثقب كبير في الجدار جعلهم يأملون أن يكون هرب من المبنى أو أخرجه عمال الإنقاذ.

العاصفة دانيال

العاصفة دانيال

الأمل موجود

قبل عامين، غادر عمار كنعان، نجل نسمة جباوي، البالغ من العمر 19 عامًا، منزله في محافظة درعا جنوبي سوريا، وتوجه إلى ليبيا حيث خطط للعمل وتوفير المال، لدفع رسم للسلطات السورية يبلغ حوالي 8000 دولار يعفيه من الخدمة العسكرية الإجبارية.

وقالت جباوي إن ابنها تحدث معها آخر مرة بعد ظهر يوم 10 سبتمبر، وأخبرها أنه سيغلق محل الحلويات الذي يعمل فيه ويعود إلى منزله لأن من المتوقع حدوث عاصفة قوية. وحاولت مرارًا الاتصال به دون جدوى. ويُظهر حساب واتساب الخاص به أن آخر مرة كان فيها هاتفه متصلًا بالإنترنت كانت في حوالي الساعة 1:30 صباحًا يوم 11 سبتمبر. وقالت والدموع تخنقها: “لا يزال لدينا أمل”.

اقرأ أيضًا: ليبيا تحقق في انهيار سدي درنة وتتعهد بمحاسبة المسؤولين

اقرأ أيضًا: أول فريق إنقاذ روسي من 50 فردًا يصل إلى ليبيا

ربما يعجبك أيضا