كيف أخطأت سياسة الانسحاب الأمريكية من أفغانستان الهدف؟

لماذا يركز السياسيون على لحظة الانسحاب من أفغانستان ويتجاهلون 20 عامًا من الحرب؟

بسام عباس
على خطى إيران وكوريا الشمالية.. طالبان تخطط للحصول على سلاح نووي

في الذكرى السنوية الثالثة لمغادرة آخر جندي أمريكي لأفغانستان، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، عادت أفغانستان إلى الظهور لفترة وجيزة في الخطاب الأمريكي.

وهو ما سيسلط الضوء على السياسة التي تنتهجها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وليس أفغانستان، وليس المحاربين القدامى، وبالتأكيد ليس الأفغان، والتي تهدف إلى صرف الانتباه وليس التدبر.

قضية خاسرة

قالت مجلة “ريسبونسبل ستيت كرافت”، في تحليل للكاتب آدم وينشتاين، نشرته الجمعة 30 أغسطس 2024، إن التركيز الضيق على شهر واحد من 238 شهرًا، و13 حالة وفاة من أصل 2219 حالة أمريكية قتلت في أفغانستان، سيجعل قادتنا يخطئون الهدف مرة أخرى.

وأضافت أن الحقيقة القاسية هي أنه بعد 20 عامًا، كانت نجاحاتنا في ساحة المعركة قليلة، فعندما دخلت إدارة ترامب في مفاوضات مع طالبان، تقاسمت واشنطن وخصومنا القدامى من طالبان نفس الهدف: “خروج أمريكا”، وسرعان ما قرر الرئيس بايدن أن يحذو حذوه، ما أدى إلى انسحاب عشوائي، ما يعد فصلًا آخر في استراتيجية فاشلة للحرب.

وقال الكاتب إن البعض سيصف الأمر كله بأنه قضية خاسرة منذ البداية، وهي وجهة نظر متقبلة رغم بساطتها، بينما سوف يسيء آخرون قراءة الدروس لصياغة استراتيجيات جديدة للتدخل، على أمل تغيير التاريخ مرة أخرى، وإن كان ذلك في توقيت وتنفيذ أفضل.

إخفاقات أمريكية

أوضح وينشتاين أن إجراء مراجعات ما بعد العمليات للمهام العسكرية الأمريكية الرئيسية أمر ضروري وواجب، وعلى لجنة حرب أفغانستان ومكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان أن يأخذا هذا الأمر على محمل الجد، إذ أصبحت نتائجهما متاحة في التقارير العامة.

ولفت إلى أن صحفيين ومحللين مخضرمين ينشرون كتبًا ومقالات تتناول أصعب الأسئلة في هذه الحرب التي استمرت 20 عامًا، ومن غير المرجح أن يقرأ هذه التقارير والكتب من يستغلون الإخفاقات الأمريكية في أفغانستان ودماء الجنود الأمريكيين لتحقيق أجنداتهم الخاصة، ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الدروس تنطبق على الصراعات المستقبلية.

وذكر أن الاستماع إلى تحليلات الساسة والمعلقين والجنرالات المتقاعدين بشأن الحرب، يعتقد المواطن العادي أن حرب أفغانستان كانت مهمة إنسانية سلسة، ولم يسقط قتلى أمريكيون حتى تفاوض الرئيس ترامب على الانسحاب ونفذه الرئيس بايدن، مشيرًا إلى أن هذا خيال محض، لافتًا إلى أن أفغانستان لم تكن مهمة للأمريكيين كما كانت بالنسبة لطالبان.

أهمية أفغانستان

قال الكاتب إن الإخفاق الأمريكي في أفغانستان أبرز حقيقة قاتمة للأفغان والشتات الأفغاني، مفادها أنه لا أحد سيأتي للإنقاذ، إنها دولة طالبان الآن. وأن الأمريكيين الذين أيدوا البقاء في أفغانستان سيزعمون أن أفغانستان أصبحت جحيمًا للنساء، وهي حقيقة تدعمها الحقائق، وأنها بؤرة للإرهاب، وهو ادعاء مبالغ فيه.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة لم تنسحب من أفغانستان، فمنذ أغسطس 2021، قدمت أكثر من ملياري دولار من المساعدات الإنسانية، ومع رفض القيادات الأمريكية فكرة دعم الجهات الفاعلة غير الحكومية للإطاحة بطالبان، فإن بعض مراكز البحوث في واشنطن لا تزال تدعو إلى ذلك، ويواصل مجموعة من المتطوعين والمسؤولين الحكوميين تسهيل إجلاء الأفغان الذين دعموا أمريكا.

وأضاف أن جهودًا حثيثة بذلت لحماية الأصول الأفغانية والانخراط دبلوماسيًّا مع زعماء طالبان الجدد، ولعل صناع السياسات في واشنطن تعلموا من الماضي، ولكن مع مرور الأيام، ستتلاشى أهمية أفغانستان، وتتقلص إلى وضع دولة غير ساحلية مع تناقص الاستثمارات ومخاطر أمنية معتدلة، وتطغى عليها أولويات عالمية أخرى، ولعل أقسى اتهام للحرب التي استمرت 20 عامًا في أفغانستان هو مدى ضآلة مناقشتها في المستقبل.

ربما يعجبك أيضا