كيف حاول رجال أعمال التأثير على الرأي العام الأمريكي تجاه حرب غزة؟

رجال أعمال أمريكيون ضغطوا على عمدة نيويورك لقمع مظاهرات جامعة كولومبيا

محمد النحاس
احتجاجات ضد الحرب على غزة

التحقيق يوضح كيف عمل أقطاب المال والأعمال في الولايات المتحدة على توجيه الرأي العام لصالح إسرائيل، والضغوط التي يمارسونها ضد الأنشطة المناهضة للحرب، وكيف يتم استخدام النفوذ المالي للضغط على رجال السياسة والإدارات المحليّة، وسبل التأثير على الأوساط الأكاديمية


كشف تحقيق حصري لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن تورط “رجال أعمال أثرياء” للضغط من أجل قمع احتجاجات جامعة كولومبيا. 

لكن لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تشكلت، بحسب الصحيفة الأمريكية، مجموعة دردشة عبر تطبيق واتساب بعد السابع من أكتوبر، بهدف تشكيل وتوجيه الرأي العام الأمريكي لتبني آراء داعمة لإسرائيل في حربها على غزة.

ماذا كشفت مُحادثات المجموعة؟

عمل مجموعة من عمالقة عالم الأعمال، والمليارديرات، بالضغط بشكل خاص على عمدة مدينة نيويورك، إريك آدامز الشهر الماضي لإرسال الشرطة لتفريق الاحتجاجات الداعمة لقطاع غزة في جامعة كولومبيا، وفقًا لمراسلات حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست” من خلال أشخاص مطلعين داخل مجموعة الواتساب المشار إليها.

التحقيق الذي أعده الصحفيان هانا ناتانسون وإيمانويل فيلتون ونشر، اليوم الجمعة 17 مايو 2024، يوضح كيف عمل أقطاب المال والأعمال في الولايات المتحدة على توجيه الرأي العام لصالح إسرائيل، والضغوط التي يمارسونها ضد الأنشطة المناهضة للحرب، وكيف يتم استخدام النفوذ المالي للضغط على رجال السياسة والإدارات المحليّة، وسبل التأثير على الأوساط الأكاديمية.

وتوسعت المجموعة متجاوزة ليس نيويورك بل الحدود الأمريكية، حيث انضم للمحادثات أعضاء في الحكومة الإسرائيلية.

من أبرز رجال الأعمال فيها؟

في 26 أبريل 2024، جمعت مكالمة فيديو عبر تطبيق “زووم” رجال أعمال من المجموعة بما في ذلك مؤسس شركة “كايند” للوجبات الخفيفة دانييل لوبيتزكي، ومدير صندوق التحوط دانييل لوب، والملياردير لين بلافاتنيك والمستثمر العقاري جوزيف سيت، مع  عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز، بهدف الضغط عليه لاستخدام الشرطة لفض احتجاجات جامعة كولومبيا، وفقًا لتحقيق الصحيفة. 

من بين أعضاء مجموعة الواتساب التي تحمل اسم “الأحداث الجارية في إسرائيل” الرئيس التنفيذي السابق لشركة ستاربكس هوارد شولتز، ومؤسس شركة Dell ومديرها التنفيذي مايكل ديل ومدير صندوق التحوط بيل أكمان وجوشوا كوشنر، مؤسس ثرايف كابيتال، وشقيق جاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، والملياردير العقاري الإسرائيلي القبرصي ياكير جاباي.

من أنشأ المجموعة؟

بدأ المجموعة أحد موظفي الملياردير وقطب العقارات باري شتيرن ليشت وهو الرئيس التنفيذي السابق، لستاروود العالمية للفنادق والمنتجعات سابقًا، لكنه لم ينضم للمجموعة بشكل مباشر بل تواصل من خلال الموظف التابع له.

في رسالة بتاريخ 12 أكتوبر، بعد بدء الحرب بأيام معدودة، وهي إحدى الرسائل الأولى التي تم إرسالها في المجموعة، أخبر الموظف الذي يعمل نيابة عن شتيرن ليشت الآخرين أن هدف المجموعة هو “تغيير الرواية” لصالح إسرائيل، من خلال نقل الفظائع المرتكبة من حماس إلى جميع الأمريكيين”. 

إلى أي حد وصلت المجموعة الداعمة لإسرائيل؟

وصل نشاط المجموعة إلى أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية، وعالم الأعمال الأمريكي، وجامعات النخبة، وتوسعت في النهاية لتضم حوالي 100 عضو، كما يُظهر سجل الدردشة. 

وبحسب التحقيق فإن 10 من أعضاء المجموعة في قائمة “فوربس” للميارديرات، ويعمل آخرون في مجالات التمويل والعقارات والاتصالات. 

من جانبه أظهر عمدة نيويورك استعداده لإرسال سلطات إنفاذ القانون للتعامل مع المتظاهرين في الحرم الجامعي منذ بداية الاحتجاجات.

وفي 18 أبريل أرسل الشرطة إلى حرم جامعة كولومبيا لتفريق المتظاهرين الداعمين للقضية الفلسطينية بناءً على طلب الجامعة وبعد يوم واحد تقريبًا من إقامة المتظاهرين لمخيم التضامن مع غزة.

 واعتقلت السلطات الشرطيّة أكثر من 100 متظاهر وزعم عمدة المدينة في وقت لاحق أن الطلاب يقعون تحت “تأثيرات خارجية”، وأن تدخل الشرطة كان ضروريًا لمنعهم من الانجرار إلى “التطرف”.

وتعرض عمدة نيويورك إريك آدمز، ورئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، إلى انتقادات واسعة النطاق، ما زاد من مشكلات أدامز الذي يواجهه تحقيقًا فيدراليًّا بتهم فساد بشأن تلقي تبرعات غير قانونية من الخارج، ويستعد لخوض غمار الانتخابات المحلية في 2025.

وقبل أشهر من الاحتجاجات في جامعة كولومبيا، حضر بعض أعضاء المجموعة محادثات عن بعد، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، عضو مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي؛ بيني جانتس، وسفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، مايكل هرتزوج.

أنشطة مختلفة

عمل أعضاء المجموعة أيضًا مع الحكومة الإسرائيلية لعرض فيلم مدته 40 دقيقة تقريبًا يعرض لقطات جمعتها القوات الإسرائيلية، بعنوان “شاهد على مذبحة 7 أكتوبر”، للجمهور في مدينة نيويورك. 

وطلب أحد أعضاء الدردشة المساعدة من الأعضاء الآخرين لعرض الفيلم في الجامعات؛ وبالفعل تم عرضه لاحقًا في جامعة هارفارد حيث ساعد أعضاء المجموعة في تسهيل العرض والترويج له على نطاق واسع.

وفي نوفمبر الماضي، كشف موقع “Semafor” الإخباري، أن قطب العقارات شتيرن ليشت أطلق حملة إعلامية مناهضة لحماس بقيمة 50 مليون دولار مع العديد من أصحاب المليارات في وول ستريت وهوليوود.

رجال الأعمال الذين انخرطوا في تلك الحملة، كان العديد منهم أعضاء في مجموعة الواتساب، حيث تكشف محادثات المجموعة عن بداية الحملة وأنشطة أخرى داعمة لإسرائيل، لكن من غير الواضح تمامًا مقدار التداخل بين الحملة المناهضة لحماس ونشاط المجموعة. 

ربما يعجبك أيضا