في يومه العالمي.. “الرق” عودة إلى الوراء

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

كان العالم يظن أن العبودية انتهت بشكل رسمي في جميع دول العالم، ولكن جاءت الأرقام مخالفة للتوقعات فهناك أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ضحايا للرق الحديث.

على أرض الواقع “الرق” الحديث كـ”الرق” القديم مجرد اختلاف كلمات ليس أكثر فهو يتمثل في أنواع متعددة، مثل “العمل الجبري، واستعباد المدين، والزواج القسري، والاتجار بالبشر، وهي تشير أساسا إلى حالات الاستغلال التي لا يمكن للشخص أن يرفضها أو يغادرها بسبب التهديدات والعنف والإكراه والخداع”.

الرقيق عبر الزمان

تجارة الرقيق في أفريقيا موجودة منذ آلاف السنين وكان الطريق الرئيسي الأول لها يمر عبر الصحراء، مربوطا بتجارة الرقيق عند العرب، و بعد عصر الاستكشاف، أصبع العبيد الأفارقة جزءا من تجارة الرقيق عبر الأطلسي لتأتي فكرة الغرب حول العبودية كنظام اجتماعي لأحفاد العبيد وغير مالكي العبيد الأفارقة، ورغم كونها غير شرعية، فإن تجارة الرق ما زالت مستمرة في بعض الأجزاء من العالم، بما في ذلك أفريقيا وخاصة في “موريتانيا” التي عانت حتى العقد الأخير من انتشار هذه الظاهرة.

أرقام تساوي أرواحا

يُقدر عدد الأشخاص الذين يعيشون في الرق الحديث بنحو 40.3 مليون شخص، منهم 24.9 في السخرة و15.4 مليون في الزواج القسري، أضف إلى ذلك 5.4 ضحايا للرق الحديث لكل 1,000 شخص في العالم.

ومن بين الـ24.9 مليون شخص المحاصرين في العمل الجبري، يتم استغلال 16 مليون شخص في القطاع الخاص مثل العمل المنزلي أو البناء أو الزراعة؛ و4.8 مليون شخص في الاستغلال الجنسي القسري، و4 ملايين شخص في السخرة التي تفرضها سلطات الدولة.

وتتأثر النساء والفتيات بصورة غير متناسبة بالعمل الجبري، إذ يمثلن 99 في المائة من الضحايا في صناعة الجنس التجاري، و58 في المائة في القطاعات الأخرى.

واعتمدت منظمة العمل الدولية بروتوكولاً جديداً ملزماً قانوناً يهدف إلى تعزيز الجهود العالمية للقضاء على العمل الجبري، التي دخلت حيز النفاذ في نوفمبر 2016.

أضف إلى ذلك، يتعرض أكثر من 150 مليون طفل لعمل الأطفال، وهو ما يمثل قرابة واحد من كل عشرة أطفال في جميع أنحاء العالم.

ليبيا تشعل الأزمة 
كان مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعا يوم 28 نوفمبر الماضي في مقر الأمم المتحدة ردًا على المخاوف الدولية المتزايدة بشأن المخاطر التي تواجه المهاجرين واللاجئين وذلك عقب انتشار تقارير إخبارية ومقاطع فيديو تبين مهاجرين أفارقة يزعم أنهم يباعون كرقيق في ليبيا.

يقول”وليام لاسي سوينج” -المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة- إن هذه مأساة إنسانية هائلة، ومن الممكن إيقافها، مؤكدًا ضرورة كسر النموذج الذي ينتهجه المهربون في ممارسة تجارتهم.

وخاطب مجلس الأمن من جنيف “فيليبو جراندى ” المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، مشددًا على أنه لم يعد من الممكن تجاهل هذه الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب ضد المهاجرين.

وأضاف “جراندي”، بعدما اضطروا للفرار من أوطانهم دون إجراءات قانونية تضمن سلامتهم، يتعرض اللاجئون ومعهم المهاجرون لأنواع مريعة من الأذى، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب والاستغلال الجنسي والرق وكذلك أشكال العمالة القسرية ، وأوضح أن مواجهة الظاهرة تتطلب نهجًا متكاملًا يشمل بلدان المنشأ والعبور والبلدان التي يسعى هؤلاء لبلوغها، مشددا على ضرورة تعزيز حماية اللاجئين.

 وقد ساعدت المنظمة الدولية للهجرة 13 ألف شخص على الخروج من مراكز الاحتجاز في ليبيا، وحوالي 8 آلاف آخرين في النيجر، بينما ما زال هناك حوالي 15 ألفًا من المحتجزين في هذه المراكز.

ويخرج علينا الأمين العام للأمم المتحدة، مصدوما من المعلومات التي كشفت أخيرًا عن وجود سوق لتجارة الرقيق في ليبيا، معتبرا أن المسؤولين عنها يمكن محاكمتهم بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية.

 جاء ذلك بعد أن بثت شبكة “سي إن إن” الأمريكية وثائقيا صادما كشف عن وجود أنشطة تجارية بالرقيق قرب طرابلس، وأثار تنديدا واسعا في أفريقيا وأوروبا، ويستغل المهربون الفوضى السائدة في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 وما يرافقها من فراغ أمني ويغرون عشرات الآلاف من المهاجرين الساعين إلى حياة أفضل بفكرة نقلهم إلى إيطاليا التي تبعد 300 كم من السواحل الليبية.

كشف المستور

طرحت “لوموند” الفرنسية سؤالا يتعلق بما إذا كان “بالنسبة للبعض” استعباد الأفارقة أكثر قبولا في السودان أو أفريقيا الوسطى مما هو عليه في ليبيا؟

وأشارت إلى أنه وفقا للمؤشر العالمي للرق، ظل نحو 46 مليون شخص في 167 بلدا عام 2016 يعانون من “الرق الحديث” سواء بالعمل القسري أو الزواج القسري أو “العبودية المنزلية” أو أشكال أكثر حدة.

ونقلت عن تقرير مشترك أعده مكتب العمل الدولي ومؤسسة “ووك فري فاونديشن” الأسترالية في أغسطس أن نحو 13.6% من العبيد في العالم يوجدون في أفريقيا جنوب الصحراء، وخصوصا بجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان والسودان وموريتانيا.

وأشارت إلى أن بلدانا مثل غانا ونيجيريا وإثيوبيا وحتى جنوب أفريقيا -خصوصا عبر صناعة الجنس- تشارك أيضا في ممارسات تتخذ أشكالا عديدة من العبودية وتقوم جميعها على مبدأ اعتبار الإنسان سلعة.

وترى الصحيفة أن “الفضيحة الليبية” أثارت فقط ما خفي في بلدان أفريقية أخرى جراء الاحتراب والفقر ، كما في الهند ونيبال.

وفي ذات السياق تقول”جولنارا شاهينيا”مقررة الأمم المتحدة المعنية بأشكال الرق المعاصر:” أن الرق المعاصر غالبا ما يحدث في المناطق التي يصعب الوصول إليها من الدولة أو ما يعتبر عالما خاصا”

وأشارت إلى أنه يجب مساءلة المجتمعات الغربية ذاتها عن انتشار العبودية بأشكالها المعاصر في دول أوروبية مثل بريطانيا وإيطاليا وغيرها عبر استغلال العمال والعبودية الجنسية في شبكات الدعارة، حيث إن مؤشر الرق العالمي يشير إلى وجود 11 ألفا و700 ضحية لأشكال العبودية المعاصرة في بريطانيا عام 2016.
https://www.youtube.com/watch?v=y4X_TkYpbKM

ربما يعجبك أيضا