قتلهم بدم بارد.. تفاصيل مذبحة المسلمين في مسجدين بنيوزيلندا

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

قتل 49 شخصًا في هجومين استهدفا مصلين في مسجدين في مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا.

وقال مفوض الشرطة في المدينة مايك بوش: إن أربعة أشخاص اعتقلوا عقب الهجومين “ثلاثة رجال وامرأة”.

ونقلت وسائل إعلام محلية، عن شهود عيان أنهم لاذوا بالفرار هربًا من إطلاق النار وشاهدوا عددا من المصابين على الأرض خارج مسجد النور.

وأغلقت الشرطة كل المساجد في المدينة كما وضعت حراسة مشددة حول كل المدارس.

بدورها، قالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أردرن، إن التفاصيل بشأن الهجومين لا تزال غير واضحة، ولكنها اعتبرت الحادث “أسوأ يوم شهدته نيوزيلندا”.

وقال مهان إبراهيم الذي كان موجودا وقت الهجوم لصحيفة هيرالد “في البداية اعتقدنا أن عطلا كهربيا وقع ثم فجأة بدأ كل الأشخاص في الفرار”، مضيفا “لا يزال أصدقائي في الداخل”.

ولم يعرف حتى الآن عدد المهاجمين ولكن صحيفة هيرالد قالت إن منفذ الهجوم يعتقد أنه أسترالي كتب بيانًا أوضح فيه نيته.

وجاء في البيان دعمه لأيدولوجية اليمين المتطرف وسياسة معاداة المهاجرين.

من جانب آخر، وردت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يعتقد أن منفذ الهجوم التقطها أثناء إطلاق النار على الضحايا في “بث مباشر”.

وطلبت الشرطة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عدم نشر وتبادل مقاطع الفيديو “المفجعة”.

منفذ أحد الهجومين “أسترالي يميني متطرف”

أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أن منفذ أحد الهجومين على مسجدين في نيوزيلندا، الجمعة، متطرف يميني أسترالي.

وقال موريسون إن إطلاق النار على أحد المسجدين المستهدفين في كرايست تشيرش نفذه مواطن أسترالي، وصفه بأنه “إرهابي متطرف يميني عنيف”، مشيراً إلى أن سلطات نيوزيلندا تتولى التحقيق.

وبث أحد المسلحين عملية القتل في مسجد النور، الواقع في مدينة كرايست تشيرتش في نيوزيلندا، بواسطة كاميرا غو برو على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بحسب مصادر عديدة، أشارت أيضا إلى أن الحساب على فيسبوك يعود لشخص اسمه برينتوت تارانت.

وعرف عن تارانت أنه أسترالي لأبوين بريطانيين، ونشر بيانا مثيرًا حول معتقداته ونواياه يتألف من 94 صفحة، أو نحو 16 ألف كلمة، بحسب ما ذكرت صحيفة ذي صن البريطانية.

ويعتقد أن تارانت، البالغ من العمر 28 عاما، من المعادين للمهاجرين، حيث عبر في حسابه على تويتر، عن غضبه من “الغزاة المسلمين” الذين يحتلون الأراضي الأوروبية.

ويبدو أنه يؤمن أيضا بتفوق العرق الأبيض، حيث يعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “رمزا للهوية البيضاء المتجددة”، على الرغم من أنه لا يعتبره صانع سياسة أو زعيما، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية.

وكتب تارانت معرفا بنفسه بأنه “رجل أبيض عادي من أسرة أسترالية من الطبقة العاملة ذات الدخل المتدني.. والدي من أصول اسكتلندية أيرلندية وإنجليزية.. كانت طفولتي عادية من دون مشاكل كبيرة.. ليس لدي اهتمام كبير بالتعليم ولم ألتحق بالجامعة، لأنه ليس لدي أدنى اهتمام بالدارسة في الجامعات”، وأضاف أنه رجل عادي قرر أن “يتخذ موقفا لضمان مستقبل شعبي”.

وقال في حسابه على تويتر “إن صدمة ما بعد أفعالي سيكون لها تداعياتها في السنوات المقبلة، وعلى الخطاب السياسي والاجتماعي وستخلق جوا من الخوف، والتغيير وهو المطلوب”.

واحتوت صفحته على تويتر على صور لمخازن ذخيرة، نقش عليها أسماء بطريقة مبعثرة، بما في ذلك أسماء اثنين من القتلة الذين استهدفوا المهاجرين والمسلمين.

كما ضمت تغريدات مثيرة ضد المسلمين ومعدل الولادات بينهم، وأحاديث عن “إبادة جماعية للبيض” وكذلك عن عدد من الهجمات الإرهابية.

وقال تارانت، الذي أعلن مسؤوليته عن إطلاق النار إنه جاء إلى نيوزيلندا للتخطيط والتدريب على الهجوم، وفقا لما ذكرته “رويترز”.

وأضاف أنه لم يكن عضوا في أي منظمة، لكنه تبرع للعديد من الجماعات القومية وتفاعل معها، رغم أنه تصرف بمفرده ولم تأمره أي جماعة بالهجوم.

إدانات عالمية واسعة لمجزرة مسجدي نيوزيلندا

في مقدمة دول العالم، قدمت الإمارات تعازيها لأهالي وذوي ضحايا الهجوم، وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي تضامنها الكامل مع “دولة نيوزيلندا الصديقة في مواجهة التطرف والإرهاب ووقوفها إلى جانبها في كل ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها وسلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها”، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية “د ب أ”.

وجددت الوزارة التأكيد على ثبات موقف الإمارات الرافض للإرهاب بكافة أشكاله، معربة عن تعازيها للحكومة النيوزيلندية وأهالي وذوي الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين.

وبدورها، أدانت المملكة العربية السعودية بأشد العبارات حادثة إطلاق النار، مشددة على إدانة الإرهاب بكل أشكاله وصوره وأياً كان مصدره، وأكدت على أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، كما أكدت على موقفها الداعي إلى ضرورة احترام الأديان.

ومن جانبه، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تعازيه لرئيسة وزراء نيوزيلندا بضحايا الهجوم الإرهابي على المسجدين.

وندد الرئيس الروسي بالهجوم قائلًا: إن “الهجوم على مواطنين مسالمين تجمعوا لأداء الصلاة، يظهر مدى وحشية المعتدين”، مطالباً بإنزال أشد العقاب بمنفذي الجريمة.

فيما أعربت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن تعازي المملكة المتحدة لنيوزيلندا، وكتبت في بيان باسمها: “نيابة عن المملكة المتحدة، أبعث بأحر التعازي لشعب نيوزيلندا في ضحايا الاعتداء الإرهابي المروع، وأعرب عن مواساتنا لجميع المتضررين من هذا العنف المقزز”.

وأعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أيضاً عن تعازيها في ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا.

وكتب المتحدث باسم ميركل، شتيفن زايبرت، نقلا عنها اليوم الجمعة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “أتابع بصدمة كبيرة الأنباء من كرايستشيرش.. أشاطر النيوزيلنديين الحزن على مواطنيهم الذين تعرضوا للهجوم خلال أداء صلاوتهم بسلام في مساجدهم، وقُتلوا بدافع الكراهية العنصرية”.

وأدان زعماء سياسيون ودينيون في العالم الإسلامي واقعتي إطلاق النار في المسجدين، وقال بعضهم إن “مواطنين من دولهم كانوا في المسجدين وقت الهجوم”.

وندد الأزهر الشريف في القاهرة بالهجوم ووصفه بأنه “هجوم إرهابي مروع، مشدداً على أن ذلك الهجوم الإجرامي، الذي انتهك حرمة بيوت الله وسفك الدماء المعصومة، يجب أن يكون جرس إنذار على ضرورة عدم التساهل مع التيارات والجماعات العنصرية التي ترتكب مثل هذه الأعمال البغيضة.

وطالب الأزهر ببذل مزيد من الجهود لدعم قيم التعايش والتسامح والاندماج الإيجابي بين أبناء المجتمع الواحد، بغض النظر عن أديانهم وثقافاتهم”.

ودانت رابطة العالم الإسلامي أيضاً العملية الإرهابية في المسجدين ووصفته بالعمل البربري الذي يماثل إرهاب تنظيم داعش الإرهابي والقاعدة الدموي.

ومن جهته، أدان المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الهجوم الإرهابي الذي استهدف المسجدين في نيوزيلندا، مؤكداً في بيان له، أن “استهداف الإرهابيين للأبرياء في دور العبادة في العالم يثبت مدى خطورة الفكر المتطرف الكاره للآخر والذي ينسف كل القيم الإنسانية”، داعياً إلى ضرورة تحصين المجتمعات من خطر هذا الفكر.

وفي إندونيسيا قالت وزيرة الخارجية ريتنو مرسودي في بيان “تدين إندونيسيا بشدة عملية إطلاق النار هذه خاصة في مكان للعبادة وأثناء صلاة الجمعة”.

ونقلت عنها وسائل إعلام في وقت سابق قولها إن 6 إندونيسيين كانوا داخل المسجد حينما وقع الهجوم وتمكن 3 من الفرار ولا يعرف مصير الثلاثة الآخرين”.

وفي ماليزيا، قال زعيم أكبر حزب في الائتلاف الحاكم، أنور إبراهيم إن “مواطنًا ماليزيًا أصيب في الهجوم الذي وصفه بأنه “مأساة سوداء تواجه الإنسانية والسلام العالمي”.

كما وصفت رئيسة الوزراء النيوزيلندي اجاسيندا أرديرن باليوم الأسود في تاريخ البلاد، وقالت إن “المنفذ إرهابي ينتمي إلى اليمين المتطرف”، فيما كشف رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أنه أسترالي الجنسية وأكد انتماءه لذات التيار.

ووقع الهجوم وقت صلاة الجمعة وظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي لقطات فيديو التقطها مسلح على ما يبدو على الهواء مباشرة خلال إطلاق النار.

ويذكر أن الشرطة النيوزيلندية أعلنت أن حصيلة قتلى إطلاق النار على مسجدين في مدينة كرايستشيرش ارتفعت إلى 49 شخصًا و39 مصابًا بينهم أطفال، فيما رفعت السلطات الأمنية حالة التأهب إلى الدرجة القصوى.
 

تفاصيل المذبحتين

لم يكشف بعد عن تفاصيل وتطورات الهجومين اللذين استهدفا المسجدين، إلا أن المعلومات المتاحة جاءت عن طريق روايات شهود العيان لوسائل الإعلام المحلية.

وقال شهود عيان في مسجد النور، ويقع وسط مدينة كرايست تشيرش قبالة متنزه “هاغلي بارك”، إنهم شاهدوا جرحى ينزفون على الأرض أمام المسجد.

كما نقل التلفزيون النيوزيلندي عن أحد الناجين من الهجوم: إن “المهاجم أطلق النار على شخص في صدره”، موضحا أن الهجوم ربما “استغرق 20 دقيقة وسقط فيه 60 مصابا على الأقل”.

ويعتقد أن المهاجم استهدف أولا مصلى الرجال قبل أن يتوجه إلى مصلى السيدات في المسجد، حيث قال الناجي من الحادث “كل ما فعلته هو الانتظار والصلاة، لقد رجوت الله أن تنفد الذخيرة مع المسلح”، مضيفا: “لقد أطلق النار هنا ثم انتقل إلى مصلى النساء وفتح النار هناك، لقد سمعت أن إحدى السيدات قتلت”.

حالة استنفار

بدورها، أعلنت هيئة الصحة تفعيل خطة الطوارئ في المدينة وتشمل توفير أماكن للعلاج في المستشفيات، فيما قالت مصادر صحية: إن 48 مصابًا بأعيرة نارية بينهم أطفال يخضعون للعلاج في المستشفيات.

واعتقلت السلطات النيوزيلندية 3 رجال وامرأة على خلفية الهجوم على المسجدين، كما أخلت الشرطة ساحة الكاتدرائية في المدينة حيث كان الآلاف من الأطفال يشاركون في مسيرة تطالب بالتحرك ضد التغير المناخي.

وقال مفوض الشرطة “الموقف في كرياست تشيرش خطر وفي تطور مع وجود مسلح في المنطقة”.

وأضاف “الشرطة تتعامل مع الموقف بكل قدراتها ولكن الخطر يظل كبيرا”.

وطالبت الشرطة المواطنين في المدينة بالابتعاد عن الشوارع والبقاء في منازلهم حتى إشعار آخر.

ربما يعجبك أيضا