قائمة المفوضية الأوروبية.. تَحوُّل الاتحاد الأوروبي نحو اليمين

هل تتمكن أورسولا فون دير لاين من فرض مفوضية أوروبية ذات أغلبية يمينية؟

بسام عباس
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن تشكيل فريقها الذي سيقود أقوى مؤسسة في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الـ5 المقبلة، ومن المتوقع أن يبدأ الفريق الجديد مهامه بحلول نهاية العام.

وعلى الرغم من أن النساء يشكلن غالبية المناصب العليا، فإن التكوين العام للمفوضية لا يرقى إلى هدف فون دير لاين المتمثل في التكافؤ بين الجنسين، في حين يميل سياسيًا إلى اليمين، لا يزال يتعين على البرلمان الأوروبي تأكيد التعيينات.

تغييرات كبيرة

أوضحت مجلة “وورلد بولتيكس ريفيو” الأمريكية، في تقرير نشرته الثلاثاء 10 سبتمبر 2024، أن إعلان فون دير لاين، والذي جاء بعد يوم واحد فقط من استقالة “تييري بريتون” المفاجئة من منصب مفوض السوق الداخلية والتي أثار لغطًا نادرًا ما يحدث في بروكسل، يعيد المفوضية إلى نوع من المساومات والسياسات القائمة على القوة التي تشتهر بها.

وأضافت أن المفوضية، وكما كان متوقعًا بالنظر إلى نتيجة انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي، تحولت إلى اليمين سياسيًا، حيث ذهبت 3 مناصب من الـ 6 البارزة لنائب الرئيس التنفيذي إلى فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، ما يعكس ترتيب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ولكن كما حدث في ولاية فون دير لاين الأولى، فإن الكثير من الرسائل ترسل في عناوين الحقائب الوزارية المختلفة، والتي يمثل العديد منها تغييرات كبيرة في التركيز عن الـ5 سنوات الماضية، وهذه العناوين الجديدة مليئة بالكلمات التي تنقل موقفًا عضليًا وعسكريًا، وفي نفس الوقت وقائيًا واستباقيًا.

تحويل الاتحاد

قالت المجلة إن هناك الكثير من المعاني التي ينبغي لنا أن نستشفها من الدول الأعضاء التي انتزعت حقائب وزارية معينة، وليس من المستغرب أن ترشيح وزير الخارجية الفرنسي السابق، ستيفان سيجورن، مفوضًا للاستراتيجية الصناعية، ما يمثل الانتصار الحاسم لتفضيل فرنسا للسياسة الصناعية على نهج السوق الحرة الليبرالي الجديد الذي تبناه الاتحاد الأوروبي تاريخيًا.

ولعل من المتوقع أيضًا أن تحظى إيطاليا بمنصب نائب الرئيس التنفيذي، فقد أصبحت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني لاعبًا مؤثرًا في بروكسل، ولم تخف غضبها إزاء حقيقة مفادها أن اليمين المتطرف الذي تدافع عنه لم يعد قادرًا على تولي المناصب الـ3 في الاتحاد الأوروبي، وهي منصب رئيس المفوضية ورئيس السياسة الخارجية ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي.

ولكن اختيار الإيطالي، رافائيل فيتو، لتولي حقيبة التماسك والإصلاحات، كان واضحًا ومثيرًا للقلق، فقد كانت ميلوني بمثابة اختبار لقدرة اليمين المتطرف على تحويل الاتحاد الأوروبي من الداخل، وهذا يمثل بوضوح انتصارًا كبيرًا في هذا الصدد، ولكن كلمة “التماسك” تحمل دلالات مشؤومة نظرًا لميول حركتها الهوياتية والقومية.

سيطرة اليمين

أوضحت المجلة إن ذهاب مفوضية الشؤون الداخلية والهجرة إلى النمسا، التي تبنت حكومتها اليمينية المتطرفة لسنوات موقفًا متشددًا بشأن الهجرة، كان ذا دلالة واضحة، رغم أنه ليس مفاجئًا، لأنه ببساطة يعزز تفضيل اليمين المتشدد واليمين المتطرف لـ”أوروبا الحصينة” التي أصبحت حقيقة واقعة في سياسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على مدى الـ5 سنوات الماضية.

ولكن بشكل عام، إذا وصفت فون دير لاين ولايتها الأولى بأنها “مفوضية جيوسياسية”، فإن هذه الولاية تشبه مجلس حرب الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بروسيا وأوكرانيا والتجارة والتكنولوجيا وحتى التحول الأخضر، وفي نواح كثيرة، تمثل هذه الولاية انتصار الرؤية القومية–السيادية لأشد منتقدي الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت أن هذا يعكس التحولات السياسية في أوروبا، والعالم بصفة عامة، ويمكن للمرء أن يجادل فيما إذا كانت هذه التحولات واحتضان الاتحاد الأوروبي لها أمرًا جيدًا أم سيئًا، ولكنها الآن راسخة في رؤية الاتحاد الأوروبي لدوره في حياة الأوروبيين والشؤون العالمية، وعلى هذا فإن تطلعات ميلوني وأمثالها بدأت تتجلى بالفعل في نواح كثيرة.

ربما يعجبك أيضا