في الذكرى الـ 8.. أنياب الثورة لا تزال تنهش اليمن

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبد النبي
 
مع مرور الذكرى الثامنة للثورة اليمنية”11 فبراير”، تتطلع الأمال لتحقيق الأهداف المرجوة منها لبناء اليمن الحديث، ورفض الظلم والإقصاء والتفرد بالحكم وتبادل السلطة سلميًا بما يكفل الحقوق والحريات، ولتحقيق ما سبق انطلقت الثورة سلميًا وسياسيًا مرورًا بصياغة المبادرة الخليجية والقرار 2216 وانتهت عسكريًا بعد استنفاذ الوسائل الممكنة، لتدخل البلاد بعدها في نفق مُظلم تسبب في تدمير البنية التحتية للبلاد وأزهقت فيه الكثير من الأرواح وتسببت في مجاعات كبرى بسبب الحرب وغياب مؤسسات الدولة.

وبعد عدة إرهاصات مرت بها ثورة فبراير وتأزمت بإنقلاب الحوثي في 2014، بادرت السعودية بقيادة التحالف العربي لمواجهة الميليشيات الموالية لإيران، خاضت خلالها اليمن حروب واشتباكات ومحاولات لعقد اتفاقيات سلام بين الميليشيات الحوثية والقوات اليمنية الشرعية، جميعها باءت بالفشل بسبب عرقلة الحوثيين.

ساعد في ذلك تراخي الأمم المتحدة وعجزها دبلوماسيًا في التوصل لاتفاق سلام ينهي الأزمة المشتعلة منذ أكثر من أربع سنوات، وأفضت في نهايتها لإنجاح ما تبقى من اتفاق الحديدة واتفاق ستوكهولك لتهدئة الأوضاع التي أثرت سلبًا على اليمنيين وأدت لمجاعات كبرى ونزوح الكثير بسبب الحروب وقلة المساعدات.

ويمكن تلخيص ما سبق في استعراض ما حدث لثورة فبراير وحتى الآن:

بداية الثورة ومخالبها

الحياة السياسية شبه المُعطلة وتدهور الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد السياسي والاقتصادي وعجز النظام عن تجاوز أزماته السياسية وغليان الشارع اليمني، هيأت الأوضاع لثورة 11 فبراير 2011.

وعلى إثرها انطلقت المظاهرات التي ملأت الساحات والميادين تحفها أمال عريضة لدولة المواطنة لإسقاط نظام صالح ، لكن منذ اللحظة التي أوهم الحوثي الجميع بأنه منخرط في ثورة فبراير، كان يُخطط للانقضاض عليها من داخلها، وهو ما حدث بالفعل في سبتمبر 2014 بالانقلاب على مؤسسات الدولة والاستيلاء عليها.

انتهاكات الحوثي المدعومة إيرانيًا، تلقفتها دول مجلس التعاون الخليجي بدعم المملكة العربية السعودية وسعت لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة من خلال المبادرة الخليجية، التي أفشلها الحوثيون لتنتهي المرحلة السلمية لثورة فبراير بعد سلسلة من الاعتقالات قام بها الموالون لصالح مع حلفائهم الحوثيين فضلًا عن تدمير البتى التحتية للمؤسسات والشعب اليمني.

عمليات نوعية للتحالف

بعد الانقلاب الحوثي، بادرت السعودية بقيادة عمليات التحالف العربي لإنقاذ اليمن من السقوط في شَركِ المخططات الإيرانية ومستنقع التبعية لنظام الملالي لتنفيذ مخططاته التوسعية عبر الحوثيين.

سياسياً، تمكن التحالف العربي من فضح ممارسات ميليشيا الحوثيين وإقناع المجتمع الدولي بقضية اليمنيين العادلة وبشرعية الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، ومواجهة ما يُمارسه الانقلابيون الحوثيون من تضليل وأكاذيب، ما رجّح كفة الشرعية في المنظمات والمحافل الدوليّة، وما أجبر أيضاً الحوثي على الجلوس على طاولة المفاوضات.

ذلك بالإضافة إلى ما قدّمه التحالف على الصعيد الإنساني والإغاثي، وبصورة خاصة ما قدّمه مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي لليمنيين، لا سيما منذ تحرير عدن منتصف عام 2015، حيث بلغ إجمالي قيمة المساعدات التي قدمتها دول تحالف دعم الشرعية وفي مقدمتها السعودية والإمارات، أكثر من 18 مليار دولار.

عسكريًا، تمكنت قوات التحالف وقبل نحو 4 سنوات تقريبًا من تحقيق نجاحات متواصلة ابتداءًا من عاصمة الحزم ومرورًا بعمليات تحرير عدن في 2015 وعمليات تحرير الساحل الغربي والحديدة في 2018 ، والتصدي لخطر تنظيم القاعدة بعد سيطرة الحكومة الشرعية على 85% من الأراضي اليمنية، الأمر الذي كبح جماح الحوثيين وأحبط المخططات الإيرانية وسد منافذ الدعم والتمويل التي تصل لميليشيا الحوثي من إيران.

وهنا لا يمكن اغفال دور “الحزام الأمني” الذي تشكل بعد تحرير عدن، وكان له دورًا بارزًا في مواجهة الإرهاب والتطرف وتأمين المحافظات المُحررة، أبرزها في المحافظات الجنوبية، عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة، إضافة إلى تحرير حضرموت من تنظيم القاعدة، وفي المحافظات الشمالية، تمت استعادة مأرب، ومعظم مديريات الجوف والبيضاء وتعز، ومناطق في محافظة حجة، كمدينة ميدي ومينائها، وفتح جبهات قتالية نحو معاقل الانقلابيين في صنعاء وصعدة.

مسلسل الفشل الأممي

 منذ اندلاع ثورة فبراير، سجلت الأمم المتحدة ومساعيها الدبلوماسية لإنهاء الأزمة فشلًا ذريعًا، فلم تكن محطة محافظة الحديدة اليمنية أخر محطاتها، ويمكن استعراضها كالتالي:

حتى الأن أصدر مجلس الأمن الدولي 12 قرارًا بشأن اليمن منذ 2011 وحتى يناير 2019، لم يتم تطبيق أي منها حتى الأن بما فيها القرارين الاخيرين الخاصين بتطبيق اتفاق ستوكهولم وهما ( قرار 2451 – و 2452 ) الصادرن خلال الشهر الماضي يناير 2019م.  فضلا عن العديد من البيانات الرئاسية الصادرة عن مجلس الامن.

وبالعودة لبداية المسلسل، فمنذ اشتعال أزمة الوحدة بين الجنوب والشمال وتدخل المبعوث الأممي حينذاك ” الأخضر الإبراهيمي” الذي فشل في مهمته وانتهت الأزمة بانتصار الشمال واحتلال الجنوب وفرض الوحدة اليمنية بالقوة بعد الانقلاب على اتفاقياتها السلمية.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الفشل الأممي ساريًا ومتنقلًا من مرحلة لأخرى، بدءًا بـ”الأخضر الإبراهيمي” ومرورًا لـ”جمال بن عمر” ومن بعده “إسماعيل ولد الشيخ” وأخرهم” مارتن غريفيث” ومساعده الجديد “مايكل لوليسجارد”، ووصلت اليمن نتيجة التراخي الأممي لانفجار حرب شاملة لا تزال مستمرة.

وفي كل عام يحتفل اليمنيون لإحياء الذكرى المخذولة، في مشهد يعبر عن التمسك بالأمل واستعادة الدولة من الانقلابيين، وهو حلم لا يزال اليمنيون يدفعون ثمنه في مختلف الجبهات لتحقيقه، بانتظار الفرج المأمول والسلام المفقود ليسود الاستقرار بحل الخلافات على طاولة الحوار، وهو الأمل الغائب الذي طال انتظاره، وإذا لم يتحقق فسوف تتحول اليمن لبؤرة صراع دائمة لتلتحق ببقية الدول التي تعيش حروبًا مستمرة.

ربما يعجبك أيضا