كيف أحبطت دول المحيط الهادئ جهود التوسع الصينية؟

آية سيد
كبير الدبوماسيين الصينيين وانج يي

رفضت دول المحيط الهادئ التوقيع على اتفاقية مقترحة من الصين، في أول إخفاق لبكين في المنطقة التي تشهد منافسة شرسة مع الولايات المتحدة على النفوذ.


تعرضت الصين لأول إخفاق لها في الصراع المتنامي مع القوى الغربية للهيمنة على المحيط الهادئ، فبكين تعمل على تعزيز وجودها في المنطقة لمواجهة أمريكا وحلفائها.

وبحسب ما أوردت الجارديان، أمس الاثنين 30 مايو 2022، رفضت دول المحيط الهادئ التوقيع على اتفاقية اقتصادية وأمنية إقليمية شاملة اقترحتها الصين، بعد اجتماع بين وزراء خارجية هذه الدول ونظيرهم الصيني أمس.

رفض المقترح الصيني

ذكرت الجارديان أن وزير الخارجية الصيني، وانج يي، سيزور 8 دول في جولة تستمر 10 أيام. ووصف خبراء الجولة بأنها تمثل “ارتفاعًا هائلًا” في وتيرة السعي الصيني لبسط النفوذ في المنطقة. وعقد وانج، أمس، قمة افتراضية في فيجي مع وزراء خارجية ساموا، وتونجا، وكيريباتي، وبابوا نيو غينيا، وفانواتو، وجزر سليمان، ونيواي، وفيجي، لمناقشة اتفاقية إقليمية.

وبحسب مسؤول، تريد الدول تأجيل اتخاذ إجراء بشأن مسودة الاتفاق أو تعديله. وقال سفير الصين في فيجي إنه بينما يوجد “دعم عام” للاتفاقية، تأجلت بعد إعراب بعض الدول عن قلقها. لهذا، بعد الفشل في الاتفاق، قال وانج إن الصين ستصدر ورقة موقف بشأن الإجماع والتعاون، مطالبًا دول المنطقة بألا تكون “قلقة للغاية” حيال أهداف الصين.

ماذا يشمل الاتفاق المقترح؟

يغطي الاتفاق، الذي جرى تسريبه الأسبوع الماضي، كل شيء من إقامة منطقة تجارة حرة إلى تقديم المساعدات الإنسانية، ويوضح رؤية الصين لعلاقات أوثق مع دول المحيط الهادئ، لا سيما في الأمور الأمنية، فالصين اقترحت المشاركة في تدريب الشرطة، والأمن السيبراني، ورسم الخرائط البحرية الحساسة، وإمكانية الوصول إلى الموارد الطبيعية.

وبعد الاجتماع، قال وانج إن الدول اتفقت على 5 مجالات للتعاون لكن توجد حاجة لمزيد من المباحثات لتحقيق الإجماع، مشيرًا إلى أن “التنمية والازدهار المشترك للصين وكل الدول النامية الأخرى يعني المزيد من التناغم والعدالة والتقدم للعالم بأسره”. وبحسب الجارديان، شملت المجالات “التعافي الاقتصادي من جائحة كوفيد، وإقامة مراكز جديدة للزراعة والكوارث”، لكنها لم تشمل الأمن.

محاولات أمريكية وأسترالية لإحباط جهود الصين

أشار تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز، أمس، إلى أن رفض الاتفاق الصيني جاء بعد أن قاومت الولايات المتحدة وأستراليا بقوة جهود بكين لجذب دول المحيط الهادئ الصغيرة والفقيرة إلى محيطها. ووفق التقرير، هرعت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونج، إلى فيجي لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء فرانك باينيماراما، بعد يوم من استلامها المنصب.

وأعلنت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي، عشية وصول وزير الخارجية الصيني إلى فيجي، أن سوفا ستنضم إلى إطار العمل الاقتصادي لمنطقة “الهندي الهادئ”، وهو خطة واشنطن لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية. وأثار نجاح الصين في توقيع اتفاقية أمنية مع جزر سليمان الشهر الماضي، والمفاوضات مع كيريباتي، قلق الولايات المتحدة وأستراليا واليابان ونيوزيلندا.

موقف ميكرونيسيا من المقترح الصيني

وفقًا لفاينانشيال تايمز، حث رئيس ولايات ميكرونيسيا المتحدة، ديفيد بانويلو، قادة الدول الجزرية في المحيط الهادئ الـ21، على عدم التوقيع على مقترح الصين، في خطاب بتاريخ 20 مايو، منوهًا بأن هدف المقترح الصيني هو “الوصول إلى منطقتنا والسيطرة عليها، والنتيجة ستكون تصدع السلام، والأمن والاستقرار في المنطقة”.

وذكرت الصحيفة أن قلق ميكرونيسيا كان متوقعًا، لأن لديها اتفاقية ارتباط حر مع الولايات المتحدة، تمنح واشنطن كلمة في علاقاتها الأمنية مع الدول الأخرى. لكن فشل وانج في الحصول على موافقة الدول الأخرى أشار إلى وجود مخاوف على نطاق أوسع.

توقيع اتفاقيات مع فيجي وساموا

بحسب الجارديان، وقّعت الصين وفيجي 3 اتفاقيات على الأقل بعد اجتماع وانج وباينيماراما يوم الاثنين. وقال وانج إن الاتفاقيات ستوسع التعاون في الاقتصاد والتجارة والزراعة ومصائد الأسماك والسياحة والتعليم وإنفاذ القانون وإدارة الطوارئ، منوهًا بأن الصين ستقدم المساعدات إلى دول المحيط الهادئ “دون شروط سياسية”.

وشدد باينيماراما على أهمية تغير المناخ لدول المحيط الهادئ، موضحًا أنها ليست مهتمة بـ”إحراز النقاط الجيوسياسية”، وأنه حث الصين على تقديم التزامات أقوى تجاه أزمة المناخ، مثلما يفعل مع الاقتصادات الكبرى. ووقعت ساموا، اليوم السبت، على اتفاقية ثنائية مع الصين تهدف إلى “المزيد من التعاون” دون تقديم تفاصيل. وأشارت حكومة ساموا في بيان إلى “تغير المناخ، والجائحة، والسلام والأمن”.

ربما يعجبك أيضا