كتاب بريطانيون: أزمة أوكرانيا هي المسمار الأخير بنعش النظام الليبرالي الغربي

آية سيد

إذا هاجم بوتين أوكرانيا، ستكون تكاليف الحرب على الغرب أعلى بكثير من تكاليف فرض العقوبات أو تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا, وسيتزعزع استقرار أوروبا لعقود.


أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مساء أمس (الاثنين) اعتراف بلاده باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن  أوكرانيا، وأمر بإرسال قوات روسية لحفظ السلام هناك.

رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، حذر اليوم (الثلاثاء) من احتمالية وقوع الغزو الروسي خلال ساعات، وأبلغ الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن بريطانيا أعدت عقوبات بالفعل تستهدف كل المتواطئين في انتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، معلنًا فرض عقوبات على روسيا، وأنه يدرس إرسال مساعدات دفاعية أخرى إلى مينسك إذا طلبت الحكومة ذلك، وفق رئاسة الحكومة البريطانية.

في هذا السياق، تناول أبرز الكتّاب والمحللين البريطانيين تطورات الأزمة، مبينين أن الأزمة الأوكرانية هي المسمار الأخير في نعش النظام الليبرالي الغربي.

الردع أصبح ضروريًا

صحيفة الجارديان نشرت مقالًا للدبلوماسي البريطاني السابق ومدير السياسة الخارجية في مركز الإصلاح الأوروبي، إيان بوند، يرى فيه أن الردع أصبح ضروريًا من أجل أمن أوروبا على المدى البعيد، رغم أنه يبدو أكثر تكلفة وخطورة، وأنه لا ينبغي استبعاد أي خيار لوقف بوتين، مشيرًا إلى أن الردع سيكون مستحيلًا إذا استمر القادة في إخبار بوتين بما هم ليسوا مستعدين لفعله أو إذا رفعوا الضغط عليه ببطء للدرجة التي تُمكّنه من التكيف دائمًا.

ويقول الكاتب إنه إذا هاجم بوتين بقية أوكرانيا ستكون تكاليف الحرب الناتجة على الغرب أعلى بكثير من تكاليف فرض العقوبات أو تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا وسيتزعزع استقرار أوروبا لعقود، مبينًا أنه “إذا كان الغرب يريد ردع بوتين عن المضي قدمًا، حتى في هذه المرحلة المتأخرة، فإنه سيحتاج  لجعله غير متأكد من أن المكسب يستحق المعاناة، ويجب أن تكون كل الخيارات متاحة على الطاولة”.

بوتين رسم صورة مُنذرة بالشؤم

محرر الشئون الدفاعية والأمنية، كيم سينجوبتا، أوضح في تحليل نشرته صحيفة الإندبندنت تحليلًا لمحرر الشئون الدفاعية والأمنية، كيم سينجوبتا، أن بوتين رسم صورة مُنذرة بالشؤم لما هو قادم في أوكرانيا وإن إعلانه يجعل جهود إيجاد حل دبلوماسي للأزمة أكثر صعوبة، منوهًا بأن الانفصاليين في دونيتسك ولوغانسك ربما يحاولون الاستيلاء على أراضي أوكرانية في إقليم دونباس.

وتابع: “حينها يمكن لموسكو الادعاء بأن ذلك العمل العسكري من تنفيذ (الجمهوريتين) وليس روسيا، والكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة والغرب في كيفية الرد على ما حدث”، متسائلًأ “هل الثمن الباهظ الذي يقولون إن روسيا ستدفعه يتعلق بعمل عسكري أم أنه سينطبق على الضم الفعلي لجزء من أوكرانيا؟”.

روسيا لا تخشى العقوبات أو الديمقراطية

الكاتب وارين كيه كريستولون بين في مقاله بصحيفة دايلي إكسبريس، أن الرئيس الروسي لا يخشى العقوبات أو الأنظمة الديمقراطية، وسيظل يشن التهديدات وربما الحرب ما دام لا يوجد رد فعل قوي من الغرب،موضحًا أإنه ينبغي على الدبلوماسيين الغربيين أن يكونوا علموا الآن أن بوتين ونظامه ليسوا عُرضة “للتوقف”، وإن الأزمة الأوكرانية تهدف إلى قياس قوة الأنظمة الديمقراطية الغربية للقرنالـ21 وقدرتها على الاستمرارية.

ويشير الكاتب إلى أن موسكو ترى التحالف الغربي في حالة فوضى، وأن “أمريكا تفتقر للقيادة الفاعلة وشعبها سأم الحروب اللانهائية، وألمانيا تعتمد بشدة على مصادر الطاقة الروسية، وفرنسا تخشى خسارة علاقاتها الثقافية والتجارية القديمة مع روسيا، والسويد تخشى التنصل من سياستها الناجحة بعدم الحرب دعمًا لديمقراطية أوروبا، وفنلندا تسترجع تجربة حرب الشتاء 1939-1940 مع الاتحاد السوفيتي”.

صراع عالمي

ذكر الكاتب بول ماسون في مقاله بمجلة نيو ستيتسمان، أن هدف بوتين الرئيسي هو زعزعة استقرار الغرب، وأنه قطع شوطًا طويلًا باتجاه هذا الهدف، وأن جهود بوتين التخريبية في الولايات المتحدة تتردد كل ليلة على قناة فوكس نيوز، مشيرًا إلى أن “القيادة الأمريكية تبدو ضعيفة على نحو متزايد، والاتحاد الأوروبي منقسم، والناتو نفسه ليس متأكدًا بشأن ما يتعين عليه فعله”.

وكشف أن ما ينبغي فعله هو فرض عقوبات ضخمة على روسيا لإضعاف اقتصادها، وتقديم مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا لمساعدة شعبها في الدفاع عن نفسه، وبناء المرونة في الأنظمة الديمقراطية الغربية ضد هذا النوع من الهجمات، وتوطيد الناتو ليتمكن من الردع”، مشددًا على أن ما نشهده الآن هو صراع عالمي بين الأنظمة “الديمقراطية والعلم وسيادة القانون ضد الديكتاتورية والمعلومات المضللة والفوضى المسلحة”، وأنه يجب علينا الاختيار.

المسمار الأخير في نعش النظام الليبرالي الغربي

نشرت صحيفة دايلي تليجراف مقالًا للكاتبة الصحفية، شيريل جاكوبس، تقول فيه إن الأزمة الأوكرانية هي المسمار الأخير في نعش النظام الليبرالي الغربي، وأن الغرب يتخلى عن مهمته منذ الحرب الباردة المتمثلة في دمج الاتحاد السوفيتي السابق والعالم بأسره، في النظام الليبرالي، موضحةً أن الغرب اعتقد أنه يستطيع سحب الموارد الطبيعية للدول النامية مثل روسيا، وأن الأخيرة تستخدم المكاسب لتعزيز تقدمها الاقتصادي.

وتابعت: “ما حدث أن الغرب عزز اعتمادية خطيرة على إمدادات الطاقة القادمة من الدول المارقة، وعززز القادة أمثال بوتين مواقفهم، وروسيا حققت تقدمًا كبيرًا في إشراك الدول الغربية في نظامها الفاسد، من خلال تدفق الأموال الروسية إلى الأنظمة المالية الغربية لا سيما لندن عبر شبكة مشبوهة من الشركات الوهمية، ونتيجة لهذا يخشى الخبراء من أن ذلك قد يجعل من المستحيل ضرب بوتين في نقطة ضعفه ومصادرة أصول الأقلية الحاكمة التابعة له”.

وشددت الكاتبة على أن الوضع في أوكرانيا خطير جدًا لأن أعداء الغرب يراقبونه وربما يصبح عملية تجريبية لمواجهة أكبر مع الصين على تايوان، مكملةً: “سيكون موقف الغرب أضعف لأنه أكثر اعتمادًا على الاقتصاد الصيني، وأوكرانيا ليست قصة منفصلة بل أول زلزال حين تبدأ الصفائح التكتونية للعالم في التحرك”.

ربما يعجبك أيضا