في ذكرى احتراقها .. أجراس “نوتردام” تقرع من أجل الأطباء

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

اليوم يمر عام على حريق كاتدرائية “نوتردام” القابعة وسط العاصمة الفرنسية، والتي تعتبر واحدة من أشهر كاتدرائيات العالم تقف منذ مئات السنين، شاهدة على أحداث تاريخية مهمة في باريس .

تعرضت كاتدرائية”نوتردام”، والتي تعني “كاتدرائية سيدتنا” “المقصود بها “مريم العذراء”، لحريق هائل في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وبعد عام على اندلاع الحريق في الكاتدرائية، ما زال المبنى في مرحلة “طوارئ مطلقة”، ولم تبدأ بعد أعمال الترميم الفعلية بسبب قرار الحظر بعد تفشي “كورونا”.

واليوم من المنتظر أن يقرع الجرس الكبير للبرج الجنوبي للكاتدرائية نوتردام، في ذكرى مرور عام على اندلاع الحريق فيها.

الجرس من أجل الأطباء

قرر الجنرال “جان لوي جورجلين” رئيس المؤسسة العامة المكلفة بترميم هذا الموقع الواقع في العاصمة الفرنسية “قرع الجرس بالتزامن مع تصفيق الفرنسيين للطواقم الطبية التي تتعامل مع مرضى فيروس كورونا”. 

وتملك نوتردام جرسين ضخمين في البرج الجنوبي هما “إيمانويل” و “ماري”، ويزن “إيمانويل” 13 طنا ومضربه 500 كيلوجرام، وهو ثاني أكبر جرس في فرنسا بعد جرس كنيسة القلب المقدس.

ويقرع خلال الاحتفالات الدينية الكبرى والمناسبات المهمة، مثل انتصارات عامي 1918 و1945 في الحربين العالميتين والانتخابات ووفاة الباباوات.

كورونا تمنع

تأخرت أعمال الإنقاذ وإعادة الإعمار بأشهر عن الموعد المحدد فبعد مرور اثني عشر شهراً، أظهر مراقبو الحركة أن الهيكل القوطي لم يتحرك ولكن ما يزال يتعين تأمينه.

ومع قرار الحجر الذي اتخذته السلطات الفرنسية في وقت تقاتل فيه أوروبا لاحتواء تفشي الفيروس التاجي، تعطل العمل الدقيق لجعل نوتردام آمنة بشكل مفاجئ.

وتعذّر الالتزام بتدابير التباعد الاجتماعي والحواجز الأمنية التي أمرت بها السلطات في الموقع، لذلك تم إرسال العمال إلى منازلهم، عندما أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون الأمر بالبقاء في المنزل في 17 مارس، كان العمال على بعد أسبوع من البدء بتفكيك آلاف قطع السلالم المتبقية في الكاتدرائية.

وكان من المقرر عمل إزالة السلالم في فصل الخريف، ولكن تم تأجيلها، غير أن الجهات المانحة لم تتراجع حتى الآن عن التزاماتها، على الرغم من تأثير الإغلاق على عائدات الأعمال، حسبما قال جيريمي باترييه-ليتوس، الذي يرأس الاتصالات في الوكالة التي تقوم بترميم نوتردام.

تاج الشوك

ترأس رئيس أساقفة باريس “ميشال” أوبيتي الجمعة الماضية، قداس الجمعة العظيمة في كاتدرائية “نوتردام ” لأول مرة منذ احتراقها، وتقديم لمحات عن تاج السيد المسيح “تاج الشوك”.

ورافق رئيس أساقفة باريس 7 أشخاص فقط، وكاميرات تلفزيونية، واتخذت إجراءات مشددة لتأمين المكان علماً أن الكاتدرائية القوطية، فقدت سقفها، في حين ما يزال برج الجرس متداعياً وهشاً.

وجاءت رسالة الكاتدرائية خلال احتفال صغير بمناسبة “الجمعة العظيمة”، والذي أقامه رئيس أساقفة باريس، ميشيل أوبيتيت، واقتصر الحضور فيه على 7 أشخاص، بمن فيهم هو، وذلك بسبب إجراءات الإغلاق في البلاد، لكن تابع الحدث الكثيرون عبر شاشة التلفزيون، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وقال أوبيتيت في رسالته خلال الاحتفال:

“قبل عام، كانت هذه الكاتدرائية تحترق، ما تسبب في حيرة، ولكننا اليوم في هذه الكاتدرائية نصف المنهارة لنقول إن الحياة مستمرة”.

وأشار إلى أن “العالم تم إسقاطه وتعرض للشلل بسبب وباء ينشر الموت، بينما نحتفل بعيد الفصح، سنحتفل بالحياة التي هي أقوى من الموت، والحب أقوى من الكراهية”.

ويعتبر احتفال “الجمعة العظيمة” هو ثاني خدمة عقدت في كنيسة نوتردام منذ الحريق الضخم الذي نشب فيها في 15 أبريل 2019.

واستمرت احتفالية “الجمعة العظيمة” لمدة ساعة واحدة فقط.

أحدب نوتردام

يمثل المبنى الذي تم الانتهاء منه عام 1345 تحفة الفن والعمارة القوطية، الذي ساد القرن الثاني عشر حتى بداية القرن السادس عشر، ويعد من المعالم التاريخية والمعمارية في فرنسا ومثالا على الأسلوب القوطي الذي عرف باسم “أيل دوزانس”.

وزادت شهرة الكاتدرائية بعد ذكرها كمكان رئيسي للأحداث في رواية “أحدب نوتردام” الشهيرة، للكاتب فيكتور هوغو، في عام 1831.

وفي عام 1548، تعرضت الكاتدرائية لدمار بعض ممتلكاتها جراء أعمال شغب في باريس، كما خضعت لتعديلات كبرى أثناء عهد لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر، كجزء من محاولة مستمرة لتحديث الكاتدرائيات في جميع أنحاء أوروبا.

الأحجار المقدسة

في مارس الماضي وبعد إعلان الحظر في باريس بسبب تفشي “كورونا” حاول زوجان من اللصوص سرقة الأحجار الكريمة من داخل كاتدرائية نوتردام، وعندما ألقت شرطة باريس القبض على الرجلين كانا مخمورين ويختبئان تحت غطاء من القماش المشمع وكانا لا يزالان بحوزتهما الأحجار المقدسة التي استولوا عليها من الكاتدرائية.

وكان اللصوص يعتزمون بيع الأحجار في السوق السوداء ، وذلك لجلب ثروة صغيرة.

البداية

بدأ العمل في إنشاء الكاتدرائية في جزيرة “إيل دي سيتيه” وسط نهر السين في باريس تحت حكم الملك لويس السابع في عام 1163، ووضع حجر الأساس للكاتدرائية بحضور البابا ألكسندر الثالث، ولكن بناء الكاتدرائية لم يكتمل إلا في عام 1345، ومنذ إكمال تشييدها، أصبحت الكاتدرائية مسرحا للعديد من الأحداث التاريخية، ففي عام 1431، توّج الإنجليزي هنري السادس ملكا على فرنسا في الكاتدرائية.

كما شهدت الكاتدرائية تتويج نابليون بونابارت إمبراطورا في عام 1804، كما شهدت تأبين الرئيسين تشارل ديجول وفرنسوا ميتران.

ربما يعجبك أيضا