قمة غلاسكو للمناخ.. وعود وشكوك

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

الفحم، ملِكُ الثورة الصناعية، والدعامةُ الرئيسية لتوليد الكهرباء لأكثرَ من قرن، أمام مرحلة جديدة، يتوجه فيها العالمُ لإنهاء الاعتماد عليه، إنقاذا للمُناخ من الانبعاثات. حتى اليوم يشكل الفحم أكبرَ مصدر مستقل للكهرباء، وهو مسؤول عن توليد سبعةٍ وثلاثين في المائةِ من إمدادات الكهرباء حول العالم.

رغم تزايد تعهدات الوصول للحياد الكربوني في الآونة الأخيرة وتلاشي بعض العقبات أمام إقرار قواعد لسوق الكربون العالمي أعطى دفعة لقمة المناخ التي تستضيفها غلاسكو، لكن في المقابل لا تزال هناك بعض العقبات.

فمحطات الطاقة العاملة بالفحم من أكبر المصاعب التي تواجه مساعي الحد من تغير المناخ، وهي من أبرز القضايا المطروحة في قمة المناخ العالمية في اسكتلندا، فهل يتم التوصل إلى اتفاقية عالمية شاملة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري؟

مباحثات غلاسكو

غلاسكو

٣٠٪من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم تنتج عن استخدام الفحم كمصدر للطاقة ونصف هذه النسبة ناتجة من الصين. فيما احتفى العالم بإعلان ٢١دولة التخلص من محطات توليد الطاقة من الفحم علما بأن جميع هذه الدول تقع في أوروبا ولا تشكل مجتمعة سوى ٥٪من محطات الطاقة العاملة بالفحم، تقول الصين إنها زادت من اعتمادها على الفحم بأكثر من مليون طن لتخفيف أزمة الطاقة، ما يتعارض مع اتجاه المحادثات المناخية التي تجري حالياً في غلاسكو.

وبلغ متوسط الإنتاج اليومي من الفحم أكثر من 11.5 مليون طن على مدار أيام قليلة متتالية منذ منتصف أكتوبر، حتى وصل إلى 11.72 مليون طن.

خلال الأيام الأخيرة، كثرت التكهنات حول أسباب دعوة الحكومة الصينية مواطنيها لتخزين الطعام مع قرب قدوم فصل الشتاء، وتوقعات بقلة إمدادات الطاقة الكافية لتشغيل مولدات الكهرباء وأجهزة التدفئة، لذا فهي مقبلة على شتاء متجمد ولن تستطيع تدفئة مليار ونصف من شعبها وتطلب من مواطنيها شراء احتياجاتهم وتخزين غذاء كاف.

شكوك تحوم بسبب بكين

وبإعلان الرئيس الصيني عدم حضوره القمة، يرى مراقبو المناخ أن أكبر منتج لثاني أكسيد الكربون في العالم لن تقدم المزيد من التنازلات، أو وضع أهداف جديدة لحل أزمة تغير المناخ.

وتحوم شكوك حول قدرة الصين على الالتزام بمخططاتها المناخية مع استمرار بناء محطات الكهرباء العاملة بالفحم، إذ تُعد هذه الخطوة ضربة مبرحة لطموحات قمة “كوب26”. وسمحت السلطات في الأسابيع الأخيرة بإعادة فتح مناجم الفحم بهدف تخفيف الضغط. وتتناقض هذه الخطوة مع وعد الرئيس الصيني شي جينبينغ القاضي بالتخفيف من انبعاثات الكربون من بلده قبل عام 2030.

وبحسب بيانات نشرها موقع ماكرو بيزنس، بدأت الصين تشهد زيادة في إنتاج الفحم بعد حصول نحو 153 منجمًا على الموافقة للتوسع في الإنتاج، وبدءًا من هذا الأسبوع، ارتفع الإنتاج بنسبة 4% عن الشهر السابق إلى 11.6 مليون طن. وفي سبتمبر/ أيلول وحده، ارتفعت واردات الفحم بنسبة 76% على أساس سنوي لتصل إلى 32.88 مليون طن.

الطاقة النظيفة

FCyh8XNUUAkZ5vF

هذا في الوقت الذي تسعى قمة المناخ في غلاسكو لاتخاذ قرارات للحد من التغير المناخي والانبعاثات الكربونية والتخلص من الفحم والتعويل على الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. وتقع المسؤولية الكبرى للحد من ذلك على الدول الصناعية أكبر الملوثين وعلى رأسها الصين والهند.

ويخوض الرئيس الأمريكي جو بايدن معركة صعبة في وقت حساس لإخضاع شركات ومصانع كبرى للتخلي عن الوقود والعمل بالكهرباء! بنسبة كبيرة لن يخسر بايدن المعركة، فارتفاع أسهم “تيسلا” للسيارات الكهربائية، وقفزت ثروة إيلون ماسك 100 مليار دولار، يعني ازدياد الوعي بالتوجه نحو الطاقة النظيفة.

ورغم إطلاق قادة العالم تصريحات كثيرة قبل وخلال مؤتمر غلاسكو تخص خططا مناخية في 2030 و2050، فإن الشواهد لا تزال تعمل باتجاه فردي، خاصة في ظل الصراعات السياسية التي ألقت بظلالها على ملف المناخ إقليميا ودوليا، وانحسار دور الأمم المتحدة في العديد من الملفات والقضايا الحساسة.

هذا ويبدي خبراء بيئيون واقتصاديون خشيتهم من أن تطغى المصالح الاقتصادية الآنية لدى بعض الدول والتكتلات، على المصلحة العالمية والإنسانية المشتركة في وقف التدهور البيئي الحاد، وأن تتحول القمة لمحفل علاقات عامة، دون إقرار برامج واستراتيجيات جادة وملزمة لمكافحة الخطر الداهم الذي يتهدد العالم، بفعل ظواهر ناجمة عن تغير المناخ كارتفاع درجة حرارة الأرض والفيضانات والأعاصير المدمرة وحرائق الغابات والتصحر والجفاف ونضوب الموارد الطبيعية.

ربما يعجبك أيضا