في إيران .. المحافظون ينتظرون رحيل “روحاني” للانقضاض على السلطة

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يبدو أن المحافظين في إيران يستعجلون رحيل حكومة الرئيس المعتدل، حسن روحاني؛ خصوصًا بعدما عانت حكومته من فشل إقتصادي في مواجهة العقوبات الأمريكية. وقد لعب تحالف المحافظين مع الحرس الثوري دورًا واضحًا في هذا الفشل، من خلال إفشالهم للإتفاق النووي، واستمرار تهديداتهم في محيط إيران الإقليمي.

كما أن بعض المحافظين يطمح إلى تعديل في النظام الإيراني، وتحوله إلى نظام برلماني يضمن للمحافظين السيطرة على تشكيل الحكومة؛ بعدما يحققون الأغلبية في البرلمان.

المرشد لا يرغب في “روحاني” ولا في رحيله

لن يبارك المرشد الأعلى، علي خامنئي، رحيل الرئيس الحالي حسن روحاني، بشكل مبكر، وذلك على غرار رفضه لهذا السيناريو مع الرئيس السابق أحمدي نجاد؛ خشية من دخول الفوضى إلى النظام الإيراني.

ومع ذلك يبدي المرشد الأعلى رفضه لسياسة حكومة الرئيس روحاني، التي تعول على الاتفاق مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في حل المشاكل الداخلية؛ حيث أكد المرشد الإيراني، علي خامنئي، أن بلاده ستواصل برامجها الصاروخية، وخططها الإقليمية، مضيفًا أن هذه البرامج والخطط “ترتكز على حسابات دقيقة وعقلانية”، واصفًا من قال إنهم “يكررون كلام الأعداء”، بـ”الجبناء”.

وأضاف المرشد الإيراني، الإثنين 12 أكتوبر/ تشرين الأول، أن طهران سوف تستفيد من العقوبات لجعل “اقتصاد إيران مقاومًا بشكل حقيقي”، منتقدًا السياسات الأميركية تجاه بلاده.

وخلال كلمته عبر الفيديو التي ألقاها أمام حفل تخرج لطلبة القوات المسلحة، وصف خامنئي أعضاء الإدارة الأمريكية بـ”الأراذل”، مضيفًا: “سنغير سياسة الضغوط القصوى إلى الفضيحة القصوى بالنسبة للأمريكان، وسنجعلهم يندمون على ذلك”.

وأشار المرشد علي خامنئي، في كلمته اليوم إلى طريقة إدارة البلاد، وطالب المسؤولين بالاهتمام بالداخل، وعدم التعويل على الخارج، قائلا: “لا ينبغي أن نبحث عن سبل العلاج في الخارج، لأننا لم نشاهد أي خير ومنفعة من الخارج”.

ويقول منتقدو حكومة حسن روحاني، إن حكومته لديها “تعويل على الخارج” في حل أزماتها الاقتصادية وتنتظر أحداثًا خارجية مثل انتخابات الرئاسة الأميركية.

لكن روحاني رفض هذه الاتهامات واعتبرها “خطأ وتضليلا”، وطالب منتقديه بالكف عن هذه الأقوال، و”عدم تكرارها”، مؤكدًا أن “الحكومة لا تعول على الخارج”.

رئيس للبرلمان أم للحكومة؟

رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، لديه طموحات في الوصول إلى مقعد الرئاسة بعد رحيل حسن روحاني؛ إلى جانب تقاربه مع المحافظين ومع قيادات الحرس الثوري. ولذلك نجد قاليباف يتحرك في الشارع الإيراني بشخصية رئيس الحكومة، وكأنه يمثل الحكومة القادمة التي تنتظر رحيل حكومة الرئيس روحاني.

مثلًا، يقوم “قاليباف” بتفقد المنشآت والمشاريع التنموية، وهو ما يعبر عن نوع من الدعاية لشخصه للتحضر للرئاسة المقبلة، فخلال تفقده وحدة العزل في مصنع “بافت بلوج” في ايرانشهر، قال إن محافظة سيستان وبلوجستان تحوز على الاهتمام في الخطط التنموية الشاملة للبلاد لاسيما في مجالات التعليم والصحة والصناعة والنقل والمواصلات والبنى التحتية.

المحافظون خيار أمريكا

يدرك المحافظون أن الولايات المتحدة الأمريكية، تنتظر قدوم حكومة إيرانية جديدة، خاصة من المحافظين لاستحواذهم على مقاليد الأمور في إيران، من أجل ضمان عقد إتفاق دائم وشامل مع إيران. ولذلك يتشجع المحافظون إلى السباق الرئاسي في إيران. وكذلك، بات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يكرر في خطاباته، أن التفاوض مع إيران سيكون في مرحلة ولايته الثانية، وليس في الوقت الحالي، وهو ما يعني أن واشنطن تنتظر قدوم حكومة إيرانية جديد بدلا من حكومة روحاني التي أوشكت على الرحيل. وأيضًا، على الجانب الإيراني ينتظر النظام هناك، ماذا ستسفر الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.

لكن بعض المراقبين يرى أن تفرد المحافظين بالسلطة في إيران، سيزيد من حدة التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي إطار ذلك، أشارت صحيفة “آسيا” إلى مقال نشرته وكالة “بلومبرج” الأمريكية، حيث ذكرت أن الرئيس الإيراني القادم قد يكون من العسكريين، ومن الحرس الثوري تحديدا، وهو ما يزيد من التوتر والتصعيد بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

ونقلت الصحيفة أن أبرز المرشحين لهذا المنصب هو حسين دهقان، وزير الدفاع الإيراني في حكومة حسن روحاني الأولى، والذي يشغل حالياً منصب المستشار العسكري للمرشد علي خامنئي لشؤون الصناعات الدفاعية.

وأضافت “بلومبرج” أن “وصول العسكر إلى الرئاسة سيزيل إحدى العقبات القليلة المتبقية التي تواجه الحرس الثوري للهيمنة على مفاصل السلطة، كما سيجعل موقف النظام أكثر عدائية تجاه الولايات المتحدة”.

روحاني .. لا جدوى من استمراره

من داخل الإصلاحيين أنفسهم، بدأت تخرج دعوات لرحيل الرئيس حسن روحاني، فقد أطلق مؤخرا السياسي الإصلاحي عباس عبدي الدعوة إلى الرئيس روحاني بالاستقالة عبر صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، واعتبر أن “استمرار الوضع الحالي والفجوة القائمة بين المتشددين، الذين سيطروا على البرلمان، والإصلاحيين لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضعف وضياع الفرص السياسية للحد من المشاكل”، مشيرا إلى أنه “في ظل هيمنة المحافظين وعدم القدرة على عزلهم أقترح أن يتخذ روحاني مبادرة شخصية وهي أن يستقيل”.

وحسب تقرير صحيفة أخبار الخليج، فقد رأى عبدي أن “الانسحاب لا يعني الاحتجاج، بل هو فتح الطريق لحل الأزمات”، معربا عن أسفه من أن “كل دعوة للاستقالة تترجم في إيران بأنها دعوة للانفصال التام وتواجه بالعداء والبغضاء والحقد والافتراء”، مضيفا: “في ظل السيناريوهات المتوقعة عقب الانتخابات الأمريكية لا يمكن لروحاني الاستمرار في الرئاسة؛ لأنه لن يتمكن من اتخاذ القرارات بوجود آخرين يتحكمون فعليا بكل المواضيع، وهذا كله من أجل الشعب والبلد”.

دعوة عبدي لقيت ترحيبا من قبل بعض الشخصيات الإصلاحية في البلاد، منهم عبدالله رمضان زاده الذي رحّب بالاقتراح، واصفا إياه، في تغريدة له على تويتر، بأنه “جيد للتخلص من الارتباك وتوضيح المسؤوليات”.

هدف الإصلاحيين هنا، هو التعبير عن أزمة السلطة في إيران، بعدما باتت السلطات التشريعية متمثلة في رئيسها، محمد باقر قاليباف. والسلطة القضائية متمثلة في رئيسها، إبراهيم رئيسي، إلى جانب الحرس الثوري ومؤسسة المرشد، يعطلون حركة الحكومة وأدائها، فرؤيتهم أن لا جدوى من استمرار حكومة روحاني طالما هناك قيود على أداء هذه الحكومة.

ويعكس هذا الصراع حول استقالة روحاني الأزمة الطاحنة التي تعيشها إيران وعجز النظام بكل قواه وتياراته عن معالجتها، وأن الكل بموقفه هذا يحاول التهرب من تحمل المسؤولية وخاصة في ظل الغضب الشعبي العارم وقرب انتخابات الرئاسة والخوف من اندلاع انتفاضة شعبية أخرى.

ربما يعجبك أيضا