كاونتر بانش: وداعًا للحياد.. الناتو يفتح أبوابه أمام سويسرا

كاتب أمريكي: الحياد السويسري بدأ يفقد بريقه

بسام عباس
الناتو يفتح أبوابه نحو سويسرا

بعد انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، تبدو سويسرا الثمرة الجديدة التي يسعى الحلف لضمها بين أعضائه، وفي خطوة رمزية في هذا الاتجاه، سيفتتح “الناتو” مكتبًا تمثيليَّا في العاصمة السويسرية جنيف، ما يعدّ تغييرًا تاريخيًّا لبلد كان محايدًا قانونيًّا منذ العام 1815.

ويمثل المكتب حلقة وصل متعددة الأطراف مع المنظمات الدولية، ولدى الحلف مكاتب مماثلة في فيينا ونيويورك، ولكن وجود ضابط واحد فقط من “الناتو” في مقره في جنيف، يثير تساؤلات كبيرة عن تحوّل سويسرا عن حيادها الذي اشتهرت فيه.

الانضمام للناتو

قال موقع كاونتر بانش الأمريكي، في مقال نشره الجمعة 12 إبريل 2024، إن استطلاعًا حديثًا أظهر أنّ 53% من السويسريين يؤيدون الانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، وهي نسبة غير متوقعة في بلد حيث الحياد مدرج في الدستور، وسيادة الدولة الوطنية جزء لا يتجزأ من ثقافته السياسية الراسخة.

وأضاف أن السويسريين يتفاخرون باستقلالهم، وحيادهم العالمي، بالإضافة إلى أن النمسا هي أيضًا دولة محايدة عسكريًّا، ولكنها انضمت إلى الأمم المتحدة في العام 1955، قبل47 عامًا من انضمام سويسرا، والنمسا عضو في الاتحاد الأوروبي بينما تجري سويسرا مفاوضات منذ العام 1992، حول علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.

وقال الكاتب دانيال وارنر، في مقاله بعنوان “الناتو يتجه إلى سويسرا.. وداعًا للحياد؟”، إن الشعب السويسري أكثر ترددًا في الانضمام إلى المؤسسات الدولية من الحكومة، ما يجعل نتائج الاستطلاع المذكور غير متوقعة، لافتًا إلى أن السويسريين اقتنعوا بدعاية حلف الناتو وتخويفهم من تعرضهم لهجوم من قبل روسيا، رغم حيادهم التاريخي.

تاريخ من التجسس

أوضح الكاتب أنّ سويسرا كان لديها تاريخ كمركز تجسس على 180 بعثة دبلوماسية، وأكثر من 40 منظمة دولية و750 منظمة غير حكومية، لصالح الولايات المتحدة واستخباراتها الخارجية، وقد كانت جنيف ولا تزال مركزًا للتجسس، وتعاونت مع الولايات المتحدة في التجسس على “الجمهوريات الشقيقة” والخصمة، بهدوء خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.
وأضاف أن التعاون بالأعمال التجسسية يختلف عن الانضمام إلى عضوية تحالف عسكري، ومع أنّ سويسرا عضو في شراكة مع حلف “الناتو” من أجل السلام “بي أف بي” منذ عام 1996، ويشمل التعاون الأهداف العامة مثل مواصلة الحوار السياسي بين المختلفين، وتعزيز وضع المرأة، والسلام والأمن، وعدم انتشار السلاح والحروب.

وذكر أن الحياد السويسري واجه تحديات خاصة منذ سقوط جدار برلين، ما حدا بها إلى الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة في عام 2002 بأغلبية شعبية ضئيلة بنسبة 54.6%، فيما صوّت 12 كانتونًا من أصل 23 لصالح الانضمام، مع أنه في العام 1986، صوّت 75% من السويسريين لعدم الانضمام.

 حياد بدأ يتبدل

قال الكاتب إن سويسرا عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولتهدئة الاعتراضات على النزاعات بين عضوية مجلس الأمن ومبادئ الحياد، ذكر تقرير للمجلس الاتحادي السويسري في عام 2015، أن “مجلس الأمن ليس طرفًا في النزاعات”، فلا يتعارض مع قانون الحياد في البلاد الذي يجب أن يكون ميزة سياسية وليس عقبة.

وأضاف أن الصورة السويسرية المحايدة بدأت تتبدل، وتتوجه نحو الميول الغربية العمومية، متأثرةً بعمق بالحرب الأوكرانية، ومنذ نحو عام زارت وزيرة الدفاع السويسرية، فيولا أمهيرد، مقر حلف الناتو في بروكسل، وحضرت اجتماعًا لمجلس الحلف، وهو أول اجتماع من نوعه وتاريخي لوزير دفاع سويسري.

ردود فعل متباينة

أوضح الكاتب أن هناك ردود فعل محلية وخارجية على هذه التحديات والتغييرات في البلد المحايد، وأطلق حزب الشعب السويسري اليميني مبادرة في عام 2022، لمنع سويسرا من الدخول في تحالفات عسكرية أو فرض عقوبات على دول أخرى.

وذكر أن وزارة الخارجية الروسية أعلنت أن “سويسرا فقدت للأسف وضعها كدولة محايدة عندما انضمت إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي ضدها”. لافتًا إلى أن سويسرا مثلت مصالح روسيا في جورجيا والعكس أيضًا، ولكن روسيا رفضت اقتراح سويسرا بتمثيل مصالح أوكرانيا في روسيا لأن سويسرا انضمت إلى العقوبات الغربية غير القانونية ضدها.

وأضاف أن المادة 5 من مبدأ حلف الناتو الأساسي تقول إن الهجوم على أحد أعضائه هو هجوم على جميع أعضائه، وإذا كان نقل مكتب الناتو يشير إلى اقتراب سويسرا منه، فإن سويسرا ستقترب من شراكة أوروبية عبر الأطلنطي وأقرب إلى ضمانات المادة 5، مبتعدةً عن حيادها الذي بدأ يفقد بريقه.

ربما يعجبك أيضا