في العراق.. حشد النجف مقابل حشد قم

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

في ظل تخوف من قتامة الوضع السياسي في العراق شهدت مدينة كربلاء الواقعة جنوب العاصمة بغداد مطلع ديسمبر من العام الماضي، مؤتمرا تحت شعار «حشد العتبات، حاضنة الفتوى وبناة الدولة» والذي قوبل بتجاهل وعدم اهتمام من جانب ميليشيا الحشد الشعبي التابعة لإيران.

في خضم الانتفاضة الشعبية التي طالبت بإسقاط حكومة عادل عبدالمهدي التي تهيمن عليها الميليشيات المسلحة قامت فصائل من الحشد الشعبي بالتعدي على المظاهرين وقتل المئات واختطاف العشرات من نشطاء الانتفاضة، ناهيك عن جرح الآلاف منهم.

في ظل تلك الأجواء المشحونة بالغضب الشعبي أعلنت عدة فصائل انفصالها عن ميليشيا الحشد الشعبي، مطلقة على نفسها حشد العتبات تميزا لها عن الحشد الشعبي. خلافات وانقسامات تعصف بميليشيا الحشد في العراق وفجوة كبيرة تتسع مع حشد العتبات التابع لـلمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني.

مأزق الحشد الشعبي

شكل انفصال «حشد العتبات» أو «ألوية المرجعية» كما يطلق عليها مأزقا لميليشيا الحشد الولائية التي كانت تستخدم فتوى الجهاد الكفائي ذريعة للتمدد وتوسعة هيمنتها وممارسة بلطجيتها في المحافظات السنية وهو ما دفع ألوية أخرى إلى القفز من القارب.

محللون سياسيون عراقيون يعتقدون أن الرسالة الأولى والأخيرة من مؤتمر حشد العتبات هو تأكيده على ارتباطه المباشر بحوزة النجف دون غيرها وأن دلالة المؤتمر يمكن استنتاجها من شعاره الذي أشار إلى ارتباطه بالعتبات الدينية لا بالسياسة في إشارة إلى إيران.

لذلك ردت إيران بتشكيل ميليشيات مسلحة جديدة على غرار «ربع الله» و«عهد الله» ودعمها الشديد للتيار الصدري المضاد لمرجعية السيستاني.

مرحلة ما بعد سليماني والمهندس

المهندس

الانقسامات في صفوف الحشد ظهرت بشكل واضح بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وزعيم ميليشيا الحشد أبومهدي المهندس، وغياب الزعامة الواضحة، إذ اتسعت الهوة بين المليشيات التي تصف نفسها بـ«المقاومة العراقية» وحشد العتبات الموالي للمرجع الشيعي علي السيستاني .

بحسب مراقبون فإن الانقسام بدا واضحا في السابع عشر من يونيو الحالي مع إحياء الذكرى السنوية لفتوى السيستاني بشأن محاربة تنظيم داعش في كربلاء، إذ غابت عن الذكرى عدم ذكر سليماني أو المهندس في كلمة ممثل السيستاني ما أغضب الحشد.

في المقابل، أحيت الميليشيات ذكرى فتوى السيستاني في اليوم التالي بغياب أي تمثيل لـ«حشد العتبات» .ولوحظ أيضا تدهور علاقة الحشد بمؤسسات الأضرحة التابعة للسيستاني .

أما الحدث الأبرز فكان تأجيل الاستعراض الكبير لميليشيا الحشد للاحتفال بالذكرى السنوية للفتوى الذي كان مقررا في الرابع عشر من يونيو، ووفق مصادر مطلعة فإن مكتب السيستاني غير راض عن استعراض الميليشيات لعدم أخذها موافقة الكاظمي.

حشد السيستاني في مواجهة حشد خامنئي

حشد العتبات الذي يضم فرق «علي» و«العباس» و«علي الأكبر» و«أنصار المرجعية»، وهي فصائل تعرف بولائها للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، الذي أفتى بتشكيل الحشد في مواجهة داعش في عام 2014 وذلك بخلاف غالبية فصائل الحشد الأخرى والتي تتبع المرشد الإيراني علي خامنئي.

اختلاف الولاءات هو مرجع الخلاف والانقسام الذي بدا واضحا، ولكن هناك أسباب أخرى ذكرها الناطق باسم العتبات، محمد بحر العلوم، وهي الخروقات الأمنية التي ارتبطت بها الفصائل تسببت بخلافات في الحشد الشعبي، وهو تصريح ليس الأول لبحر العلوم، بشأن الخلافات الداخلية في الحشد.

إذ سبق وطالب بضرورة التئام كافة صفوف الحشد تحت إمرة قيادة واحدة بهدف تحقيق الاستقرار المنشود والبدء بخطوات عملية لبناء العراق. حشد العتبات أصدر كذلك بيانا شدد فيه على ضرورة الالتزام بالقانون والدستور العراقين ومنع منتسبي الحشد من الدخول في أي نشاط سياسي وأن يكون القائد العام للقوات المسلحة هو المسؤول الوحيد عن الحشد الشعبي.

هذا التوجه من قبل حشد العتبات قوبل برفض وانتقاد شديدين من ميليشيا الحشد الشعبي الأخرى، إذ وصفه زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي بـ«المخطط الأجنبي» لتقسيم الحشد وحله.

عجز الحكومة وهيبة الدولة

يبدو أن مرجعية النجف بدت قلقة من عجز الحكومة في حفظ هيبة الدولة أمام قوى اللا دولة، فهي حريصة على عدم انهيار الدولة، إذ تنطوي ميليشياتها «حشد العتبات» تحت لواء القائد العام للقوات المسلحة.

أمام هذه المخاوف برز دائما المقارنة بين قوة الجيش العراقي من جهة، وميليشيا الحشد الشعبي من جهة أخرى. بحسب المعلومات المتوفرة يبلغ تعداد القوات المسلحة العراقية نحو 160 ألف مقاتل تنقسم إلى 14 فرقة كل واحدة منها تضم 4 ألوية مجموع مقاتلي الفرقة يقارب الـ 14 ألف جندي من المشاة ما عدا الفرقة التاسعة فهي فرقة آلية.

بالنسبة للعتاد، يمتلك الجيش عشرات الطائرات الهجومية من نوع سو 25 الروسية وإف 16 الأمريكية وأخرى تستخدم للنقل من نوع سي 150 هيركوليز الأمريكية وسي 130 انتونوف الروسية. أما عن الدبابات فيمتلك الجيش المئات منها بين روسية الصنع وأخرى أمريكية إضافة إلى عشرات المدرعات من البلدين .

في الجانب الآخر فإن تعداد عناصر ميليشيا الحشد الشعبي تقدر وفق أرقام شبه رسمية بنحو 160 ألف عنصرا، مقسم على 60 لواء، ويبلغ عدد المقاتلين الشيعة في الهيئة نحو 110 ألفا.

أما العتاد، فيعتمد على صواريخ إيرانية الصنع وأخرى صممت في العراق، بينما تتحدث مصادر عن تزويد إيران للحشد بصواريخ بعيدة المدى . ويمتلك الحشد كذلك وحدات للطائرات المسيرة الهجومية وطائرات المراقبة جميعها إيرانية الصنع فضلا عن مئات المركبات والدبابات الروسية قديمة الصنع.

ربما يعجبك أيضا