مع اقتراب الذكرى الثالثة والعشرين لهجمات 11 سبتمبر، قد يكون استمرار النزاع في غزة بمثابة دعوة للانتباه إلى التهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم داعش.
شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة تصاعدا تدريجيا في نشاط تنظيم “داعش” الإرهابي، الذي استغل حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في كل من العراق وسوريا.
وبعد خسارته العسكرية عام 2019، لجأ التنظيم إلى استراتيجية حرب العصابات، معتمداً على هجمات متفرقة وزرع عبوات ناسفة تستهدف القوات الأمنية والمدنيين. ورغم الجهود المحلية والدولية لمحاربة الإرهاب، نجح التنظيم في إعادة تنظيم صفوفه مستغلاً الثغرات الأمنية في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا.
داعش يعيد بناء نفسه
تشير تطورات الأحداث إلى تصاعد تهديد تنظيم “داعش” بشكل ينذر بعواقب وخيمة. إذ يمكن أن يؤدي تفاقم الصراع إلى خلق بيئة مواتية لعودة التنظيم، مما يتيح له فرصة إعادة بناء نفسه.
وفي هذه الأوقات المضطربة، يشكل ظهور “داعش” خطراً كبيراً على الأمن الإقليمي والدولي، مما يستدعي ضرورة اتخاذ الحذر في مواجهة هذه التهديدات المتجددة.
استغلال الفوضى
بعد استهداف إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 30 سبتمبر 2024، أظهرت مقاطع فيديو فرحة بعض السوريين السنة في إدلب، كما شهدت مناطق شمال لبنان مظاهرات للسنة ضد حزب الله.
وفقاً لما نشرته مجلة “Spectator” البريطانية في 3 أكتوبر 2024، قد تستغل هذه المشاعر تنظيم “داعش” والجماعات السنية المتطرفة المرتبطة به، للاستفادة من الفوضى والاضطرابات القائمة في المنطقة.
في الوقت الحالي، يُعدّ الاضطراب الداخلي في إيران ورقة رابحة لإسرائيل وحلفائها الغربيين، لكن تصاعد قوة “داعش” سيؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك ظهور جيل جديد من المتطرفين قد يشكل تحدياً أكبر في المستقبل.
تهديد داعش
تشير التطورات الأخيرة إلى أن تهديد تنظيم داعش قد زاد بشكل ملحوظ، مما يدفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات أكثر قوة. فقد نفذت القوات الأمريكية الشهر الماضب عمليتين كبيرتين تستهدفان عناصر التنظيم في سوريا والعراق. وفق ما نشرت مجلة Responsible Statecraft في 11 سبتمبر 2024.
وأطلقت عملية مشتركة واسعة النطاق بين الولايات المتحدة والعراق في محافظة الأنبار، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 14 عنصرًا من داعش، تلتها القبض على أحد قادة التنظيم المتهم بمساعدة أعضاء آخرين هربوا من الاعتقال في سوريا.
العمليات العسكرية الأمريكية ضد داعش
توضح هذه العمليات أن الجيش الأمريكي يتبنى نهجًا أكثر عدوانية تجاه التنظيم، حيث وصفت تقارير من نيويورك تايمز عملية الأنبار بأنها واحدة من أكبر الهجمات ضد داعش منذ سقوط خلافته في عام 2019. شارك في العملية أكثر من 100 من القوات الخاصة الأمريكية، وقيادة تلك القوات أكدت على أهمية هذه الجهود في مواجهة التهديد المتزايد.
تشير معلومات إلى أن الإدارة الأمريكية تعتبر أن لديها مصلحة استراتيجية في استقرار العراق، وأن تنظيم داعش يشكل تهديدًا لهذا الاستقرار. ومع ذلك، فإن العملية العسكرية في الأنبار قد تكون أكثر من مجرد محاولة لحماية العراق. فقد كانت الهدف الرئيسي هو قائد رفيع المستوى في داعش مسؤول عن توجيه عمليات التنظيم في الشرق الأوسط وأوروبا، مما يبرز أهمية هذه العمليات.
تنامي نشاط داعش
في الآونة الأخيرة، شهدت مناطق العراق وسوريا زيادة في النشاطات المتعلقة بداعش. فقد زعم التنظيم المسؤولية عن هجوم استهدف مسجدًا شيعيًا في عمان، والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص، ما يعد أول حادث إرهابي يرتبط بداعش في هذه الدولة الخليجية.
بالإضافة إلى ذلك، تم إحباط مخطط مرتبط بداعش لشن هجوم خلال حفل موسيقي في فيينا، مما يدل على اتساع نطاق التهديد.
الحرب في غزة وصعود داعش
تشير التقارير إلى أن أكثر من 9,000 من عناصر داعش محتجزون في مراكز احتجاز سورية، مما يثير قلقًا بشأن إمكانية هروبهم وعودتهم إلى صفوف التنظيم. وقد حذر الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، من أن هروب عدد كبير من هؤلاء المعتقلين سيشكل خطرًا كبيرًا على المنطقة.
يمكن أن يكون التهديد المتزايد الذي يشكله تنظيم داعش مرتبطًا بالحرب المستمرة التي تشنها إسرائيل ضد حماس في غزة. فقد أشار تقرير حكومي أمريكي صدر في بداية 2024 إلى أن هجمات داعش في العراق وسوريا كانت في أدنى مستوياتها خلال الربع الأخير من عام 2023، إلا أن الوضع تغير مع استمرار الحرب في غزة، مما أدى إلى توقعات بزيادة عدد الهجمات التي ينفذها داعش في عام 2024.
التركيز الإيراني على إسرائيل بدل داعش
تشير بعض التحليلات إلى أن الحرب في غزة قد ساعدت داعش من خلال تحويل الموارد من إيران وحلفائها الشيعة في العراق وسوريا، الذين كانوا قد أسهموا في تدمير داعش سابقًا.
هناك دلائل على أن إيران وحزب الله أعادوا نشر بعض قواتهم من داخل سوريا للتركيز على الضغط على إسرائيل، مما أدى إلى تقليل الضغط على داعش في تلك المنطقة.
الدعم الأمريكي لإسرائيل بدل مع التخلص من داعش
إن الدعم المستمر الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها ضد غزة قد يقوض الجهود الأمريكية لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق.
بينما تستمر الحرب، من المحتمل أن تفضل إيران وحلفاؤها التركيز على النزاع مع إسرائيل، مما يرفع من فرص تنظيم داعش في إعادة بناء نفسه.
الحروب الداخلية
كما ساعدت الفوضى الناتجة عن الحروب الداخلية في كل من سوريا والعراق التنظيم على استعادة بعض من قوته السابقة. كما استغل “داعش” الصراعات بين الميليشيات المختلفة لتحقيق مصالحه الخاصة، ما زاد من تعقيد المشهد الأمني.
ومن بين العوامل التي ساعدت التنظيم على العودة هو التركيز الأمريكي على مواجهة التهديدات الإيرانية المتزايدة في المنطقة، ما جعل تنظيم “داعش” يستفيد من تقليل الضغط العسكري عليه. وفق ما نشرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” يوم 3 أكتوبر 2024.
في الوقت نفسه، يرى المراقبون أن تهديد “داعش” لم يتراجع بالكامل، وأن التنظيم لا يزال يشكل خطراً على استقرار المنطقة، حيث استمر في شن الهجمات واستهداف المناطق الحيوية بهدف إظهار قوته وإثبات وجوده على الساحة الإقليمية مجدداً.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=2006155