«كارثة متوقعة».. البنتاجون يخفق في المراجعة المالية الخامسة على التوالي

بسام عباس

إن لم تستطع وزارة الدفاع الأمريكية تصحيح دفاترها، فكيف يثق بها الكونجرس بميزانية تربو على 800 مليار دولار سنويًّا؟


أخفقت وزارة الدفاع الأمريكية في تدقيقها المالي الـ5 على التوالي، فلم تتمكن من تتبع حساب أكثر من نصف أصولها.

وقالت مجلة “ريسبونسبل ستيت كرافت” التابعة لمعهد كوينسي، اليوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2022، إن إخفاق الوازرة في التدقيق المالي لم يكن مفاجئًا لمراقبيها، ولكن ما أثار الدهشة أنها لم تتقدم في مراجعة حساباتها هذا العام.

كارثة محاسبية

نقلت المجلة عن المراقب المالي بوزارة الدفاع، مايك ماكورد، قوله: “لن أقول إننا أخفقنا”، رغم أن البنتاجون تمكن فقط من حساب 39% من أصوله البالغة 3.5 تريليون دولار، مضيفًا أن “هذه العملية مهمة لنا، وتجعلنا نتحسن، ولكنها لا تجعلنا نتحسن بالسرعة التي نريدها”.

وأضافت المجلة أنه عند مراجعة قطاعات وزارة الدفاع الـ27، حصلت 7 فقط على شهادة السلامة المالية، واصفةً ذلك بأنه “كارثة محاسبية”، لكن لا ينبغي أن يكون مفاجئًا، لأن البنتاجون لديه عادة حسابات مالية سيئة، عندما يتعلق الأمر بتقدير كلفة برامج الأسلحة.

برامج عديمة الفائدة

ذكرت المجلة أن من أشهر البرامج الباهظة عديمة الفائدة برنامج البنتاجون الأخير “إف 35″، الذي تجاوز ميزانيته الأصلية قرابة 165 مليار دولار، مشيرةً إلى أن الأمثلة على هذه التجاوزات كثيرة، ومن المتوقع حدوث تجاوزات كبيرة أخرى، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مكتب الميزانية بالكونجرس.

وأفادت بأن السيناتور، جيم إينهوف، وزميله جاك ريد، كشفا، في عام 2020، أن تصنيع السفينة الرئيسة من كل 8 سفن مقاتلة تابعة للبحرية الأمريكية، زادت كلفتها بأكثر من 10% من الميزانية، ما أدى إلى تكاليف إضافية تزيد على 8 مليارات دولار.

تكاليف متزايدة

قالت المجلة إن البحرية الأمريكية تخطط لتوسيع إنتاجها من السفن في محاولة للحفاظ على تفوقها على البحرية الصينية، مع التركيز على غواصة هجومية جديدة وسفينة مدمرة، في حين اقترح البنتاجون 3 نسخ من هذه الخطة بمتوسط ​​كلفة يبلغ 27 مليار دولار سنويًّا بين عامي 2023 و2052.

وأوضح مكتب الميزانية بالكونجرس أن هذا أقل من الواقع، وكشفت حسابات وكالة مستقلة أن متوسط ​​الكلفة السنوية لمبادرة بناء السفن سيكون أكثر من 31 مليار دولار، ما يعني أن البحرية تقلل من التكاليف بمقدار 120 مليار دولار، على مدى عمر البرنامج.

نقاط ضعف كبيرة

كشفت صحيفة “ذا هيل” أن ما وجدوه كان عدة نقاط ضعف جديدة في كيفية حساب وزارة الدفاع لأصولها، التي تشمل ما يقرب من 2.9 مليون عسكري، والمعدات والأسلحة بما في ذلك 19 ألفًا و700 طائرة وأكثر من 290 سفينة، إضافة إلى 4 آلاف و800 موقع في أنحاء العالم.

ولأن السجلات المحاسبية اللازمة لإكمال التقييم لم تكن متوفرة، فتلقت جميع عمليات التدقيق الـ5 “إخلاء مسؤولية عن الرأي”، رغم وجود تحسينات في كل مرة، وأشار ماكورد إلى إن أحدث تدقيق تطلب 220 زيارة شخصية و750 زيارة ميدانية افتراضية لمسؤولي البنتاجون، حسب ما ذكرته “ذا هيل”.

 فرصة جيدة

أشار المراقب المالي بوزارة الدفاع إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة أتاحت لموظفي البنتاجون فرصة جيدة لإجادة عملية التدقيق، لأنها تعطيهم تصورًا لطبيعة التتبع الدقيق للأسلحة والمعدات في حالة حدوث نزاع، موضحًا أنه مثال رائع على أهمية تصحيح هذا النوع من الأخطاء، ومن ضمنها حساب المخزون ومعرفة مكانه ومعرفة موعد وصوله.

وأضاف ماكورد أن القسم أحرز تقدمًا نحو تدقيق “نظيف” في العام الماضي، إلا أنه أضاف أن القسم فشل في الحصول على درجة A، مشددًا على أهمية هذه العملية للقسم، فهي تجعله يتحسن، ولكن ليس بالسرعة التي يريدها، وفق ما أوردته “ذا هيل”.

إخفاق البنتاجون

أوضحت “ذا هيل” أن القانون الفيدرالي يتطلب، منذ أوائل التسعينات، إجراء عمليات تدقيق إلزامية لجميع الهيئات الحكومية، ومنذ السنة المالية 2013، تمكنت جميع الجهات باستثناء وزارة الدفاع من إجراء هذا التدقيق، وفي ديسمبر 2017، شرع مسؤولو الدفاع في تدقيق حسابات الوزارة، وهو أول تدقيق شامل في تاريخها.

وأفاد موقع “ديفينس ون” بأن الهدف من التدقيق هو إلقاء الضوء على كيفية إنفاق الوزارة لأموالها وتتبع أصولها، التي تغطي جميع الولايات الـ50، و7 أقاليم، و40 دولة، لافتًا إلى أن الحصول على رأي تدقيق مالي نظيف، يمكن أن يؤدي إلى تحسين ثقة دافعي الضرائب وأعضاء الكونجرس.

خط دفاع أخير

أوضحت “ريسبونسبل ستيت كرافت” أن مجموعة من مشرعي الحزبين بقيادة السناتور، بيرني ساندرز، اقترحت مشروع قانون يمكن أن يساعد في تخطي هذا الإخفاق، سيقتطع التشريع 1% من ميزانية أي قطاع يخفق في عملية التدقيق، ما يعني أنه إذا وافق الكونجرس على القانون المقترح، فإن 20 من 27 وحدة تدقيق في البنتاجون ستواجه خفضًا في الميزانية هذا العام.

ويبدو أن الزخم بشأن مشروع القانون هذا تلاشى، تاركًا محاسبي البنتاجون خط دفاع أخير، ووفقًا للمراقب المالي ماكورد، تأمل وزارة الدفاع أن تنجح أخيرًا في اجتياز عملية التدقيق بحلول عام 2027، أي بعد 14 عامًا فقط من تخطي جميع الهيئات الحكومية الأخرى هذه العقبة.

ربما يعجبك أيضا