قبل الانتخابات.. عمليات القتل السياسي تهز جنوب إفريقيا

إسراء عبدالمطلب

يبدو أن وباء الاغتيالات يؤثر على محاولة المؤتمر الوطني الإفريقي للحفاظ على أغلبيته في البرلمان.


اخترقت رصاصة نافذة منزل بعد منتصف الليل في جنوب إفريقيا، وأصابت طفلاً يبلغ من العمر 4 سنوات، لتستقر في جسد جدته التي كانت نائمة بجانبه.

وحسب صحيفة واشنطن بوست، كانت الضحية نتومبينهلي مشونو، عضو مجلس المدينة البالغة من العمر 75 عامًا، والتي كانت تتحدث بصوت هادئ، ما جعلها هدفًا سهلًا. وكانت وفاة مشونو في أغسطس الماضي بداية لأشهر من الرعب، وشهدت ثلاث هجمات أخرى على زملائها في المجلس وأقاربهم في هذه البلدة الصغيرة الواقعة شمال البلاد.

انتخابات إفريقيا ٢٠٢٤: التحديات والفرص لاستعادة الزخم الديمقراطي – مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية

سلسلة اغتيالات

مع اقتراب الانتخابات الوطنية في جنوب إفريقيا والتي تجرى بعد غد الأربعاء 29 مايو 2024، اهتزت السياسة الوطنية بسبب موجة من الاغتيالات، حيث تم تسجيل 40 حالة منذ بداية العام الماضي. وقد استهدفت بشكل أساسي المسؤولين المحليين والسياسيين والناشطين، ما يؤثر بشكل كبير على نتائج الانتخابات.

وأدت هذه الاغتيالات إلى خلق مناخ من الانفلات الأمني والشلل الحكومي، مما أجج غضب الناخبين. وفشل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في وقف العنف أدى إلى تآكل شعبيته.

وتظهر استطلاعات الرأي الآن أنه من غير المحتمل أن يحصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وبقيادة الرئيس سيريل رامافوسا، على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، مما يزيد من احتمال اضطراره لتشكيل حكومة ائتلافية. وحذر الحزب في وثيقة مؤتمره الأخيرة من محاولات العصابات الراسخة وشبكات الابتزاز لإنشاء أشكال مجرمة من الحكم.

فساد حكومي

أشار الباحث في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، رومبيدزاي ماتامبا، إلى أن الاغتيالات على مستوى البلديات تؤثر على نتائج الانتخابات الوطنية من خلال تعطيل الخدمات المحلية التي تعتبر حيوية للناخبين. وترتبط العديد من الاغتيالات بنزاعات حول العقود الحكومية الفاسدة للخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي والأمن والمياه وجمع القمامة والكهرباء وإصلاح الطرق.

وأضافت ماتامبا أن الاغتيالات هي أيضًا جزء من محاولة المجرمين للسيطرة على الفروع المحلية للحزب، والتي تلعب دورًا كبيرًا في اختيار المرشحين على الساحة الوطنية وفي إقبال الناخبين.

166 حالة قتل سياسي

منذ عام 2019، سجلت منظمة ماتامبا 166 حالة قتل سياسي، والتي تشمل قتل أفراد يشغلون مناصب سياسية أو إدارية، ومرشحين لمناصب بلدية محلية، وناشطين ومبلغين عن المخالفات. وقد طالت عمليات القتل جميع الأطياف السياسية في البلاد.

وفي عام 2018، أنشأت الشرطة وحدة خاصة للتحقيق في جرائم القتل السياسي، مع التركيز على مقاطعة كوازولو ناتال، وهي معقل للاغتيالات السياسية في جنوب إفريقيا، لكنها نادرًا ما تصدر تحديثات.

في سبتمبر، صرح وزير الشرطة بيكي سيلي بأنه تم توجيه اتهامات إلى 348 مشتبهاً به في 233 قضية عنف سياسي، لكن مدى تحقيق العدالة لا يزال غير واضح. وقال رئيس رابطة الحكم المحلي في جنوب إفريقيا، ثامي نتولي، إن القتلة المأجورين هم الذين يتم القبض عليهم، وليس أولئك الذين يخططون ويدفعون لتنفيذ الجرائم.

انهيار الائتلاف السياسي

الطريق الرئيس في البلدة التي عاش فيها مشونو عبارة عن امتداد مليء بمتاجر المشروبات الكحولية الرخيصة، محطات البنزين، ومحلات البقالة، وسط التلال الخضراء المتموجة في كوازولو ناتال. ونونجوما ليست بلدة مزدهرة، ولكنها تحتوي على مجلس مدينة يسيطر على عقود مربحة.

وبدأت المشكلة في يناير 2023 بعد انهيار الائتلاف السياسي الحاكم للمجلس وتولي ائتلاف جديد على الفور، وكان من ضمنه عضو المجلس المسن، مشونو، وتصاعدت التوترات. وشهد شهود عيان أن أعضاء المجلس من حزب إنكاثا للحرية، الذي فقد السلطة، حضروا اجتماع المجلس وهم يرددون أغاني حرب الزولو، واستدعوا أتباعهم للمساعدة في محاصرة مكاتب المجلس. وتم استدعاء الشرطة، وفي النهاية أمرت المحكمة بانعقاد المجلس مرة أخرى.

عقود ملفتة

في ظل الائتلاف الجديد بقيادة حزب الحرية الوطني (NFP)، بدأ مجلس المدينة بفحص العقود التي منحها المجلس السابق. وكان أحد العقود ملفتًا للنظر بشكل خاص: عقد لتنظيف الشوارع بقيمة حوالي 24 ألف دولار شهريًا، تم إلغاؤه. وبعد أسابيع، قُتل مشونو بالرصاص. ولم يتم القبض على أحد في هذه القضية.

وفي مقابلة، قالت زميلة مشونو في الائتلاف الجديد، سينزيني زولو، إن زوجها قُتل أمام أحفادهما. وأوضحت أن القتلة جاءوا يبحثون عنها، ولكنها غادرت منزلها في وقت مبكر لحضور صلاة الصباح. أجبروا زوجها على فتح كل باب في المنزل، وأصروا على ضرورة عودتها، ثم أطلقوا عليه النار عندما لم يتمكنوا من العثور عليها.

ربما يعجبك أيضا