في ضيافة روسيا.. انطلاق منتدى فالداي وأزمات الشرق الأوسط حاضرة بقوة

حسام السبكي

حسام السبكي

قبل أيامٍ قلائل، انطلقت فعاليات النسخة السنوية الـ 16 من منتدى “فالداي” الدولي للنقاش، الذي تستضيفه مدينة سوتشي الروسية، من الإثنين 30 سبتمبر وحتى اليوم الخميس 3 أكتوبر، بمشاركة نخبة من الخبراء والمسؤولين وصناع القرار، في عددٍ من الدول، أبرزها منطقة الشرق الأوسط، التي تشكل أبرز مناقشات المشاركين في أعمال المنتدى الدولي.

وتحت شعار “النظام العالمي: نظرة من الشرق”، ومن المقرر أن يناقش المنتدى دور ونفوذ الشرق المتصاعد على الساحة العالمية، وتسوية قضية الشرق الأوسط، وبناء أسس التعاون في الفضاء الأوراسي الكبير، والتعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وسيتم تسليط الضوء على توجهات السياسة الخارجية الروسية، واهتمام موسكو بالتعاون مع دول الشرق الأوسط، باعتبارها مركزًا لتشابك مصالح الدول العظمى.

الأزمة السورية

البداية من الأزمة السورية، التي عكست تصريحات المسؤولين مدى جسامتها وخطورتها، جاءت أولى التصريحات في هذا الجانب، من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.

فقد أكد وزير الخارجية الروسي، أن بلاده بدأت تلتمس ما وصفه “بارقة تفكير سليم” في التعامل بين روسيا والدول الغربية بشأن المسألة السورية.

وأوضح الوزير الروسي، أنه “عبر اتصالاتنا مع الزملاء الأمريكيين والغربيين، رحبوا بالاتفاقات التي تم التوصل إليها بمساعدة “صيغة أستانا” بين الحكومة والمعارضة السوريتين بشأن تشكيل اللجنة الدستورية وتحديد قواعدها وإجراءاتها”.

في هذا السياق، عبر لافروف عن أمل موسكو في أن تتحلى الأمم المتحدة بعدم التحيز في مساعدتها اللجنة الدستورية، مشيرا إلى أن العمل الذي ينتظر الجميع مستقبلا “أصعب بكثير” مما سبق.

وفي سياق اللجنة الدستورية السورية، أعرب رمزي رمزي نائب المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، عن سعادته بتشكيل اللجنة، وأن الوقت لا يزال مبكرا حتى نعرف كيف ستتطور، وأضاف: أعتقد أن الوثائق موجودة حول اللجنة وأسلوب عملها والإجراءات، وكأي وثيقة خضعت لمفاوضات طويلة، والمنتج النهائي هو عبارة عن توازن المصالح المختلفة.

وتابع رمزي: “الحكومة السورية تفسرها بشكل، والمعارضة تفسرها بشكل آخر، وحتى الدول الإقليمية والعالمية لها تفسيرات مختلفة، وسوف نرى كيف سيتم التعامل مع هذه التفسيرات المختلفة بشأن هذه الوثيقة، لكنها خطوة مهمة، وأنا آسف جدا أنها لم تحدث قبل عام من الآن”.

على جانبٍ آخر، لفت لافروف إلى أن بلاده ترغب في الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا، في قاعدة حميميم الجوية، ونقطة الإمداد البحرية في طرطوس، مشيرًا إلى أن هذا الوجود يأتي بموافقة من الحكومة الشرعية لدولة عضو في الأمم المتحدة، وأن روسيا تعتزم “استخدام هذا الوجود لدعم الأمن والسلام في هذا البلد والمنطقة بأسرها فقط، دون محاولة فرض إرادتها على أحد”.

ودون إفصاح عن مزيدٍ من التفاصيل، اتهم وزير الخارجية الروسي واشنطن بمحاولة استخدام الأكراد لعزل شرق الفرات عن الأراضي السورية.

وبشأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، أكد لافروف أن ذلك يتوقف على موقف المملكة العربية السعودية من النظام السوري.

وأوضح وزير الخارجية الروسي، أن الرياض صوتها مسموع في المنطقة وخارجها، وبالتالي عودة دمشق إلى “العائلة العربية” في إشارة إلى “الجامعة العربية”، يتوقف على موقف حكام المملكة من نظام الأسد.

يذكر أن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، كان قد ذكر في وقت سابق، أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية يمنح المنظمة إمكانية المساهمة المباشرة في التسوية السورية، وأن المسألة تمت مناقشتها خلال المنتدى الوزاري الروسي-العربي.

وحول التدخل الروسي في سوريا والمزاعم حول وجوده “لإنقاذ النظام” أجاب لافروف: “فيما يتعلق بفكرة إنقاذ النظام علي أن ألاحظ التالي، سياساتنا الخارجية لم تقم في أي يوم على شخصنة الأحداث، نحن لا نتمسك بأشخاص محددين، ولا نقف مع أحد ما ضد شخص آخر”، مشيراً إلى أن موسكو “لبّت طلب السلطات السورية وقدمنا لها المساعدة في الحرب على الإرهاب”.

كما أوضح وزير الخارجية الروسي، أن موسكو تنتظر وفاء الرئيس الأمريكي بوعده الذي أطلقه عام 2018 بسحب القوات الأمريكية من سوريا.

وأضاف: “إيران موجودة في سوريا بطلب من دمشق، خلافاً للولايات المتحدة عندما تهزم عناصر داعش (المحظورة في روسيا) الرئيسية في سوريا، تبرز أسئلة حول الغرض من استمرار الوجود الأميركي على الأراضي السورية. هناك شعور قوي بأن مهمة واشنطن هي منع استعادة السلامة الإقليمية لسوريا، في انتهاك مباشر لقرار مجلس الأمن 2254”.

التطرف الديني والسياسة

من بين أبرز الموضوعات المطروحة على مائدة النقاش خلال منتدى فالداي أيضًا، قضية “التطرف الديني”، وعلاقته بالسياسة.

في هذا السياق، قال رمزي رمزي نائب المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، إن “التطرّف الديني لا يقتصر على دين واحد، بل هو موجود في المسيحية واليهودية كما في الإسلام بالإضافة إلى الأديان الأخرى”.

وتابع رمزي: “لقد أتيت من مصر حيث يوجد تطرف ديني، وتحدثت اليوم عن أصل التطرّف الديني والإخوان المسلمين وكيف تطور هذا التطرّف عبر الزمن، واقترحت لمواجهة هذا التطرّف بأنه يجب علينا توحيد المسؤوليات والجهود بين الحكومات في العالم الإسلامي وفي العالم بشكل عام”.

وأكمل رمزي: “هناك مشكلة أخرى هي أن القوى المتطرفة استخدمت الدول الحرة لبناء ترسانة لها من التقنيات والتمويل، وأتذكر أن أيمن الظواهري كان يدير شوارع كاملة في مدن أوروبية، وجميعنا يعلم ماذا حدث بعدها في أفغانستان، لذلك فالأمر معقد قليلا وصعب الحال”.

روسيا وأفريقيا

تحت عنوان “أفريقيا: الآفاق والفرص، المخاطر والتهديدات”، عقدت جلسة على هامش منتدى “فالداي” الحواري، في منتجع كراسنويا بالانيا في مدينة سوتشي الروسية.

وتحدث في الجلسة كل من سفير دولة بنين السابق في روسيا، أنسيت غابرييل كوتشوفا، واليزابيث سيديربولوس، الرئيسة التنفيذية لجامعة العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا، وألكسندرا أرخانغلسكيا الباحثة في كلية الدراسات الأفريقية في جامعة موسكو، بالاضافة إلى متحدثين آخرين.

وقال السفير السابق لدولة بنين: “لا يجب أن ننسى أنه خلال 3 أسابيع ستعقد القمة الأفريقية الروسية في مدينة سوتشي، ونذكر أن الاتحاد السوفيتي كان دائما إلى جانب أفريقيا، والكثير من الدول الأفريقية حصلت على استقلالها بمساعدة الاتحاد السوفيتي، كما يمكن أن نرى عدد المشاريع الهائل التي قام بها الاتحاد السوفيتي في القارة”.

وأكمل: “روسيا لم تخرج أبدا من أفريقيا، على الرغم من كل الأحداث والتغيرات العالمية، ونتمنى أن تكون هذه القمة خطوة أولى لتستعيد روسيا مكانتها في أفريقيا”.

وختم السفير السابق: روسيا لم يكن لديها مستعمرات أبدا في أفريقيا، ولم تملي رغباتها على أي من الدول الافريقية، بل كان دورها فقط كصديق ولمساعدة القارة، وروسيا تريد التعاون وعلاقة ندية مع أفريقيا، وهي شريك أمن بالنسبة لنا، لذلك نحن ننتظر روسيا هناك وننتظر المستثمرين في أفريقيا.

التوتر الإيراني – الأمريكي

فيما يتعلق بالأزمة الإيرانية الأمريكية، اعتبر وزير الخارجية الروسي محاولات الولايات المتحدة عزل إيران وإجبارها على الاستسلام، سياسة قصيرة النظر.

وقال: “للأسف وضعت واشنطن نصب عينها مهمة شيطنة إيران وعزلها وإجبارها على الاستسلام. لا أعتقد أن هذه سياسة بعيدة النظر”، مضيفا أن الاتهامات الأمريكية المختلفة لإيران لا تستند إلى أي حقائق مقنعة.

مع ذلك، لم يستبعد لافروف احتمال عقد لقاء قمة بين الولايات المتحدة وإيران في مرحلة ما، مضيفا أن موسكو ستكون بين المرحبين بمثل هذا اللقاء والنظر بشكل نزيه في المشاكل التي تعيق سبيل الاتفاق النووي.

مشاركات رسمية

على هامش منتدى فالداي للحوار، أعلن في عمّان أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني غادر إلى موسكو، اليوم الخميس، في زيارة يبحث خلالها الرئيس الروسي فلاديمير مع ملك الأردن العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، والتطورات الإقليمية الراهنة.

ويشارك الملك عبدالله الثاني في أعمال منتدى “فالداي” للحوار، برفقة رئيس كازاخستان، قاسم دجومارت، ورئيس أذربيجان، إلهام علييف، ورئيس الفلبين، رودريغو دوتيرتي.

وحول مشاركة الرئيس الفلبيني، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفلبينية أميليتا أكينو، إن الرئيس رودريغو دوتيرتي يعتزم المشاركة في منتدى “فالداي” وسيلقي كلمة هناك، وكذلك سيلقي محاضرة للدبلوماسيين المبتدئين الروس.

في وقت سابق أفادت الأنباء، بأن روسيا والفلبين ستوقعان على عدد من الاتفاقيات الثنائية، في مجال الثقافة والصحة والعلوم، خلال الزيارة المقبلة للرئيس الفلبيني إلى موسكو.

ربما يعجبك أيضا