قمة الرئيسين الصيني والروسي.. أهداف متشابهة ورسائل للغرب

عمر رأفت
زيارة شي إلى روسيا .. هل تهدف إلى تعزيز العلاقات فقط أم وساطة لإنهاء الحرب الأوكرانية؟

تعد زيارة الرئيس الصيني بمثابة دعم واضح لنظيره الروسي الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه قبل أيام.


التقى الرئيس الصيني، شي جين بينج، نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين 20 مارس 2023، في العاصمة الروسية موسكو.

وسلطت صحيفة جلوبال تايمز الصينية الضوء على تلك الزيارة، التي رأت أنها مهمة للغاية بالنسبة لبكين، خاصة أنها أول زيارة خارجية للرئيس الصيني في العام 2023، وتحمل في طياتها الكثير من الملفات المهمة، على حد تعبير الصحيفة.

اقرأ أيضًا: وصول الرئيس الصيني إلى روسيا لبدء زيارة رسمية

الرؤية الأمريكية لزيارة شي

قالت الصحيفة إن الولايات المتحدة وحلفاؤها تنظر لتلك الزيارة وتتابعها، خاصة في ظل سعي الصين للعب دور وساطة جديد لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بعد وساطتها الأخيرة بشأن عودة العلاقات الدبوماسية بين السعودية وإيران.

وأضافت أن بعض المراقبين الصينيين والروس يعتقدون أن السؤال هو ما إذا كان الغرب يريد وسيطًا لإنهاء تلك الحرب، أم أنه يريد إطالتها لأطول فترة ممكنة، لاستخدام كييف كبيدق لإضعاف موسكو، والهيمنة على أوروبا والعالم.

زيارة شي إلى روسيا .. هل تهدف إلى تعزيز العلاقات فقط أم وساطة لإنهاء الحرب الأوكرانية؟

زيارة شي إلى روسيا .. هل تهدف إلى تعزيز العلاقات فقط أم وساطة لإنهاء الحرب الأوكرانية؟

تعزيز الشراكة الصينية الروسية

زيارة شي إلى روسيا جاءت بدعوة من بوتين، وتستمر إلى يوم الأربعاء المقبل، وتبادل الطرفان وجهات النظر بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك.

وقالت الخارجية الصينية إن شي وبوتين ناقشا أيضًا إمكانية التعاون بين البلدين، وتعميق العلاقات الثنائية. وتأتي الزيارة بعد أيام قليلة من إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال بحق بوتين، على خلفية جرائم حرب في أوكرانيا.

ذكرت بعض وسائل الإعلام الروسية، نقلاً عن مستشار السياسة الخارجية في الكرملين، يوري أوشاكوف، أنه من المقرر أن يوقع الزعيمان على وثائق تشمل إعلانًا بشأن العلاقات بين البلدين، وخطط خاصة بالتعاون الاقتصادي الروسي الصيني حتى عام 2030.

تشويه صورة الصين

قالت جلوبال تايمز إنه في حين يراقب العالم زيارة الرئيس الصيني من كثب، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين ووسائل الإعلام الغربية يحاولون تشويه دور بكين كصانع سلام محتمل في الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأضافت أن هؤلاء المسؤولون يحاولون إحداث ضجيج بشأن مزاعم شحنة صينية من الأسلحة إلى القوات الروسية في أوكرانيا، والتشكيك في حيادية الصين من الحرب، المستمرة منذ ما يزيد على عامين.

واشنطن لا تدعم وقف الحرب الأوكرانية

أبرزت الصحيفة الصينية تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، قبل رحلة شي إلى روسيا، لشبكة «سي إن إن» الأمريكية، التي قال فيها: “إننا لا ندعم الدعوات إلى وقف إطلاق النار بأوكرانيا في الوقت الحالي”.

وأضاف كيربي، في تصريحاته، أن اقتراحا من الصين قد يشمل وقف إطلاق النار، وهذا سيكون مجرد وسيلة لروسيا لإعادة تجميع صفوفها، قبل شن هجوم انتقامي جديد ضد كييف، على حد زعمه.

زيارة شي إلى روسيا .. هل تهدف إلى تعزيز العلاقات فقط أم وساطة لإنهاء الحرب الأوكرانية؟

زيارة شي إلى روسيا .. هل تهدف إلى تعزيز العلاقات فقط أم وساطة لإنهاء الحرب الأوكرانية؟

وساطة صينية لإنهاء الأزمة الأوكرانية

أشارت جلوبال تايمز، في تقريرها، إلى أن واشنطن لا تشعر بالقلق من تقوية العلاقات بين الصين وروسيا فحسب، بل تحاول تشويه صورة بكين باستمرار، وترفض اقتراح إجراء محادثات سلام، ما يدل على أنها لا تريد السلام، وتريد استمرار الحرب لإضعاف روسيا.

ونقلت عن بعض الخبراء أن الصين قد يكون لها دور كبير في التوسط بالأزمة الروسية الأوكرانية، وأن روسيا ستثق في بكين في لعب دور الوسيط، لكن المشكلة هي أن أوكرانيا والغرب لن تفعل ذلك.

الرئيس الصيني

الرئيس الصيني

الضغط على كييف

قال مدير مركز دراسات شرق آسيا ومنظمة شنجهاي للتعاون في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، ألكسندر لوكين، لصحيفة جلوبال تايمز ، إنه من الصعب أن تلعب الصين دور الوساطة، مشيرًا إلى أن أوكرانيا ترفض بدء المحادثات، قبل أن تهزم روسيا.

وأوضح لوكين أنه لإحضار كييف إلى طاولة المفاوضات، يجب ممارسة بعد الضغوطات، أو أن يتغير الوضع بطريقة تجعل القادة الأوكرانيين يتوقفون عن التفكير في أن هزيمة روسيا أمر ممكن.

سياسة خارجية مستقلة

قال بعض الخبراء الصينيين والروس، في تصريحات أبرزتها جلوبال تايمز، إن التنسيق الاستراتيجي الشامل بين البلدين يعتمد على سياسة خارجية مستقلة، وإن الزيارات المتبادلة المنتظمة لزعمائهما تقليد منذ منتصف التسعينات.

وصرح السفير الصيني لدى روسيا، تشانج هانهوي، للصحيفة أن زيارة شي إلى روسيا هذه المرة علامة فارقة للعلاقات الصينية الروسية في الوقت الحالي، وسينتج عنها تعزيز العلاقات الثنائية.

الرئيس الصيني

الرئيس الصيني

نظام دولي جديد تقوده بكين

قال تلفزيون «إن بي سي نيوز» الأمريكي إن الصين تمضي قدمًا في الجهود الرامية إلى تعزيز نظام دولي جديد تكون هي مركزه الرئيس، وأضافت أن واشنطن تحدثت، في الأسابيع الأخيرة، بلهجة شديدة عن احتمال نشوب صراع ما لم تغيّر بكين مسارها، خاصة أن زعيمها موجود في موسكو للقاء بوتين.

وأشارت إلى أن زيارة شي إلى روسيا بمثابة تضامن مع بوتين، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي، يوم الجمعة الماضي، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

بوتين

بوتين

مصالح مشتركة بين روسيا والصين

قال شي، في بيان بعد وصوله إلى موسكو: “يسعدني أن تطأ قدماي أرض جارتنا الصديقة روسيا”، في حين نقلت وكالة أنباء تاس الروسية عن بوتين قوله إن موسكو راجعت بعناية مقترحات بكين لحل الحرب في أوكرانيا، واحترمت مبادرات الصين للتوصل إلى تسوية سلمية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، إن تلك الزيارة تأتي في وقت مهم بالنسبة لروسيا، خاصة في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف بريجع في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية أن الصين تساند روسيا من الناحية الاقتصادية، وأنه يوجد مصالح مشتركة بين البلدين في هذا الوقت، ووقع الرئيسان، في هذا اللقاء، الكثير من الاتفاقيات التي تخص التبادل التجاري، واتفاقيات أخرى خاصة بالطاقة والنفط، وهذا شيء يساعد موسكو في ظل أزمتها الاقتصادية الحالية.

بوتين

بوتين

الحرب الأوكرانية والاقتصاد

أشار بريجع إلى أن الصين تسعى لإنهاء الأزمة الروسية الأوكرانية، لأن تلك الحرب تؤثر في اقتصادها خاصة، والاقتصاد العالمي عامة، وتسبب له الكثير من المشكلات، أبرزها التضخم، موضحًا أن هذه الزيارة إشارة أخرى من الصين إلى العالم، مفادها إبراز دورها كصانع للسلام، ومن ناحية أخرى، فهي تزيد من الثقة المتبادلة بينها وبين روسيا.

وأوضح أن الصين تحاول لعب دور الوساطة، ولكن في نفس الوقت، يهمها كثيرًا الحفاظ على علاقاتها الجيدة مع روسيا، وابرام مزيد من الاتفاقيات في المجال الاقتصادي، وتهتم روسيا أيضًا بعلاقاتها مع الصين، في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

مؤتمر صحفي

في مؤتمر صحفي، قال الرئيس شي إن “الصين وروسيا لديهما أهداف متشابهة، ويعملان على تطوير العلاقات بينهما، والاهتمام بتطوير العلاقات مع روسيا، لأننا جيران وشركاء استراتيجيون”. في حين قال الرئيس الروسي: “الصينيون لديهم مواقف متوازنة في ما يخص القضايا الإقليمية والدولية، والدولة الصينية صارت أقوى تحت إدارتكم”.

وأضاف الرئيس الروسي: “واثق بأن إفريقيا ستصبح أحد قادة نظام عالمي متعدد الأقطاب، وموسكو تصر على تنفيذ أهم نقاط صفقة الحبوب، ومنها وصول الحبوب إلى إفريقيا”. وذكر الرئيس الصيني أن الصين مستعدة للعمل مع روسيا على حماية النظام العالمي، القائم على القانون الدولي.

ربما يعجبك أيضا