في مواجهة العدو الأكبر للبشرية.. العالم أضحى ثكنة عسكرية

كتب – حسام عيد

واقع اليوم يصعب التفريق بينه وبين المتخيل، فوباء كورونا المستجد الذي أضحى فاشية تهدد البشرية، أحدث نقطة فاصلة بين عالم ما قبل الفيروس وما بعده، وانتشاره الجائح بمفاصل مختلف الدول قد يترك بصمة على الخريطة السياسية وآليات المنظومة العالمية.

وهذا ما بدأ يحدث فعليًا، ففي الوقت الذي نعد فيه تقريرنا هذا عن تداعيات فيروس كورونا البالغة الخطورة، وهرولة الحكومات والأنظمة لاتخاذ تدابير وإجراءات وحزم تضمن معها الحفاظ على إرثها من الموارد البشرية والاقتصادية، خرجت الجيوش من ثكناتها العسكرية حول العالم لتعد عتيدها وعتادها لمحاربة العدو الأكبر، فيروس كورونا المستجد.

ساحة المعركة وسط المدن وبين الأهالي والمدنيين، وبأسلحة مختلفة هذه المرة، المطهرات والمعقمات.

ولعلّ من أهم الأدوار التي قد يستطيع الجيش لعبها، هو تفعيل طواقمه العسكرية الطبية كما حدث في فرنسا، وكذلك الصين، التي استغلت خبرة الطواقم العسكرية العاملة في مجال الأوبئة للتعامل مع المرض.

وينطبق هذا أيضاً على الكوادر الطبية العسكرية في الدول العربية، ومن بينها مصر.

الاستنفار الأضخم من الصين

الصين بؤرة انطلاق الفيروس هي الدولة الأولى التي اتخذت هذه الخطوة منذ 25 يناير الماضي؛ حين انتشر الجيش في مقاطعة هوبي التي تضم مدينة ووهان، ومنع حركة السير والقطارات والطائرات في المدينة.

كما أرسل الجيش ثلاث طائرات تضم 450 طبيبًا عسكريًا إلى المناطق الموبوءة لاحتواء الفيروس.

كما لعبت القوات المسلحة الصينية دورا استراتيجًا هامًا في إمداد مدينة ووهان بالمستلزمات الطبية والسلع الغذائية.

تعبئة الجيوش الأوروبية

في دول الاتحاد الأوروبي أصبح الجيش أحد سبل مواجهة الفيروس، فإيطاليا التي تعتبر ثاني أكثر دول العالم تضررًا بعد الصين، استعانت بالجيش لتطبيق الحظر والعزل على أكثر من 16 مليون شخص في مدن الشمال.

مهمة أخرى أوكلت للجيش الإيطالي بعد تجاوز الوفيات الثلاثة آلاف، حيث بدأ دعمه خدمات دفن الموتى بنقل الجثث ودفنها أو حرقها.

بينما قامت فرنسا باستدعاء جنودها لتطبيق حالة الطوارئ، ونشرت قواتها في المناطق المتضررة، في حين أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن بدء إقامة مشفىً عسكري في منطقة الإلزاس، القريبة من الحدود الألمانية.

فيما لجأت إسبانيا للجيش بالفعل لفرض حظر التجول، أما السلطات السويسرية فقررت تعبئة نحو 8000 جندي لتقديم يد المساعدة للحكومة في حال تفشي المرض.

وفي ألمانيا، أعلنت الحكومة على لسان وزيرة الدفاع أنيغريت كرامب-كارنباور أن الجيش الألماني يجري استعداداته للمساعدة في جهود التعامل مع أزمة فيروس كورونا في حالة تعرض المؤسسات المدنية الأخرى لضغوط تفوق طاقتها في التعامل مع تفشي الفيروس.

وقالت الوزيرة “نستعد لأسوأ الاحتمالات إذا أصيب عدد كبير جدا من الناس، ولدينا الموارد البشرية للمساعدة”. ووصفت كرامب- كارنباور مكافحة فيروس “كوفيد-9” بأنه ماراثون.

وأجريت اتصالات بالفعل مع مئات من ضباط الاحتياط الطبيين بالقوات المسلحة وسيكون الجيش قادرًا على حماية البنية الأساسية الحيوية وتوزيع المعدات الطبية والأدوية إذا لزم الأمر.

تطهير ودفاع بيولوجي في كوريا الجنوبية والفلبين وإيران

أما الجيش الكوري الجنوبي فيعمل على تعقيم محطات القطارات والشوارع والأرضيات، لتحذو حذوه قوات الجيش في العاصمة الفلبينية، مانيلا، التي تعمل حاليًا بالتعاون مع خفر السواحل على تطبيق الإجراءات الوقائية.

بينما تستعد إيران لمناورات الدفاع البيولوجي كما أعلنها القائد العام للجيش عبدالرحيم موسوي ليؤكد أن القوات المسلحة ستتصدى لانتشار كورونا في البلاد.

مطالبات حثيثة لتحريك الجيش الأمريكي

مدينة نيويورك من جانبها طالبت البيت الأبيض بتحريك الجيش في الولايات المتحدة للمساعدة في مكافحة كورونا.

وهذا ما دفع الرئيس دونالد ترامب لإعلان عزمه الطلب من الجيش بناء مستشفيات مؤقتة لاستقبال المصابين بالفيروس وعزلهم.

جاهزية قصوى للجيوش العربية

أما عربيا، فقد أصدر مجلس الدفاع الأعلى في لبنان بيانًا دعا فيه إلى التعبئة العامة للجيش لمواجهة انتشار الفيروس، كما بدأ في تسيير مروحيات عسكرية تدعو المواطنين للبقاء في منازلهم، إضافة لتسيير دوريات للمراقبة.

وكان الأردن من بين الدول التي استخدمت جيشها في تطويق المدن إلى جانب عدد من المنشآت والمؤسسات، ومنع حركة المواطنين، ضمن ما يطلق عليه بـ “قانون الدفاع”، والذي يمنح بموجبه الحكومة صلاحيات مطلقة.

أما تونس فقد أعلنت على لسان رئيسها قيس سعيد عن جاهزية الجيش للتدخل في حال تطور الأوضاع الصحية بشكل متسارع.

وفي مصر فإن الجيش قام بتدريب عناصره، استعداداً لمواجهة الفيروس إذا تطلب الأمر تدخله، ورفع جاهزيته، كما باشر عناصر عسكريون بتعقيم المنشآت العامة وتطهيرها.

وفي الكويت، دخلت وزارة الدفاع على مسار إدارة أزمة كورونا، عبر إعداد وتجهيز مخيم الجيش بمنطقة الصبحان كمشفى ميداني، إضافة لتجهيز محاجر صحية أخرى بالجهراء وزيادة غرفة العناية المركزة بمستشفى جابر الأحمد.

بينما فرضت السلطات العراقية حظرًا للتجول في أرجاء البلاد لمدة أسبوع وانتشر عناصر من خلية إدارة الأزمة في الشوارع لتطبيق القرار.
 

ربما يعجبك أيضا