في توطين الوظائف بالقطاع الخاص السعودي.. تمكين وتنافسية

كتب – حسام عيد

لا شك أن الاستثمار في العنصر البشري يعد من أفضل أنواع الاستثمار، فهو استثمار في المستقبل، وفي دولة مثل المملكة العربية السعودية، يعتبر المورد البشري هو رأسمالها المتجدد نحو الريادة والتنافسية العالمية، فمجتمعها شبابي، تتراوح أعمار غالبية عناصره بين الـ18 و35 عامًا، وهذا ما أدركته “رؤية المملكة 2030″؛ عبر إفرادها اهتمامًا واسعًا برفع كفاءات القدرات الوطنية، والعمل لتطويرها، وإحلالها تدريجيًا محل العمالة الوافدة.

ومع المتغيرات الجديدة التي فرضتها جائحة كورونا الوبائية “كوفيد-19″، وكذلك تداعياتها الواسعة، تكثّفت جهود توطين الوظائف، وهو توجُّه عامّ شهدته المملكة العربية السعودية خلال عام 2020، ويبدو أنها ستستمر في تنفيذ آلياته وبرامجه خلال عام 2021 الجاري، بأهداف وطموحات خلق سوق عمل مرن ومتجدد، من شأنه المساهمة في تسريع عملية التنمية المستدامة.

واليوم، تستهدف السعودية توظيف 115 ألف مواطن في القطاع الخاص، من خلال اتفاقيات توقع مع الشركات الكبرى.

إطلاق برنامج “توطين

مسؤولو وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، كشفوا يوم الأحد 24 يناير 2021، عن تدشين وإطلاق برنامج “توطين”، يستهدف توظيف 115 ألف مواطن ومواطنة في القطاع الخاص من خلال اتفاقيات توقع مع الشركات الكبرى.

جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الإدارة والموارد البشرية في مجلس الشورى السعودي برئاسة عضو المجلس عطا السبيتي، لمناقشة التقرير السنوي لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعام 1441/1440هـ، بمشاركة نائب الوزير لقطاع العمل، عبدالله أبوثنين، ونائب الوزير لقطاع التنمية الاجتماعية، ماجد الغانمي.

وناقش الاجتماع أيضًا، معدل مشاركة المرأة الاقتصادية، وأوضح المسؤولون أنه مستمر بالتزايد منذ عام 2018 إلى الربع الثاني من عام 2020، وهو ما يدل على ارتفاع في نسبة دخول المرأة إلى سوق العمل والمساهمة اقتصاديًا، كما تطرق المجتمعون للمبادرات التي تهدف إلى رفع ترتيب المملكة على الصعيد الدولي.

وكانت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، قد كشفت عن أبرز مستهدفاتها في ميزانية 2021، وتضمنت 7 أهداف، منها توظيف نحو 115 ألفا من الشباب السعودي في القطاعات المختلفة ممن لم يسبق لهم الدخول لسوق العمل أو انقطعوا عن العمل لما يزيد عن 3 أشهر.

وقالت الوزارة -في “نسخة المواطن لميزانية 2021”- إنها تستهدف توطين 3 مهن نوعية هي مهن المحاسبة والهندسة بالإضافة إلى الاتصالات وتقنية المعلومات.

توطين مهن وأنشطة اقتصادية

تسعى المملكة إلى توطين الوظائف في جميع المهن، وتمكنت، على الرغم من الكثير من التحديات والصعاب التي واجهتها في هذا الصدد، من تحقيق نجاحات لافتة على هذا الصعيد.

وتسعى المملكة؛ عبر برامج وأهداف رؤية 2030، إلى توفير الوظائف لأبناء وبنات الوطن، خاصة أصحاب المؤهلات العلمية، كما تسعى في الوقت ذاته إلى تقليص العمالة الأجنبية في جميع القطاعات وفرض التوطين على الكثير من المهن، خاصة: الهندسة، الطب والصيدلة، الاستثمار والاقتصاد والإدارة، وظائف البنوك، وشركات الاستثمار والتأمين.

وبدأ، في 20 أغسطس المنصرم، تنفيذ قرار وزارة الموارد البشرية بتوطين منافذ بيع الجملة والتجزئة في 9 أنشطة اقتصادية بنسبة 70% في إطار جهودها لدعم خطط توظيف السعوديين والحد من البطالة بالتعاون مع القطاعين العام والخاص.

وبنهاية عام 2020، قررت السعودية توطين المهن المحاسبية في القطاع الخاص التي يعمل بها 5 عاملين فأكثر من ذوي المهن المحاسبية بنسبة 30%. ويستهدف ذلك القرار توفير أكثر من 9800 فرصة وظيفية.

ويتوقع أن يسهم قرار توطين الوظائف في السعودية، في ارتفاع عدد السعوديين الداخلين إلى سوق العمل في القطاع الخاص إلى أكثر من 50 ألف مواطن ومواطنة؛ إذ بلغ عدد شاغلي هذه المهن من المواطنين قبل صدور القرار 21 ألفًا.

مكاسب نوعية تنافسية

ما بين توطين الوظائف في السعودية ومعدلات البطالة علاقة عكسية، فكلما زادت نسب التوطين انخفضت معدلات البطالة، تلك علاقة إحصائية لا مجال لدحضها أو التشكيك فيها، فهي علاقة منطقية أكثر من كونها ذات دلالة إحصائية. وتسعى المملكة العربية السعودية دائمًا إلى التخطيط لخفض معدل البطالة إلى 7% ضمن “رؤية 2030”.

وقد أبرز المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية «ناصر الهزاني» نتائج توطين الوظائف في القطاع الخاص، وآثاره على زيادة نسب توطين السعوديين في الوظائف، حيث بدأ ظهور آثارها بزيادة توظيف السعوديين بوتيرة متصاعدة، وسعودة البرامج المتعلقة بهذا الشأن مع عودة المنشآت لأوضاعها الطبيعية.

وتراجعت معدل البطالة في السعودية في الربع الثالث من 2020 إلى 14.9% من 15.4% في الربع الثاني.

واستكمل «متحدث الموارد البشرية»: إن برامج التوطين انعكست على رؤية المملكة في تمكين المرأة بسوق العمل؛ فانخفضت بطالة الإناث، مقارنة بالعام الماضي، وذلك من خلال الإجراءات التي تمت بشراكة مع الأجهزة الحكومية للسيطرة على معدل البطالة، منوهًا بأن التوظيف ركز على الخريجين الذين ليس لديهم خبرة أو الذين أمضوا وقتًا في البحث عن عمل.

كما تهدف قرارات التوطين في القطاع الخاص إلى توفير فرص عمل لائقة للكوادر الوطنية المؤهلة في سوق العمل، وتعزيز التوطين المنتج والمستدام.

وختامًا، يمكن القول: إن التوطين في القطاع الخاص، وتحديدًا، في المهن التي ترتبط بعصب الاقتصاد تعد أحد أهم متطلبات رؤية 2030 وأهم عناصر المحتوى المحلي، مما يساهم في خلق سوق عمل جذاب ومرن بمتغيرات تنافسية تواكب التطورات المتسارعة على مستوى الاقتصاد العالمي، قادر على تعزيز الازدهار الاقتصادي والتنمية المستدامة.

ربما يعجبك أيضا