كتاب جديد| كيف تعززت الشراكة العسكرية بين الهند وإسرائيل؟

آية سيد
كتاب جديد| كيف تعززت الشراكة العسكرية بين الهند وإسرائيل؟

توجد قواسم مشتركة بين الحكومتين الهندية والإسرائيلية، هي عداؤهما المعلن للأقليات، حيث المسلمون في الهند والعرب المسلمون في إسرائيل.


استعرضت مجلة فورين بوليسي الأمريكية كتابًا جديدًا، للصحفي أزاد عيسى، يتناول أبعاد الشراكة الوثيقة بين الهند وإسرائيل.

ووفق أستاذ العلوم السياسية والزميل الزائر بمؤسسة هوفر الأمريكية، سوميت جانجولي، يجادل الكتاب بأن علاقة الهند المتنامية مع إسرائيل مبنية على تقارب وجهات النظر الأيديولوجية والقومية العرقية.

شراكة استراتيجية

يريد عيسى أن يوضح في كتابه Hostile Homelands: The New Alliance Between India and Israel (أوطان معادية: التحالف الجديد بين الهند وإسرائيل)، أن الشراكة الاستراتيجية المزدهرة بين البلدين تنطوي على نبذ الوازع الأخلاقي، وتقوم على تقارب الميول الأيديولوجية والعلاقات المادية النافعة للطرفين في عدة مجالات، من التجارة إلى الدفاع.

وحسب سوميت جانجولي، فإن حُجة عيسى دقيقة جزئيًّا فقط، لأن تعزيز العلاقات الهندية الإسرائيلية بدأ قبل صعود الحكومات القومية العرقية القوية في كلا البلدين.

علاقات في الخفاء

على الرغم من أن الهند لم تُظهر اهتمامًا بامتلاك علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، بسبب تحفظات بشأن كونها دولة مبنية على أساس ديني، فقد اعتمدت نيودلهي عليها من أجل الحصول على مساعدات عسكرية، وإن كان بطريقة سرية، وفق الكتاب.

وسعيًا للتحرر من عزلتها الدبلوماسية في الشرق الأوسط، قدمت إسرائيل إمدادات عسكرية حيوية إلى الهند، بداية من الحرب الحدودية بين الصين والهند في 1962، وساعدت الهند أيضًا في حروبها ضد باكستان في 1965 و1971، على الرغم من أنها أبقت الأمر سرًّا.

وبعد انتهاء الحرب الباردة، أقامت الهند وإسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة, ومنذ ذلك الحين، تشهد العلاقات مسارًا تصاعديًّا. ومنذ أواخر التسعينات، تحت حكم حزب بهاراتيا جاناتا اليميني، تحسنت العلاقات بدرجة كبيرة. وكانت إسرائيل حريصة على مساعدة الهند بوصفها سوقًا مربحة محتملة.

اقرأ أيضًا: كتاب جديد: كيف تؤثر العوامل الداخلية في سياسة الهند الخارجية؟

القضية الفلسطينية

يقول عيسى في كتابه إن التحول في العلاقات حدث تحت حكم بهاراتيا جاناتا لأنه، على عكس حزب المؤتمر الوطني، لم يكن لديه نفس الالتزام الأيديولوجي تجاه القضية الفلسطينية والعالم العربي. وكذلك لم تكن لديه نفس المخاوف بشأن الناخبين المسلمين في الهند.

واليوم، تتمتع الهند بعلاقة متعددة الأوجه مع إسرائيل، من التبادل السياحي المكثف إلى شراء الأسلحة. ويوضح الكتاب أنه منذ وصول ناريندرا مودي إلى الحكم في 2014، أصبحت الهند أقل دعمًا للقضية الفلسطينية، في الوقت الذي تظل فيه ملتزمة بها علنًا.

القومية العرقية

يوضح جانجولي أن حُجة عيسى الأساسية هي أن العلاقة الأمنية بين الهند وإسرائيل تبلورت في العقد الماضي، خاصة تحت حكم مودي، وأصبحت أكثر بروزًا بسبب ظهور قوى قومية عرقية قوية في البلدين.

وحسب أستاذ العلوم السياسية، هذه الحُجة سليمة تمامًا، ففي الهند، يتجلى هذا الاتجاه في تشكيل كتيبة “هندوتفا”، وتعني الهندوسية، تحت حكم مودي وزمرته.

وفي إسرائيل، حدثت عملية مشابهة، باستعداد حزب الليكود اليميني بقيادة بنيامين نتنياهو لتقاسم السلطة مع الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل حزب الصهيونية الدينية القومي المتطرف والمناهض للعرب.

قاسم مشترك

يشير الكتاب إلى أن أحد القواسم المشتركة بين الحكومتين الهندية والإسرائيلية هو عداؤهما المعلن تجاه الأقليات، (المسلمين في الهند والعرب المسلمين في إسرائيل). ويقول عيسى إن مودي ونتنياهو يرغبان في تحويل بلادهما إلى ديمقراطيات عرقية تميّز مجتمع الأغلبية.

ولكن، وفق جانجولي، توجد مجموعة من الادعاءات الأخرى في كتاب عيسى تشوّه جودة تحليله وتجعل الكتاب محل جدل. وعلى الرغم من أن هذه الادعاءات لا تقتصر على بلد واحد من الاثنين، فإن تأكيداته المتعلقة بالهند خاطئة بنحو خاص.

وظهر ذلك في طريقة تناوله للخلاف بين الهند وباكستان بشأن كشمير، وعزوفه عن ذكر استخدام باكستان للوكلاء الإرهابيين لشن هجمات ضد الهند.

هدف خبيث

يرى جانجولي أن أحد المآخذ الأخرى على كتاب عيسى هو أنه بدلًا من الاعتراف بأن الدول تشتري الأسلحة المتقدمة من أي مزود يوفرها بسعر معقول، يشير عيسى إلى أن علاقة تبادل الأسلحة المزدهرة بين الهند وإسرائيل لها بعض الأهداف الخبيثة.

ويركز عيسى على شراء أجهزة الاستشعار الإلكترونية التي يمكن نشرها على الحدود لرصد المتسللين. لكن نظرًا لخبرة إسرائيل الكبيرة في هذا المجال والمشكلات الحدودية التي تواجهها الهند مع باكستان والصين، فإن قرار نيودلهي بالحصول على هذه التكنولوجيا ليس مفاجئًا، حسب جانجولي.

وعلى الجانب الآخر، يناقش عيسى شراء الهند واستخدامها برنامج التجسس “بيجاسوس”، الذي تصنعه شركة إسرائيلية، بإيجاز، مشددًا على أنه مثال آخر لعدم اكتراث الحكومتين بالحريات المدنية، ولكن جانجولي يقول إنها صفقة تجارية وليست نقلًا للتكنولوجيا على مستوى الحكومتين.

روابط أيديولوجية

يتحدث عيسى بإسهاب عن الجماعات الموالية للهندوتفا في الولايات المتحدة وروابطها بالمنظمات الموالية لإسرائيل. وعلى الرغم من أن جانجولي يؤكد وجود هذه الروابط، فإنه يقول إنه ليس من الواضح ما إذا كانت مؤثرة في تشكيل الشراكة الاستراتيجية بين الهند وإسرائيل وتعزيزها مثل ما يشير عيسى.

وختامًا، يشدد جانجولي على أن الشراكة الهندية الإسرائيلية شهدت تحولًا كبيرًا تحت حكم مودي وصعود نتنياهو، وأن المشروعات القومية العرقية للزعيمين عززت التقارب المتنامي بين البلدين. ولكن من المؤسف أن إغفال الوقائع والادعاءات الجدلية يُضعف حُجة عيسى الأساسية.

ربما يعجبك أيضا