في أقدس مكان على الأرض..رائحة الدماء لا تنقطع

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

المشاهد فوق أسطح القدس خادعة إلى درجة كبيرة بمجرد النظر فوق أسطع المنازل تجد الكنائس والمعابد اليهودية والمساجد متعانقة، وكأنها واحة التعايش السلمي، ولكن الواقع بالنظر إلى أسفل يكون عكس ذلك فقد تحولت القدس إلى مدينة حواجز شاهقة تفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين.

ويجسد المنظر من السطح رمزية مفترق الطرق: فهو يطل على الأقصى وقبة الصخرة، وسط المثلث الحدودي بين كنيسة القيامة أحد أقدس المواقع المسيحية، والحائط الغربى أحد أقدس المواقع عند اليهود، بينما في ظل ثلاثة من أقدس الأماكن الدينية رائحة الدماء لا تنقطع منذ عقود.
 

ومنذ فترة طويلة يوجد فصل أمني بين الفلسطينين والإسرائيليين، حيث إن هناك 900 ألف شخص من سكان القدس منهم 37% من المسلمين و32% من اليهود الأرثوذكس والباقي من العلمانيين والمسيحيين.

وفي الوقت الذي يعيش فيه الإسرائيليون في شرق مدينة القدس داخل الأحياء والأزقة المتعرجة للبلدة القديمة منذ زمن طويل، إلا أن اختلاف الثقافات ما زال موجودًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولم تنصهر ثقافتهما معًا حتى الآن ويعيش كل منهما في انعزال تام عن الآخر.

وما زال الخوف حقيقة من حقائق الحياة في القدس، حتى إن هناك أماكن في القدس لا يعرف عنها أحد من اليهود شيئًا لكن لا يوجد شيء في القدس لا يخضع للسياسة، وتقوم مؤسسة “ميكوديشيت” الإسرائيلية بفتح قنوات اتصال مع الفلسطينيين لنشر ثقافة التطبيع مع الاحتلال.

وبحسب منظمات حقوقية يضم سجل جرائم المستوطنين إلى جانب “جرائم القتل” انتهاكات فطيعة أخرى تشمل حرق المنازل ودور العبادة وتدمير وإحراق أشجار الزيتون والمحاصيل في مزارع وأراضي الفلسطينيين، وهي جرائم تمارسها عصابات “دفع الثمن” وغيرها من المنظمات الاستيطانية المتطرفة، فيما تصر الحكومة الإسرائيلية على التعامل مع هذه المنظمات باعتبارها اتحادات غير قانونية وليست منظمات إرهابية.
 
وتشير الإحصائيات إلى أن معظم جرائم المستوطنين والجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني تغلق دون حتى فتح ملفات جنائية وتحقيقات معمقة وتسجل الاعتداءات ضد مجهول، وفقا لنشطاء حقوقيين.

وتؤكد المعطيات أن الشرطة الإسرائيلية لا تبذل جهودا للعثور على المعتدين ومحاسبتهم وتقديمهم للمحاكمة، وهي بذلك توفر لهم غطاء وتشجعهم على المضي بشن الاعتداءات على الفلسطينيين.

وقد تمادت عصابات “دفع الثمن” الاستيطانية باستهداف المقدسات الدينية، ونفذت خلال العامين الأخيرين نحو 700 جريمة على جانبي الخط الأخضر.

ويحوي سجل المستوطنين بالعديد من الجرائم أبرزها مذبحة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، بقيادة باروخ غولدشتاين في مدينة الخليل، حيث أطلق النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة وقتل 29 مصلياً وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.

ويقول المدير التنفيذي للمؤسسة نعومي بلوخ -لصحيفة “الجارديان” البريطانية- إن هناك ثقبا أسود بالنسبة للإسرائيليين يسمى القدس الشرقية لذلك نحن في رحلة من أجل التعاون مع الفلسطينيين لإزالة الخوف الذي يعتري سكان القدس ولكنها ستكون رحلة طويلة ودقيقة.

ويسير هذا المشروع عبر خط أسطح المنازل في المدينة المنقسمة حول فكرة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وعبر قصص المتطوعين الذين فتحوا بيوتهم للغرباء بغض النظر عن العرق أو العقيدة
ويقول أحد اليهود المغاربة -الذي انتقل أهله للعيش في إسرائيل مع الملايين- إن اليهود العرب كانوا يعيشون وكأنهم في غابة يعانون الفقر والجوع كالعبيد، بينما يعيش اليهود الأشكيناز في شقق مريحة ووصلوا إلى مقاليد الحكم والسلطة وتلقوا التعليم في أحسن المدارس، بينما يعيش اليهود العرب في الجهة المقابلة على بعد ميل واحد فقط من هؤلاء.

وأضاف، إنه على مدار 20 عامًا من العيش في القدس لم يشم سوى رائحة الدم والدمار بسبب المستوطنين المتعصبين الذين حولوها إلى مدينة تعج بالكراهية، وحال ذلك بينهم وبين الفلسطينيين.

ربما يعجبك أيضا