كيف تتشابه الأزمة الروسية الأوكرانية وحرب فيتنام؟

بسام عباس
جنود روس

ما يحدث في الحرب الروسية الأوكرانية قد يكون مشابهًا لما حدث في حرب فيتنام، التي انتهت بانسحاب أمريكا، رغم امتلاكها ترسانة نووية ضخمة.


توقع المحلل السياسي، جدعون روز، أن تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية، كما انتهت حرب فيتنام، في عهد الرئيس الأمريكي السابق، ريتشارد نيكسون.

ودعا روز، في تحليل نشرته مجلة “فورين أفيرز“، يوم 14 أكتوبر 2022، الغرب إلى عدم إجبار أوكرانيا على الاستسلام، بسبب مل قال إنه “اعتقاد خاطئ” بأن الحرب ستتصاعد إلى مستويات مرعبة.

روسيا لن تستخدم النووي

روز، رئيس التحرير السابق لمجلة “فورين أفيرز”، رجح أن روسيا لن تستخدم الأسلحة النووية في أوكرانيا، ووصف تهديدها النووي بأنه أمر منطقي، يهدف إلى تخويف الناس، وإثارة القلق والحذر في نفوس مؤيدي أوكرانيا، ويحث على دعوات لإجراء مفاوضات مبكرة لدرء الخطر، دون تكلفة تذكر على روسيا.

واستنادًا إلى تجربة الحرب في فيتنام، قال الكاتب إن الكرملين يتعامل بنفس الطريقة، التي تعاملت بها إدارة نيكسون قبل نصف قرن، حين لم تنجح الضربات الصاروخية، ولا التهديد بالقصف النووي في وقف الحرب، وفي النهاية، أرغمت واشنطن مهزومة على الانسحاب من الصراع، بحسب تعبيره.

عواقب كارثية

أوضح الكاتب أن استخدام روسيا للأسلحة النووية سيكون له عواقب كارثية، لافتًا إلى أن نشر أسلحة نووية تكتيكية لن يؤثر في الصورة الاستراتيجية الأكبر، بل قد يدمر الأماكن ذاتها، التي يُفترض أن موسكو تحاول إنقاذها.

وأضاف أن أوكرانيا ستظل في طريقها لهزيمة روسيا، وسيكون مؤيدوها الغربيون أكثر إصرارًا على مواصلة دعمهم، وحرمان موسكو من أي نصر قد يلوح في الأفق، وسيكون الاستخدام النووي مدمرًا للذات، ولن يكون مقدمة لحرب عامة، بل سيكون تحذيرًا من عدم الكفاءة الاستراتيجية المتهورة.

الحروب تُحسم في ساحة المعركة

أوضح روز أن ما يُنهي الحرب الروسية الأوكرانية، ليس العقوبات الغربية أو التهديد بالقصف أو الانتقام، فالحروب تُحسم في ساحة المعركة، لافتًا إلى أن “المهارة العسكرية والشغف” لدى الشيوعيين الفيتناميين، في الحرب ضد أمريكا، قادهم في النهاية إلى الفوز بالحرب.

وأضاف أن الشيء نفسه يحدث في أوكرانيا، الآن، حيث تدفع القوات الأوكرانية الروس للتقهقر موقعًا تلو الآخر، وقرية تلو أخرى، مشيرًا إلى أن استمرار الجيش الأوكراني على هذا النحو يدفع روسيا إلى الاستسلام، لذا، قال إن تمكين أوكرانيا من الاستمرار، يجب أن يكون على رأس أولويات واشنطن.

 تجاهل الاستفزازات الروسية

ذكر الكاتب أنه من المتوقع أن تثور موسكو خوفًا على مصيرها، تمامًا كما فعلت واشنطن قبل نصف قرن، فالتهديدات بالتصعيد علامة ضعف وليست قوة، داعيًا القوى الغربية إلى تجاهل التهديدات والاستفزازات الروسية، والتركيز على مساعدة أوكرانيا في الانتصار على الأرض.

وأضاف أن تهديدات موسكو النووية أحد أشكال المساومة، وأنه لا داعي لنسبها إلى نفسية” فردية مضطربة” أو إلى سياق وطني معين، فالولايات المتحدة تصرفت بالمثل، عندما واجهت الهزيمة في فيتنام، قبل أن تخرج من مستنقعها، ومن المرجح أن تحذو روسيا حذوها في المستقبل، إذا لم تجد خيارًا أفضل.

انسحاب يحافظ على الكرامة

أوضح الكاتب أن روسيا لن تذل، تمامًا مثل واشنطن في أوائل السبعينيات، لافتًا إلى أن الكرملين سيكون مهووسًا بالحفاظ على نفوذه ومصداقيته في الداخل والخارج، وأي تسوية يقبلها لن تكون استسلاماً نابعًا من الانهيار، بل قرارًا متعمدًا بالانسحاب، من أجل وقف نزيف الدم والمال والنفوذ السياسي.

وقال إنه بالنظر إلى القوة المتبقية، التي ستحتفظ بها روسيا، سيتعين على أوكرانيا إرجاء بعض أهدافها، حتى الرئيسة منها، موضحًا أن كييف يمكنها البناء على هذا التقدم في مناطق أخرى، مثل مصير المناطق المحتلة الأخرى في دونباس، والوضع النهائي لشبه جزيرة القرم، وجرائم الحرب الروسية، وفق رؤية الكاتب.

الأسلحة النووية من ضحايا حرب أوكرانيا

أوضح جدعون روز أن أوكرانيا إذا تمكنت من الاستمرار في الضغط العسكري الكافي، فستبدأ روسيا في مرحلة ما في البحث عن مخرج، ووضع نهاية هذه الحرب جديًّا، وعندها ستبرز الحلول الوسط الضرورية الحتمية من جميع الأطراف، وسيتعين عليها المفاضلة بين الخيارات الصعبة.

واختتم تحليله بأن أحد الجانبين يتفوق على الآخر في ساحة المعركة التقليدية، في حين يمتلك الآخر أسلحة نووية، وسينتهي الصراع، كما حدث من قبل، مع بقاء الأسلحة النووية مهمشة لم تستخدم. وبالتالي سيكون من بين ضحايا الحرب الروسية الأوكرانية، الترسانات النووية الهائلة، التي تحتفظ بها القوى العظمى، بتكلفة كبيرة ومخاطر جمة.

ربما يعجبك أيضا