قلق صيني من استراتيجية الأمن القومي اليابانية الجديدة.. ماذا تغيّر بها؟

أحمد ليثي
الاستراتيجية الأمنية الجديدة

تمثل الوثيقة الاستراتيجية الأمنية الجديدة لليايان تحولاً هيكليًّا في التركيز على قدرات مواجهة الضربات المضادة، وتعزيز الإنفاق الدفاعي.


قال معلقون صينيون إن استراتيجية الأمن القومي اليابانية الجديدة تبتعد عن دستورها السلمي، في حين وصفتها صحيفة “تشاينا دايلي” بأنها مقلقة.

وذكرت صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية، في تقرير لها، أن الحزب الليبرالي الحاكم في اليابان توصل إلى مسودة اتفاق لمراجعة 3 وثائق أمنية،  استراتيجية الأمن القومى، واستراتيجية الدفاع الوطني، وخطة استعداد قوات الدفاع.

الصين تحد استراتيجي

حسب التقرير، الذي نشرته 14 ديسمبر 2022، وصفت النسخة الجديدة من الوثيقة الاستراتيجية الأمنية لليابان الصين بالتحدي الاستراتيجي، وورد في الوثيقة أن اليابان ستمتلك القدرة على شن هجمات مضادة ضد منشآت صينية، مثل مواقع إطلاق الصواريخ وأهداف معادية أخرى.

وانتهت مناقشة الوثيقة في اجتماع مجلس الوزراء يوم 16 ديسمبر 2022، في مراجعة هي الأولى منذ أن صاغت اليابان استراتيجيتها الأمنية الحالية في العام 2013، وتمثل تغيرًا كبيرًا في السياسة الأمنية لليابان منذ الحرب العالمية الثانية، وهو تغيير يبعث بإشارات خطيرة للغاية، بحسب تقرير “جلوبال تايمز”.

السفير  الصيني يحتج

احتج المتحدث باسم سفارة بكين لدى طوكيو على التعديل الأخير في الوثيقة، قائلًا لصحيفة “جلوبال تايمز” إن قول مثل هذه الأشياء في وثائق رسمية يشوّه الحقائق، وينتهك مبادئ وروح الوثائق السياسية الـ4 الصينية اليابانية، فالوثيقة الأخيرة تروج بنحو متعمد لتهديد صيني وتثير التوتر والمواجهات الإقليمية.

ورأى الحزب الحاكم في اليابان أن التدريبات العسكرية لجيش التحرير الشعبي الصيني حول جزيرة تايوان، تهديدًا للبلاد والمنطقة، واتخذ موقفًا حذرًا من الصين، في حين أشار إليها في الوثائق الاستراتيجية الوطنية بأنها دولة مجاورة، بدلًا من أن يسميها باسمها.

فوميو كيشيدا

فوميو كيشيدا

اهتمام أكبر بالدفاع

أشار مقال الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الدولية، في الجامعة المسيحية الدولية، ستيفن ناجي، والمنشور عبر موقع “أوراسيا ريفيو” في 26 ديسمبر 2022، إلى أن حلفاء اليابان، مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، رحبوا بالتعديل الأخير على الوثائق الأمنية اليابانية.

وقال رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية باليابان: “هذه خطوة مهمة، ومن شأنها أن تحطم معايير السياسة المعمول بها منذ الحرب العالمية الثانية.” وترى كبيرة محللي السياسات بمعهد الولايات المتحدة للسلام، ميرنا جاليك، أن النسخة الجديدة من وثيقة الدفاع هي نسخة محدثة من برنامج الدفاع، الذي وُضع عام 2018.”

تحول هيكلي

حسب مقال ناجي، تعد الوثيقة الاستراتيجية الأمنية تحولاً هيكليًا في التركيز على قدرات اليابان لمواجهة الضربات المضادة، وتعزيز الاتفاق الدفاعي، كما أنها تتماشى مع استراتيجية اليابان في التمسك بالتزامها الدائم بالسلام، وهذا يشمل عدم تحول اليابان لقوة عسكرية تمثل تهديدات لدول أخرى.

وزادت الصين من إنفاقها العسكري 7.1%، ليصل إجمالي ما تنفقه على الدفاع إلى 229 مليار دولار أمريكي، ما يعدّ زيادة متواضعة عند مقارنتها باليابان، التي خصصت 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على الدفاع، فالصين تنفق أكثر مما تنفقه اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين والهند مجتمعةً.

نهج واقعي

حسب مقال “أوراسيا ريفيو”، تمثل الاستراتيجية الأمنية الجديدة نهجًا واقعيًّا للتخفيف من حدة التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، وهو أمر طبيعي في ظل اختبار كوريا الشمالية عددًا كبيرًا من أنظمة الصواريخ المختلفة ومركبات الإطلاق في بحر اليابان، وكذلك التهديد العسكري الصيني لتايوان.

ويتوافق وصف الصين بالتهديد الاستراتيجي مع استنتاجات العديد من الدول، وتصنف استراتيجية كندا لدول المحيط الهادئ الصين بأنها قوة عالمية مزعزعة للاستقرار العالمي، وكذلك تشير الولايات المتحدة في استراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى الصين بأنها تجمع بين القوة الاقتصادية والعسكرية، وتسعى لأن تكون الأكثر نفوذًا في العالم.

عسكرة مستمرة

ذكر مقال ناجي أن الصين انتقلت من موقع الإصلاح والانفتاح في السبعينات والثمانينات والتسعينات إلى بلد سريع العسكرة، أنشأ جزرًا اصطناعية معكسرة في الجنوب، وكذلك فإن بحر الصين يهدد خطوط الاتصال البحرية، ليس فقط لليابان، ولكن لدول جنوب شرق آسيا، وللدول التي تستخدم بحر الصين الجنوبي، ومنها الولايات المتحدة.

وانخرطت الصين في تدريبات عسكرية حول تايوان، وأطلقت 5 صواريخ باليستية على المناطق الاقتصادية الخالصة لليابان، في حين تواصل إرسال السفن المدججة بالسلاح إلى المياه المحيطة بجزر سينكاكو، وتواصل كوريا الشمالية تصنيع أسلحة دمار شامل، على الرغم من الجهود العديدة لإيجاد حل للخلافات القائمة.

ربما يعجبك أيضا