في لبنان.. واشنطن تعاقب «الصهر» وملف الحكومة يواجه المجهول

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

في خطوة تصعيدية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أمس الجمعة، فرض عقوبات على السياسي اللبناني جبران باسيل، واعتبرته رمزا من رموز الفساد في لبنان، وذلك بعد نحو شهرين من فرضها عقوبات مماثلة على الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس “عضو تيار المردة” وعلي حسن خليل “النائب عن حركة أمل” على خلفية دعمها لحزب الله والانخراط في الفساد.

وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشين -أمس، عند إعلانه عن العقوبات على باسيل-  إن الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني المتمثل في باسيل ساعد على تآكل أسس حكومة فاعلة تخدم الشعب اللبناني.

وأضاف: هذا التصنيف يظهر كذلك أن الولايات المتحدة تدعم الشعب اللبناني في دعواته المستمرة للإصلاح والمساءلة.

باسيل وحزب الله

بموجب قرار الخزانة الأمريكية سيتم تجميد كل الأصول العائدة لباسيل في الولايات المتحدة، وكذلك حساباته المصرفية في المصارف اللبنانية التي تجري تعاملاتها بالدولار.

القرار في مضمونه يتهم باسيل وهو وزير سابق وزعيم التيار الوطني الحر وصهر الرئيس اللبناني ميشال عون بالضلوع في عمليات فساد ممنهج، وعلى الرغم من أنه لم يذكر علاقة وزير الخارجية السابق بحزب الله، إلا أننا لا يمكننا النظر إليه بمعزل عن القرارات السابقة التي طالت شخصيات لبنانية تجمعها علاقات مباشرة بالحزب المحظور في الولايات المتحدة، حيث تصنفه كمنظمة إرهابية بسبب سجله في الهجمات في الخارج وكونه أحد أهم أذرع إيران بالمنطقة.

الوزير باسيل لديه علاقات تحالف وطيدة مع حزب الله، ومن المعلوم أن والد زوجته وصل إلى الحكم قبل نحو أربعة أعوام عبر دعم الحزب، وأن باسيل يسعى إلى خلافة عون في الرئاسة وبحسب الأوساط اللبنانية حاول “الصهر” خلال الفترة الأخيرة الحصول على تعهدات من السيد حسن بأن يكون مرشحه الوحيد للرئاسة، لكن يبدو أن أحلام باسيل الرئاسية قد تبخرت بفعل هذه العقوبات.  

وفي أول تعليق له على قرار العقوبات كتب باسيل  -عبر “تويتر”- لا العقوبات أخافتني، ولا الوعود أغرتني، مضيفا: لا أنقلب على أي لبناني، ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان.

تغريدة باسيل وإن كانت غامضة إلا أنه قد يفهم منها تمسكه بالتحالف مع حزب الله وبموقفه المعارض لتسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة.

من جانبه لم يتراجع حزب الله عن تحالفه مع التيار الوطني الحر – الذي أسسه عون قبل سنوات- وأخر دليل على هذا التحالف بيانه صباح اليوم، الذي ندد خلاله بالعقوبات الأمريكية معتبرا إياها تدخلا سافرا في الشأن اللبناني الداخلي، معلنا تضامنه الكامل مع التيار وزعيمه.

قبل ذلك أكد حزب الله على هذا التحالف عبر موقفه من تكليف الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة إذ رفض الحزب والتيار معا تسمية الحريري، لكن حزب الله دائما ما يتعامل ببراجماتية فبعد أن قدم له الحريري وزارة المالية -التي كانت أساس تفخيخ محاولات السفير مصطفى أديب لتشكيل حكومته- فمن غير المتوقع أن يقدم على خطوة كبرى للرد على عقوبات باسيل، خصوصا أن الأخير سبق وأن حاول استهدف سلاح الحزب منتصف هذا العام عندما تحدث عن قوى الأمر الواقع على المعابر الحدودية مع سوريا، والأهم أن الحزب ليس في وارد تحمل أثم التعطيل الحكومي في وقت يحتاج فيه إلى غطاء الشرعية أكثر من أي وقت مضى.

ملف الحكومة يتأرجح

لكن إذا كان حزب الله لن يتراجع عن تقاربه الحكومي مع الحريري، فإن التيار الوطني على أتم الاستعداد لذلك، فبحسب ما نقلته وكالة “رويترز” أمس، عن مصدر لبناني مطلع، العقوبات الأمريكية على باسيل ستدفع “التيار الوطني الحر” على الأرجح إلى تشديد موقفه في ملف مفاوضات تشكيل الحكومة.

من المعلوم أن التيار الوطني بالفعل لديه تحفظات على مقاربة الحريري لتشكيل الحكومة وتحديدا على منح وزارة المالية للشيعية، وهو موقف قد يتشدد فيه أكثر بسبب العقوبات.

بحسب صحيفة “الجمهورية” اللبنانية، هناك خلاف بين عون والحريري بشأن بعض الأسماء المطروحة أو التي ما زالت قيد المفاوضات لتسميتها لوزارات بعينها، وذلك بعد التوصل إلى صيغة لتوزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والتيارات السياسية المختلفة بدون ثلث معطل، بمعنى تشكيل حكومة من 18 وزيرا 6 وزراء لفريق رئيس الجمهورية و6 للحريري وجنبلاط، و6 لحركة أمل وحزب الله وتيار المردة.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من الحريري القول: إن سحب وزارة الطاقة من التيار الوطني الحر، لا علاقة له بالعقوبات على باسيل، إذ إن الأمر جرى التوافق عليه مع رئيس الجمهورية قبل الإعلان عن العقوبات، وستكون وزارة الاتصالات محل “الطاقة” في حصة فريق رئيس الجمهورية، وكذلك الداخلية والدفاع.

بحسب نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، العقوبات على باسيل ليست جديدة وكان الرئيس عون على علم مسبق بها، وكان يفترض أن تعلن قبل أسبوعين لكن تدخلات لبنانية أدت إلى تأخيرها، وقال الفرزلي -في تصريح لـ”الشرق الأوسط”- يفترض ألا تنعكس العقوبات على مسار تشكيل الحكومة، خاصة وأن باسيل لن يشارك شخصيا في الحكومة ومشاركته في صناعة الواقع السياسي اللبناني سواء مباشرة أو عبر رئيس الجمهورية، لن تتأثر بأي حال من الأحوال بالعقوبات.

صحيفة اللواء” اللبنانية، نقلت اليوم عن مصادر في فريق “8 آذار” – الذي يشكله في الأساس التيار الوطني وحزب الله وحركة أمل والمردة-  أن العقوبات على باسيل تؤكد إصرار واشنطن على ملاحقة حلفاء حزب الله، وهو ما يعني إقحام وضعية دولية جديدة في تعقيدات المشهد اللبناني، ما يزيد الطين بلة ويجعل مصير تشكيل الحكومة في خبر كان.

عون في مأزق

في لبنان كما هو معروف يجب على الرئيس أن يكون “بي الكل”، وعون هنا أمام مشكلة كبرى فمن ناحية هو مطالب بتسهيل مهمة الحريري والوفاء بتعهداته للرئيس الفرنسي – الذي تعهد عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت بحشد المجتمع الدولي لدعم لبنان في محنته الاقتصادية بمجرد ولادة حكومة إصلاحات- ومن ناحية أخرى سيكون من الواجب عليه الدفاع عن صهره وذراعه الأيمن.

في أول ردة فعل له، طالب عون اليوم، وزير الخارجية​ في ​حكومة​ تصريف الأعمال شربل وهبة بإجراء ​الاتصالات​ اللازمة مع  واشنطن، للحصول على الأدلة التي يستند إليها قرار العقوبات على باسيل، وشدد على أن هذه الأدلة يجب أن تسلم للقضاء اللبناني لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية.

ربما هذا الإجراء العوني هو لحفظ ماء الوجه أمام الصهر، فمن غير المتوقع أن يقدم له أكثر من ذلك، إلا ببعض المراوحة في ملف الحكومة والتي في الأخير ستخرج إلى النور، حتى لا يحرج لبنان بأكمله أمام المجتمع الدولي.

ربما يعجبك أيضا