كيف وقعت الكارثة الاستخباراتية في إسرائيل؟

آية سيد
محلل أمريكي: بايدن يتحمل مسؤولية مصير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

مهاجمة حماس لإسرائيل لم تكن احتمالًا مستبعدًا، بل هي أسوأ السيناريوهات التي كان من المفترض أن يقلق بشأنها مسؤولو الاستخبارات والدفاع الإسرائيليون، ويستعدون لها، ويمنعونها.


وصف الخبراء والمحللون عملية “طوفان الأقصى” بأنها واحدة من أكبر الإخفاقات الاستخباراتية لإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973.

وفي تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز الأمريكية، أمس الأربعاء 11 أكتوبر 2023، لفتت الزميلة بمؤسسة هوفر، إيمي زيجارت، إلى أن إسرائيل تحتاج إلى معرفة الأسباب، التي أدت إلى هذا الفشل الكارثي.

مفاجأة صادمة

أشارت زيجارت إلى أن عملية متطورة وواسعة النطاق، مثل طوفان الأقصى تتطلب تخطيطًا متأنيًا، وتنسيقًا، ووقتًا، وتدريبًا. لكن القادة الإسرائيليين فشلوا في رصدها، على الرغم من أن المخططات الكبيرة تترك على الأرجح آثارًا رقمية وعلامات أخرى.

وأضافت أن هجوم حماس لإسرائيل لم يكن احتمالًا مستبعدًا، بل أسوأ السيناريوهات التي كان من المفترض أن يقلق بشأنها مسؤولو الاستخبارات والدفاع الإسرائيليون، ويستعدون لها، ويمنعونها.

عملية «طوفان الأقصى»

عملية «طوفان الأقصى»

سمات مشتركة

لم تكن عملية طوفان الأقصى المرة الأولى التي تفشل فيها دولة في التنبؤ بهجوم عليها. فاليابان شنت هجومًا مفاجئًا على بيرل هاربر في 1941، وتنظيم القاعدة باغت الولايات المتحدة بهجمات 11 سبتمبر 2001، وإسرائيل نفسها تفاجأت منذ 50 عامًا بهجوم القوات المصرية والسورية عليها في حرب أكتوبر 1973.

وعلى الرغم من أن كل هجوم مفاجئ يكون فريدًا من نوعه، لفتت الباحثة الأمريكية إلى وجود سمتين مشتركتين بينها. الأولى أن الهجمات أحداث تبعية ذات عواقب جيوسياسية متعاقبة وطويلة الأمد، والثانية أنها ليست مفاجآت حقيقية.

وتكشف التحليلات اللاحقة لتلك الهجمات عن أن العلامات التحذيرية كانت موجودة، لكن كان من الصعب تحديدها قبل وقوع الكارثة. وهذا يثير التساؤلات عن سبب إغفال تلك العلامات، وكيفية تحسين أداء أجهزة الاستخبارات في المرات المقبلة.

مراقبة العدو

حسب زيجارت، يصبح السؤال الأول الذي يواجه إسرائيل هو ما إذا كانت هذه الكارثة الاستخباراتية فشلًا في التحذير، أم فشل في التحرك. وأوضحت الباحثة الأمريكية أن المهمة الأساسية لأجهزة الاستخبارات هي منع المفاجآت الاستراتيجية. لكن حتى تنجح التحذيرات، يجب أن يتخذ صناع السياسة إجراءات.

ولفهم الجانب الاستخباراتي من فشل إسرائيل، يحتاج المحققون إلى دراسة جمع المعلومات وتحليلها، ومعرفة النقاط التي أغفل عنها المسؤولون، مثل رصد حدوث تغيير في سلوك الخصم.

وفي الصراع الحالي، هاجمت حماس إسرائيل بطريقة أكثر تطورًا وعلى نطاق أوسع من أي وقت مضى، ما يُعد تغييرًا هائلًا. وهكذا، سيكون من المهم معرفة ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية رصدت هذا التغيير، أم أغفلته، ولماذا.

فهم الوضع الداخلي

رأت زيجارت أيضًا أن الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في فهم إسرائيل نفسها. فأجهزة الاستخبارات تركز جهود جمع المعلومات وتحليلها على فهم الخصوم الخارجيين، لكن السياسة والمشكلات الداخلية قد تشجع الأعداء وتغير حساباتهم الخاصة بالمخاطر والمكافآت.

احتجاجات إسرائيل

احتجاجات إسرائيل

ولفتت الباحثة الأمريكية إلى أن الأزمة السياسية الداخلية في إسرائيل، الناتجة عن الإصلاحات القضائية التي اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ربما ساعدت في نجاح هجوم حماس. ويجب أن يسأل المحققون عما إذا كانت هذه الفوضى الداخلية أضعفت الردع الإسرائيلي.

الاعتماد على التكنولوجيا

يتعين أن يبحث المحققون أيضًا في ما إذا كانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية اعتمدت على التكنولوجيا بنحو مفرط. ورغم أن التكنولوجيا الناشئة تحوّل العالم، وتزيد من قدرة وكالات الاستخبارات على فهمه، فإنها تحمل بعض المخاطر.

ومن أهم المخاطر، التي نوّهت إليها زيجارت، أن وكالات الاستخبارات قد تركز على المعلومات التي من الأسهل الحصول عليها وقياسها وتحليلها عبر الوسائل التكنولوجية، ولا تركز بقدر كاف على المعلومات التي يصعب جمعها ويستحيل قياسها.

ووفق الباحثة الأمريكية، الحكومة الإسرائيلية معروفة بتطورها التكنولوجي. ولذلك، فإن التحقيق في هجوم حماس المفاجئ يجب أن يبحث إلى أي مدى أدت البراعة التكنولوجية الإسرائيلية إلى ظهور نقاط عمياء في جمع المعلومات وتحليلها.

كيف نجحت حماس؟

أسرى إسرائيل لدى حماس

أسرى إسرائيل لدى حماس

أشارت زيجارت إلى أن الهجوم المفاجئ يبدو نجاحًا كبيرًا لحماس في مجال مكافحة التجسس، وسيتعين على المحققين تحديد كيف نجحت في إبقاء هذه العملية المعقدة وواسعة النطاق سرًا عن أحد أفضل أجهزة الاستخبارات في العالم.

ومن المحتمل أيضًا أن تكون حماس محظوظة أكثر من كونها ماهرة، وفق زيجارت، وأن يكون نجاحها ناتج عن فشل إسرائيل، وأن حماس لم تفعل شيئًا مميزًا لإخفاء نواياها أو قدراتها.

وختامًا، قالت الباحثة الأمريكية إن الإجابة على التساؤلات المذكورة أعلاه ستكون ضرورية للولايات المتحدة أيضًا. وفي مشهد التهديدات المعقد والغامض الحالي، يجب أن تدرس واشنطن إخفاقات إسرائيل حتى لا تكررها.

ربما يعجبك أيضا