في إيران.. لا تأثير لتعطيل شرطة الأخلاق على المحتجين

يوسف بنده
الاحتجاجات في ايران

يبدو من الصعب أن يقبل المتشددون داخل إيران بأي تغيير قد يأتي على وجه النظام الحاكم أو يؤدي إلى تنحيهم جانبًا عن الحياة السياسية.


أعلن النظام الإيراني تعطيل شرطة الأخلاق في خطوة تهدف إلى إخماد الاحتجاجات، لكنه لا يبدو عازمًا على التغيير الجذري لسياساته بشأن الحجاب.

ودفع تناقض تصريحات المسؤولين ولجوء النظام إلى أساليب بديلة لقمع النساء على مسألة الحجاب، المحتجين إلى الاستمرار في الاحتجاجات، في إنعكاس واضح لتزايد شعور عدم الثقة بالنظام الحاكم وتصريحات مسؤوليه.

گشتارشاد

تعطيل شرطة الأخلاق

يجري البرلمان والقضاء في إيران مراجعة لقانون الحجاب، الذي جعله إلزاميًّا منذ إبريل 1983، أي بعد 4 سنوات على ثورة 1979، التي أطاحت بنظام الشاه، وقال المدعي العام، محمد جعفر منتظري، يوم الخميس 1 ديسمبر 2022، إن البرلمان والسلطة القضائية يعملان على هذه القضية، حسب ما نقلته صحيفة “فرانس 24“.

ووفق ما أورده “فردا نيوز“، قال المتحدث باسم مقر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، علي خان محمدي، في تصريح غير واضح، إن “مهمة دوريات الأمن الأخلاقي والاجتماعي (دوريات الآداب) انتهت”، إلا أنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة استخدام “أساليب أجدد وأحدث وأدق” في ما يتعلق بـ”العفة والحجاب”.

أساليب بديلة

حسب تقرير نشرته قناة “العربية“، أعلن عضو اللجنة الثقافية بالبرلمان الإيراني، حسين جلالي، أن حكومة طهران تبحث في تجميد الحسابات المصرفية لغير المحجبات، بدلًا من تسيير دوريات الآداب، المعروفة بدوريات الإرشاد، أي أن النظام يسعى إلى تحويل مسألة الحجاب من قضية شرطية، إلى قضائية.

وأوضح جلالي أن البرنامج البديل عن دوريات الآداب، من المحتمل أن يذكر غير المحجبات من خلال رسائل نصية بالتزام الحجاب واحترام القانون، ثم تحذيرهن، وأخيرًا قد يغلق الحساب البنكي، مضيفًا أنه مع انتهاء الاحتجاجات سيعود الحجاب إلى رؤوس النساء، وقال: “سننفذ خطة الحجاب والعفة في الأسبوعين المقبلين”، و”سنرفع تكلفة عدم ارتداء الحجاب”.

امرأة غاضبة

إصلاح النظام الثقافي

يبدو أن النظام الإيراني لا يعتزم التغيير الجذري، بل محاولة تغيير موقف المحتجين من أيديولوجيا هذا النظام، وحسب ما أوردته “دفاع مقدس” دعا المرشد الأعلى، علي خامنئي، إلى “إعادة بناء النظام الثقافي في البلاد”، خلال اجتماعه مع أعضاء المجلس الأعلى للثورة الثقافية.

وقال خامنئي: “من الضروري إحداث ثورة في البنية الثقافية للبلاد.. وعلى المجلس الأعلى مراعاة ضعف الثقافة في مجالات مختلفة في البلاد”، وهذا يعني توجيه الحكومة لتوسيع الخطاب الثوري، والأساليب الثقافية والدعائية، التي تعزل الأجيال الجديدة عن الثقافات ومصادر المعرفة الأجنبية.

1844963 818

الخوف من التنازلات

أشار تقرير صحيفة “الجريدة“، إلى خلافات شديدة بين نواب البرلمان وأعضاء المجلس الثقافي الأعلى، ويتهرب أغلب أعضاء المجلسين من المشاركة في لجنة أمر خامنئي بتشكيلها لتعديل قانون الحجاب، ويصر النواب على أن تدخلات المجلس وتعليماته، التي أصدرها للمراجع القضائية والأمنية، هي ما تسببت في التصادم.

وذكر التقرير أن المحافظين يخشون على سمعتهم مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، إضافة إلى إمكانية أن يفتح تعديل قانون الحجاب الباب أمام تنازلات أكبر من النظام للمحتجين.

الإصلاحيون يحذرون

أعرب زعيم التيار الإصلاحي الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، عن تأييده للمحتجين ولشعارهم: “المرأة، الحياة، الحرية”، مضيفًا أن “الحراك الحالي يشارك فيه النخب والمثقفون والأساتذة والطلبة، وعلى المسؤولين تقدير هذه المشاركة، وبدلًا من التصدي لها عليهم مد أيديهم لمعرفة مكامن الخلل في آليات الحكم بدقة قبل فوات الأوان”.

وشدد خاتمي، في بيان بمناسبة اليوم الوطني للطالب، على ضرورة احترام مكانة الطلاب ودورهم، وعدم ممارسة الضغوط عليهم من خلال التهديدات والاعتقالات، وقال: “لا ينبغي أن نسمح بأن يكون الأمن مقابلًا بديلًا عن الحرية، وانتهاك الحريات بحجة الأمن أو فقدان الأمن بحجة الحرية”، حسب صحيفة “مردم سالاري“.

khtmy 11

ووجه بيان خاتمي انتقادات شديدة للمحافظين والمتشددين، الذين يسعون إلى القضاء على الحركة الاحتجاجية، لزيادة اشتعالها بما يؤثر في مستقبل نظام ولاية الفقيه في إيران.

إضراب عام وتهديد

حسب صحيفة “الشرق الأوسط“، انضم تجار في المدن الإيرانية المختلفة إلى دعوات الإضراب أيام 5 و6 و7 ديسمبر، ما أزعج السلطات، وقال رئيس القضاء، غلام حسين محسني إيجائي، إن “مثيري الشغب” يهددون أصحاب المتاجر كي يغلقوا متاجرهم، وإن القضاء والأجهزة الأمنية ستتصدى لهم بسرعة، مضيفًا: إنه “سيعدم من صدرت بحقهم أحكام قريبًا”.

download 32

ودعا الحرس الثوري، في بيان، القضاء إلى إصدار أحكام حاسمة ضد “المتهمين بارتكاب جرائم ضد أمن الوطن والإسلام”، وقال إن قوات الأمن لن تتسامح مع “مثيري الشغب وقطاع الطرق والإرهابيين”، حسب ما نقلته صحيفة “آفتاب يزد“.

ونشر حساب “1500 تصوير” على “تويتر”، مقطع فيديو يظهر قوات الأمن الإيرانية وهي تتخذ من مدرسة قاعدة لها، استعدادًا لدعوت الإضراب، وانتشرت شرطة مكافحة الشغب وميليشيا الباسيج بكثافة في وسط العاصمة طهران.

لا تأثير على المحتجين

تكشف التصريحات المتناقضة من المسؤولين الإيرانيين عن خلافات داخل المؤسسة، بشأن استمرار قانون الحجاب، أو مواصلة فرضه، وما زال النظام يتعامل بسياسة عقاب وشجب المتظاهرين، دون الاعتراف بمطالبهم، ما يعني أن تعليق شرطة الأخلاق خطوة يائسة، حسب “نيويورك تايمز“.

ووفق ما أوردته الصحيفة، يرى الكثير من الإيرانيين أن القرار هو محاولة من الحكومة لصرف النظر عن أزمة الاحتجاجات، التي خلفت 400 قتيل، بينهم 50 قاصرًا، حسب منظمات حقوق الإنسان، وقالت الأمم المتحدة إن قرابة 14 ألف شخص اعتقلوا في التظاهرات الحالية.

1200x675 fj3n0l

الأسباب باقية

قال كبير المحللين بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية، أميت سار، يوم الاثنين 5 ديسمبر 2022، إن حكام إيران من رجال الدين “سينجون على الأرجح” من الاحتجاجات التي تجتاح البلاد، وقد يبقون في السلطة لسنوات، محذرًا في الوقت نفسه من أن النظام الإيراني لن ينجو على المدى الطويل، حسب ما أوردته “رويترز“.

وأوضح أميت سار أن النظام الإيراني صنع أدوات قوية للغاية للتصدي للاحتجاجات، لكنه حذر حتى إذا انحسرت هذه الاحتجاجات، فإن الأسباب (وراءها) ستظل قائمة، ما يجعل النظام الإيراني في مشكلة لسنوات مقبلة.

مشاهد من استمرار الاحتجاجات في إيران

تظاهرات ليلية في مدينة مشهد وطهران ترفع شعار الموت لخامنئي وتطالب بالحرية

اعتصام طلاب جامعة أصفهان

إضراب التجار في المدن الإيرانية

ربما يعجبك أيضا