قمة بريكس.. خطوة نحو نظام عالمي جديد

محمد النحاس
قادة البريكس

اختيار مدينة كازان، الواقعة على نهر الفولجا، يأتي في إطار رغبة روسيا في إثبات أنها ليست معزولة على الساحة الدولية، وأنها قادرة على استضافة وفود دولية رفيعة المستوى في مكان آمن وملائم.


تتجه أنظار العالم إلى روسيا؛ فمن المقرر أن تنعقد قمة “بريكس” في مدينة كازان في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر 2024.

ويعتبر الرئيس فلاديمير بوتين هذه القمة فرصة لإيصال عدد من الرسائل السياسية إلى الغرب، الغرب، والتأكيد على قوة التحالف الذي يضم مجموعة من الدول ذات الثقل السياسي والاقتصادي، وتأتي هذه الجهود في ظل توتر العلاقات بين روسيا والدول الغربية بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو.

تاريخ نشأة “بريكس” وتوسعها

ترى العديد من الدول أن قمة “بريكس” تمثل فرصة لعرض رؤية جديدة للنظام الدولي، وأن دور الغرب آخذ في التراجع، وأن الوقت قد حان لصعود الجنوب العالمي كقوة مؤثرة، ولإعادة التوزان للنظام الدولي، وفق ما ذكر تقرير لمركز ويسلون الأمريكي.

برزت فكرة تحالف “بريكس” في أوائل العقد الأول من الألفية من قِبل خبير اقتصادي في “جولدمان ساكس” للإشارة إلى الاقتصادات الصاعدة: البرازيل، روسيا، الهند، والصين، ثم انضمام جنوب إفريقيا لاحقًا لتشكيل الكتلة الحالية.

وخلال السنوات الأخيرة، شهد التحالف توسعًا ملحوظًا، بعد انضمام بلدان مثل الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران إلى الكتلة، فيما أبدت دول أخرى مثل كوبا وأذربيجان اهتمامها بالانضمام، وبلغ العدد الحالي للدول الأعضاء والشركاء المحتملين أكثر من 30 دولة.

شروط العضوية ومساعي لتعزيز التحالف

تشترط روسيا للانضمام إلى “بريكس” عدم فرض الدول المرشحة عقوبات غير قانونية على أي من أعضائها الحاليين. ومن هذا المنطلق، يعتبر التحالف منصة ترفض التدخلات الغربية في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

وتأتي هذه السياسات في ظل توجيه انتقادات شديدة من الكرملين للغرب لفرضه العقوبات على روسيا بسبب الحرب مع أوكرانيا، بريكس من هذا المنطلق بالنسبة إلى الروس محاولة لإعادة التوازن إلى النظام الدولي.

تعمل روسيا جاهدة على تقديم التحالف كمنظمة تحترم السيادة الوطنية للدول وتبتعد عن المعايير الغربية في ملاحقة القادة والمسؤولين، حيث تعتبر أن القرارات الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، مثل مذكرة التوقيف بحق بوتين على خلفية نقل الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا، غير شرعية.

كازان.. موقع الاستراتيجي للقمة

اختيار مدينة كازان، الواقعة على نهر الفولجا، يأتي في إطار رغبة روسيا في إثبات أنها ليست معزولة على الساحة الدولية، وأنها قادرة على استضافة وفود دولية رفيعة المستوى في مكان آمن وملائم.

ويُتوقع أن يحضر القمة زعماء “بريكس” الرئيسيين، بما فيهم شي جين بينج من الصين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، كما تشير تقارير إلى احتمالية حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما يُعتبر دلالة رمزية كبيرة، خاصة أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

الانقسام الداخلي والتحديات المستقبلية

رغم كل هذه الجهود الروسية، فإن التحديات الداخلية للتحالف لا تزال قائمة، وترغب الصين في الحفاظ على علاقاتها التجارية القوية مع الولايات المتحدة وأوروبا، ما يحد من قدرتها على الانخراط الكامل في أي تحالف مضاد للغرب.

بالإضافة إلى التنافس بين الصين والهند، هناك تحفظات من جانب بعض الدول الأعضاء حول توسيع التحالف بشكل كبير قد يُضعف التركيز على تحقيق الأهداف المشتركة.

تحديات أمام بريكس

التحدي الرئيس أمام التحالف هو إثبات قدرته على تقديم بديل فعلي للنظام الاقتصادي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بإنشاء أنظمة دفع مالية مستقلة عن “سويفت” ومواجهة هيمنة الدولار الأمريكي.

ورغم الجهود المبذولة في هذا الصدد، مثل تطوير منصة لتسوية المدفوعات التجارية بالعملات الوطنية، لا تزال هذه المساعي تواجه صعوبات كبيرة بسبب تعقيدات النظام المالي الدولي.

ربما يعجبك أيضا