كيف يؤدي الهوس الأمني للرئيس الصيني إلى فشل اقتصادي؟

أحمد ليثي
الرئيس الصيني

شجع الحزب الشيوعي الصيني جهود تطوير التكنولوجيا الفائقة لأسباب لا تتعلق بالاقتصاد بقدر ما تتعلق بالأمن، إذ تساعد تقنيات المراقبة المتطورة في قمع بكين للأقليات العرقية في مقاطعة شينجيانج وتساعد الحزب الشيوعي الصيني على تتبع عدد أكبر من السكان.


استنتج الخبير الاقتصادي الأمريكي، ستيفن روتش، من المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، أن مشكلة النمو الاقتصادي قد ساءت.

وحسب مقال نشره روتش في مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، أمس الأول الاثنين 28 نوفمبر 2022، يرى رئيس الصين وزعيم حزبها الأوحد، شي جين بينج، أن المؤتمر المنعقد في أكتوبر الماضي، حقق نجاحًا، بإعطائه فترة رئاسية ثالثة تاريخية.

انخفاض معدل النمو

حسب المقال، تمتع الاقتصاد الصيني بمتوسط معدل نمو بلغ 9% من الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بمعدل يقل عن 4% للعام المالي 2022/ 2023، ولا يزال الرقم إيجابيًّا، ولكن التباطؤ الحاد قد يكون المعادل للركود في الصين.

ويرجع الانخفاض في المعدل إلى العديد من العوامل، منها سياسة الإغلاق المتواصل التي يصر شي على أنها ضرورية للحفاظ على سياسة “صفر كوفيد” غير العملية، وبعض المشكلات الداخلية في البلاد، مثل انهيار قطاع العقارات، واضطرابات سلسلة التوريد، وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية.

ازدهار قصير الأجل

قال روتش إن ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في الصين إلى مستوى قياسي، أدى إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية متفرقة، لكن من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الصيني بعض الانتعاش، عندما تهدأ حدة هذه الاضطرابات.

وتشير نتائج المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي إلى أن أي عودة لازدهار الاقتصاد الصيني من شأنها أن تكون قصيرة الأجل، بسبب خطط شي للتركيز بدرجة أقل على النمو الاقتصادي، في مقابل الاهتمام  بالأمن القومي، بعدما حذّر الحزب الشيوعي من أن الصين تواجه تحديًا لا مثيل له.

إمكانات النمو الاقتصادي

وفقًا لمقال روتش، تتكون إمكانات النمو الاقتصادي للدولة من عاملين، النمو في القوى العاملة، والنمو في إنتاجية القوى العاملة، وخلال 40 عامًا أدى التضخم الديموغرافي للشباب في الصين إلى توسع سريع للسكان الذين يبلغون سن العمل.

ويتقلص عدد سكان الصين، الذين يبلغون سن العمل، مقابل زيادة كبيرة في عدد كبار السن، ومن المرجح أن يستمر هذا خلال الأعوام الـ25 المقبلة على الأقل، نتيجة سياسة الطفل الواحد لكل أسرة، التي فرضتها الحكومة منذ عام 1978، وأنهاها الحزب الشيوعي مرة أخرى في 2016.

انخفاض الإنتاجية

مع تقلص عدد السكان العاملين، يجب أن يتسارع نمو الإنتاجية للحفاظ على نفس نسبة نمو الاقتصاد، لكن من غير المرجح أن يحدث هذا بعد انخفاض نمو عوامل الإنتاج في الصين، بمتوسط قدره 0.6% بين عاميّ 2010/ 2019.

وأشار المقال إلى أن انخفاض نمو عوامل الإنتاج يرجع إلى القرارات الخطأ، التي اتخذها الرئيس الصيني في فترتيه الأولى والثانية، وحولت الاستثمار والتوظيف بعيدًا عن القطاع الخاص عالي الإنتاجية، عودةً إلى الشركات المتحجرة المملوكة للدولة.

الابتكار معرض للخطر

حسب المقال، لم تعتمد الحكومة الصينية على استيراد التقنيات من الدول الأكثر تقدمًا لصالح تشجيع التوسع المحلي في مجال التكنولوجيا الفائقة، داعمةً مبادرات السياسة الصناعية في الصين مثل مبادرة “صنع في الصين 2025”.

ومن جهته، شجع الحزب الشيوعي الصيني جهود تطوير التكنولوجيا الفائقة لأسباب لا تتعلق بالاقتصاد بقدر ما تتعلق بالأمن، فتقنيات المراقبة المتطورة تساعد على قمع بكين للأقليات العرقية في مقاطعة شينجيانج، وتساعد الحزب الشيوعي الصيني على تتبع عدد أكبر من السكان.

تطوير القدرات العسكرية

يوجه الحزب الشيوعي الصيني الابتكارات نحو تطوير القدرات العسكرية المتقدمة، مثل الصواريخ الفرط صوتية، والطائرات الشبحية، والبرامج البحرية والفضائية ذات المستوى العالمي، لكن الولايات المتحدة لن تسمح للصين بأن تصبح قوة تقنية عظمى.

وكتب روتش في مقاله إن الولايات المتحدة لن تترك الصين تبرع في هذا المجال، خاصة بعدما فرضت عقوبات تصدير صارمة على المشتريات الصينية لمنتجات الحوسبة، وأشباه الموصلات المتقدمة أمريكية الصنع، لخنق الجهود الصينية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية.

سد فجوة أشباه الموصلات

على الرغم من إنفاق الصين مئات المليارات من الدولارات لتطوير صناعة أشباه الموصلات، تواصلت الفجوة بين احتياجات المصانع وإنتاجها، خاصة مع إصرار واشنطن على عدم سد شركاتها لهذه الفجوة، التي دعا مؤتمر الحزب الشيوعي الأخير لإصرار الصين على سدها.

ومن جهتها، فرضت الحكومة الصينية قيودًا صارمة على عدد من الصناعات الإلكترونية الأكثر شعبية في الصين، ومنها الألعاب والفيديو والموسيقى، وأغلقت قطاع التدريس الخاص المزدهر، الأمر الذي سحق العديد من شركات منصات الإنترنت في الصين، مثل “علي بابا”  و”بيدو”.

افتقار إلى الخبرة الاقتصادية

حسب المقال، يشير التركيز الأمني ​​لمؤتمر الحزب الشيوعي، إلى أن الصين تحاول توسيع نفوذها العالمي قبل اكتمال الأساس القوي لاقتصادها، وأجمع التركيز الأمني قبل صعود شي على ضرورة إعادة التوازن الاقتصادي للصين قبل توسيع نفوذها.

ومن جهة أخرى، تفتقر اللجنة الدائمة المكونة من 7 أعضاء معينين حديثًا، واللجنة المركزية للمكتب السياسي المكونة من 24 عضوًا، إلى الخبرة الاقتصادية، مع رحيل المستشارين الاقتصاديين المخضرمين من منصبهم مثل وانج كيش إن، وليو هي، وجو شو تشينج، ويي جانج.

ربما يعجبك أيضا