كيف تؤثر غازات الاحتباس الحراري في ظاهرة النينيو والنينيا؟

استطاع علماء المناخ معرفة الأسباب التي تجعل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تتسبب في تكرار ظاهرة النينيو والنينيا وحدتها.

وأدى الاحتباس الحراري إلى تكثيف نمط المناخ في المحيط الهادئ منذ الستينيات، ما أدى إلى موجات الجفاف الشديدة والفيضانات وموجات الحر في جميع أنحاء العالم، وفقًا لدراسة جديدة، نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية، الخميس 18 مايو 2023.

تأثير في النظم البيئية

أوضحت صحيفة الجارديان أن التغيرات في درجات حرارة المحيطات وظروف الغلاف الجوي في المحيط الهادئ، المعروفة باسم التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو، أثرت في أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، ما يهدد الإمدادات الغذائية وينشر الأمراض ويؤثر على المجتمعات والنظم البيئية.

وأضافت أن علماء المناخ بذلوا جهودًا مضنية لمعرفة تأثير زيادة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وهي غازات تحبس كميات هائلة من الحرارة في المحيط، على ظاهرة النينيو والنينيا، ولكن لأن التقلبات الطبيعية امتدت لعقود مضت، وكانت الملاحظات قليلة، اتجه العلماء إلى دراسة أكثر من 40 نموذجًا للمناخ.

بصمة بشرية

فحصت الدراسة الجديدة، التي أجراها كبير علماء الأبحاث والمحيطات والغلاف الجوي، وينجو كاي، والباحث الأول بجامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية، أجوس سانتوسو، الفترة التي بدأ فيها هذا النشاط يؤثر في ظاهرة النينيو والنينيا ويجعلها أكثر تطرفًا، ووجدت الدراسة علاقة بين نشاط غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان والتغيرات في النينيو والنينيا.

وقال وينجو كاي إن النماذج أظهرت “بصمة بشرية” من عام 1960 فصاعدًا، وهذا يعني أن تغير المناخ جعل كلًا من النينيو والنينيا “أكثر تكرارًا وتطرفًا”، لافتًا إلى أن بعض زملائه غير المشاركين في الدراسة أبدوا تحفظات على النتائج، ما أثار مخاوف بشأن الاعتماد على النمذجة.

اقرأ أيضًا: دراسة: الاحتباس الحراري يتسبب في تسريع موجات الجفاف

انخفاض درجات الحرارة العالمية

أوضحت الصحيفة البريطانية أن الباحثين عملوا على الدراسة لمدة خمس سنوات، وأظهرت النتائج أن كوكب الأرض يمر بمناخ مختلف تمامًا عن مناخ الماضي البعيد، ما سيساعد العلماء على فهم كيف سيتغير النينيو والنينيا في المستقبل، نظرًا لاستمرار درجات حرارة سطح البحر في الزيادة.

وأضافت أن درجات حرارة سطح البحر في المحيط الهادئ الاستوائي، خلال فترات النينيا، تكون أكثر برودة من المتوسط ​​طويل الأجل، ما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية، ويحدث العكس خلال ظاهرة النينيو.

وذكرت أن النماذج أظهرت أن درجات حرارة سطح البحر المتطرفة اشتدت 10% عندما قارنت الستين عامًا قبل عام 1960 إلى الستين عامًا التي تليها، لافتة إلى أن العلماء كافحوا لمدة 30 عامًا لمعرفة العلاقة بين تغير المناخ الذي يسببه الإنسان وظاهرة النينيو والنينيا.

نسبة صغيرة تُحدث تقلبات قوية

قال كبير الباحثين في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي التابعة للحكومة الأمريكية والمؤلف المشارك في الورقة، الدكتور مايك مكفادين، إن الباحثين بذلوا قصارى جهدهم في هذه القضية لإيجاد إجابة قوية، وفحصوا جميع النماذج الموجودة لإثبات فرضيتهم.

وأضاف أن الأحداث الكبيرة هي الأكثر تأثيرًا، لذا رغم أن 10% لا تبدو كبيرة، إلا أنها تُحدث أقوى تقلبات مناخية من عام إلى عام وأكثرها صلة بالمجتمع على هذا الكوكب، ما يتسبب في حدوث موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحر وحرائق الغابات والعواصف الشديدة والمتكررة.

مزيد من الاستكشاف

من جانبها، أعربت عالمة المناخ في جامعة نيو ساوث ويلز في كانبيرا، الدكتورة سارة كيركباتريك، عن قلقها بسبب الاعتماد على النمذجة، ولكنها أضافت أن الباحثين إذا اعتمدوا فقط على الملاحظات، فسيحتاجون إلى مئات السنين من البيانات كحد أدنى، والوقت ليس بكافٍ.

وأثنت كيركبارتريك على الدراسة ووصفتها بأنها أول دراسة حاولت معالجة القضية، التي كانت مسألة “شديدة الصعوبة” بالنسبة للعلماء، لافتة إلى أن الدراسة توصلت إلى نتيجة مثيرة للاهتمام ستحتاج إلى مزيد من الاستكشاف.

افتراضي وليس قاطعًا

قال الخبير في النينيو في جامعة موناش في ملبورن، الدكتور شاين ماكجريجور، إنه “غير مقتنع” بأن الدراسة أظهرت أن تغير المناخ الذي تسبب فيه الإنسان كان له تأثير على النينيو أو النينيا، لافتًا إلى أن مجرد اتفاق النماذج لا يعني أنها صحيحة بشأن ما يحدث في العالم الحقيقي.

وأضاف أن ظاهرة النينيو كانت “متغيرة”، وفي حين يقدم البحث دليلًا يدعم فكرة أن ارتفاع درجة حرارة غازات الاحتباس الحراري يؤثر على ظاهرة النينيو والنينيا، فإن هذا الدليل كان “افتراضيًّا” وليس قاطعًا.

اقرأ أيضًا:  شبح الاحتباس الحراري.. كيف يمكن للعالم التحرك قبل فوات الأوان؟