كيف أدت سياسات أردوغان إلى انهيار الليرة والاقتصاد التركي؟

عمر رأفت
أردوغان

تسببت الزلازل التي وقعت في تركيا الفترة الماضية في خسائر طائلة في ظل معاناة الاقتصاد التركي بسبب ارتفاع نسب التضخم.


شبّهت صحيفة “فايننشال إكسبريس” الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا الآن، بتلك التي وقعت في عهد الدولة العثمانية أو الحرب العالمية الأولى.

وقالت الصحيفة إن الإمبراطورية العثمانية، قد انهارت بسبب سوء الإدارة المالية مثل الفساد والديون الضخمة، والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، مما أجبرها على التخلف عن سداد القروض، وهو ما يشبه ما تمر به تركيا الآن على خلفية انهيار اقتصادها بفعل الزلازل،

تضرر الاقتصاد وخسائر طائلة

أشارت فايننشال إكسبريس إلى أن الزلازل المتكررة في تركيا أدت لتعثر الاقتصاد بشكل أكبر، وبلغت خسائر الزلازل في شرق تركيا فقط 84 مليار دولار أي 10% من الناتج المحلي للبلاد، ويأتي هذا الأمر في ظل تضخم مرتفع وخفض سعر الفائدة.

وأضافت الصحيفة أن التضخم في تركيا ارتفع إلى 85٪ في أكتوبر الماضي، والآن بسبب الزلزال، من المتوقع أن تظل نسبته فوق 40% هذه الفترة، وعادة ما ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فعل العكس وظل يخفض أسعار الفائدة.

وأوضحت الصحيفة أنه نتيجة لارتفاع نسب التضخم، تراجعت الليرة أكثر من 1٪ هذا العام بعد انخفاضها 30٪ قبل عام، لتصبح واحدة من العملات سيئة الأداء في الأسواق الناشئة.

سياسات أردوغان الخاطئة

أبرزت فايننشال إكسبريس بيانات البنك الدولي، والتي كشفت أن المعروض النقدي الواسع في تركيا قد ارتفع 3 مرات ونصف بين عامي 2014 و2020، وارتفع المعروض النقدي الواسع في الولايات المتحدة 50٪ خلال نفس الفترة، مما تسبب في انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار.

وأضافت الصحيفة أن أردوغان يعتقد أنه إذا فقدت الليرة قيمتها مقابل الدولار، فإن صادرات تركيا ستصبح أرخص ببساطة وسيرغب المستهلكون الأجانب في شراء المزيد منها، ولكن هذا لن يحدث لأنها تصبح أكثر تكلفة مع انخفاض قيمة الليرة. واستنفدت احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد بسرعة وتضخم عجز الحساب في السنوات الأخيرة.

فيما أبرزت شبكة “فويس أوف أمريكا” الإخبارية الخسائر التي أصابت تركيا من هذا الزلزال من جهات مختلفة، وقدر اتحاد الشركات والأعمال التركي تكلفة إعادة الإعمار بأكثر من 80 مليار دولار في تقريره الأولي الصادر بعد 4 أيام من الزلازل.

تكاليف باهظة نتيجة الزلزال

ذكرت “فويس أوف أمريكا” أن بنك الاستثمار الأمريكي مورجان ستانلي قدّر تكاليف الإسكان وحدها بـ38 مليار دولار، في حين قال إن التكلفة التقديرية لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية ستبلغ 25 مليار دولار، وتقلص النمو الاقتصادي للبلاد 3.3٪.

ويقول الاقتصاديون بالبنك الدولي لـ”فويس أوف أمريكا”، إنه من السابق لأوانه توقع الخسائر الناجمة عن الزلازل الأخيرة، لكنهم يراقبون عدة عوامل رئيسية.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد التركي بمعدل 3٪ هذا العام، لكن العديد من الخبراء يقولون إن الزلازل ستعيق هذا النمو.

وتحدث الخبير الاقتصادي، تيموثي آش، لـ”فويس أوف أمريكا” من لندن، وقال إن الآثار الاقتصادية المباشرة للزلزال من المرجح أن تكون أقل وطئة مقارنة بزلزال 1999، لأن الزلازل أثرت في الغالب على المناطق الزراعية والريفية هذه المرة.

مشاكل متجذرة

فيما قال الاقتصاديون في البنك الدولي إن إعادة الإعمار من قبل القطاعين الخاص والعام في أعقاب الكارثة، يُجرى تسجيلها كاستثمار في الاقتصاد، وبالتالي، قد تحد جهود إعادة البناء من التأثير.

وذكرت “فويس أوف أمريكا” أنه في الوقت الذي تشير فيه التحليلات الأولية التي أجرتها المؤسسات المالية، بما في ذلك مورجان ستانلي، إلى أن تمويل الخسائر يمكن تدبر أمره، يحذر الخبراء من أن المشاكل المتجذرة في إطار سياسة الاقتصاد الكلي في تركيا يمكن أن تجعل الأمور أكثر صعوبة.

وفي حديثه إلى إذاعة صوت أمريكا الأسبوع الماضي، قال أستاذ الاقتصاد من جامعة كوج في إسطنبول سيلفا ديميرالب، إن تركيا كانت ستصبح في وضع أفضل للتعامل مع التداعيات الاقتصادية للزلزال إذا لم تكن تعاني بالفعل من نقاط ضعف كبيرة من الناحية الاقتصادية.

ربما يعجبك أيضا