كيف تتعامل ادارة بايدن مع التوسع الصيني في إفريقيا؟

نداء كسبر

تسعى إدارة بايدن لصياغة استراتيجية أمريكية جديدة تجاه إفريقيا من أجل تعزيز نفوذ واشنطن مرة أخرى داخلها، للتخلص من سياسة التجاهل التي انتهجها "ترامب" نحو القارة.


أتت ولاية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس جو بايدن، كي تعبر عن بداية انطلاقة مختلفة في مسار العلاقات الأمريكية – الإفريقية.

وشهدت الفترة التي سبقت بايدن تراجعًا واضحًا في حجم التماس مع القارة العجوز خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، ما سمح بصعود قوى منافسه لأمريكا على الساحة الإفريقية مثل الصين، التي أصبحت الشريك التجاري الأول للدول الإفريقية.

سياسة الصين التوسعية تجاه إفريقيا

تركز اهتمام الصين على تسويق صورتها القومية باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم، فعلاقاتها بإفريقيا تقوم على أساس المشاركة والتركيز على المصالح الاقتصادية، وفي أعقاب الحرب الباردة، تطورت الاهتمامات الصينية إلى تحقيق المصالح المشتركة كالتجارة، والاستثمار، والطاقة.

وفي العقد الأخير، أصبحت تنظر إلى القارة الإفريقية باعتبارها منطقة ذات أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة، لزيادة توسعها، بالإضافة إلى تأمين إمداداتها من الموارد الطبيعية.

استطاعت الصين تحسين صورتها في عصر وباء فيروس كورونا في إفريقيا، من خلال “دبلوماسية القناع” التي تتمثل في العمل على الإمداد بالأمصال والمعدات الطبية والأطباء، نجحت هذه الاستراتيجية التي تُعد جزءًا من سياستها التوسعية للتوغل وبسط النفوذ في إفريقيا فتبنتها مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الساحة العالمية.

الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة النفوذ الصيني

تأتي استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة لمواجهة تزايد النفوذ الصيني في إفريقيا، في إطار تجسيد وتكريس النزعة الأمريكية التوسعية من خلال تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية، خاصة المعرضة للاختراق من جانب كل من الصين وروسيا ، من خلال الدفع باستثمارات ومشروعات اقتصادية ومبيعات للأسلحة.

كانت استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، التي صدرت في مايو 2010، تعمل من أجل تعزيز قيم الشراكة مع إفريقيا، والتي تقوم بالارتكاز على المسؤولية المشتركة والاحترام المتبادل، بالإضافة إلى الدعوة إلى شراكة مع الدول الإفريقية، وفي 14 يونيو من عام 2012، وافق الرئيس الأسبق باراك أوباما على توجيه سياسة تقوم بتحديد رؤيته فيما يتعلق بسياسة واشنطن تجاه إفريقيا.

ما أدى إلى انبثاق استراتيجية أمريكية جديدة في عهد بايدن ترتكز على حماية الأمن القومي الأمريكي عبر حماية المصالح الأمريكية في إفريقيا “النفط ومصادر الطاقة”، بالإضافة إلى التقليل من خطر تهديد الأمن الأمريكي في الداخل والخارج “عمليات مكافحة ما يسمى بالإرهاب”.

سياسة بايدن في تعزيز العلاقات الأمريكية الإفريقية

تلعب الخبرات السابقة لـ بايدن في ظل إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، دورًا في صياغة سياسة أمريكية فاعلة، من خلال الشخصيات التي وقع عليها الاختيار، فعلى سبيل المثال، أنتوني بلينكن، الذي شغل منصب وزير الخارجية والمعروف بدعمه الكبير للشراكة مع إفريقيا.

وليندا توماس غرينفيلد ذات الأصول الإفريقية التي عملت في إفريقيا في ليبيريا وكينيا وغامبيا ونيجيريا، شغلت منصب مساعد وزير الخارجية لمكتب الشؤون الإفريقية في إدارة أوباما؛ سوزان رايس التي عملت مساعدة لوزير الخارجية للشؤون الإفريقية في الفترة بين عامي 1997 و2001، ومستشارة لـ جون كيري في عام 2004 وأوباما في عام 2008، مثلت واشنطن في الأمم المتحدة في الفترة 2009-2013.

وميشيل غافن التي عملت في إفريقيا كسفيرة لدى بتسوانا في الفترة 2011-2014، وممثلة لواشنطن لدى منظمة السادك في الجنوب الإفريقي، ومساعد خاص لـ أوباما لشؤون إفريقيا في مجلس الأمن القومي، بالإضافة إلى جيفري فيلتمان المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الإفريقي.

تعزيز النفوذ العسكري الأمريكي في القارة الإفريقية

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إدارة بايدن إلى مواجهة النفوذ العسكري الصيني في إفريقيا بأدوات مشابهة، إذ يقوم نحو 6500 جندي أمريكي متمركزين في إفريقيا بتدريب القوات المحلية للدول الحليفة، وبمجموعة من المهام ذات التأثير على الواقع الأمني والاقتصادي للقارة الإفريقية، على غرار مكافحة الإرهاب.

فتعمل واشنطن على توسيع نفوذها الأمني وسط حالة من عدم الاستقرار والتهديدات الإرهابية والتدخلات الأجنبية المحتملة، آخرها مناورات “فلينتلوك” برنامج الولايات المتحدة التدريبي السنوي للقوات الإفريقية خلال الفترة من (20-28) فبراير 2022 في ساحل العاج.

ربما يعجبك أيضا