لا دعابة مجددًا… دراسة سيناريوهات الحرب النووية أصبح أمرًا ضروريًا «تفاعلي»

هالة عبدالرحمن

قد يكون إقحام بوتين للتهديدات النووية في علاقات القوى العظمى، بالإضافة إلى شبح القدرة النووية الصينية الكبرى هو الزلزال الأمني ​​الذي سيهز سياسات الولايات المتحدة الحالية، بما في ذلك مراجعة الوضع النووي.


يجب أن تكون تهديدات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، النووية حول أوكرانيا كافية لصدمة صانعي القرارات حول العالم وإدراكهم أن عصر تجميد النشاط النووي انتهى.

وأوضح تقرير معهد ستوكهولم الدولي، المنشور في 13 يونيو 2022، أنه رغم انخفاض عدد الرؤوس الحربية من 13 ألفًا و80 في عام 2021 إلى 12 ألفًا و705 في 2022، إلا أنه متوقع زيادة عدد الأسلحة في الـ10 سنوات المقبلة، وفق “واشنطن بوست“.

القوة النووية الصينية

قال مايكل أوسلين، زميل معهد هوفر لأبحاث السلام، في مقال نشرته “فورين بوليسي” في 11 يونيو، إن التهديدات النووية لبوتين، بالإضافة إلى شبح القدرة النووية الصينية الكبرى يعد بمثابة زلزال أمني سيهز سياسات الولايات المتحدة الحالية، بما في ذلك سياسات الانتشار النووي.

وكشف تقرير القوة العسكرية الصينية لعام 2021، الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، أن جيش التحرير الشعبي قد يضاعف ترسانته النووية 4 مرات ليصل لنحو ألف سلاح نووي بحلول عام 2030، منوهًا بأن الصين تتحرك لتحدي التفوق العالمي للجيش الأمريكي.

تحدي الصين للتفوق النووي الأمريكي

بعد وقت قصير من صدور تقرير البنتاجون، قال مسؤول صيني كبير، إن بكين ستواصل تحديث ترسانتها النووية. ووضع الإجماع على الطموح النووي لبكين، إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمام تحدٍ استراتيجي جديد طويل الأمد، حتى في الوقت الذي تصارع فيه التهديدات النووية لروسيا.

الترسانة النووية للقوى العظمى

يقول أوسلين إن تثبيت جيش التحرير الشعبي ترسانته النووية عند مستوى محدود مكّن بكين من الزحف البطيء دون لفت انتباه الولايات المتحدة. فمع نحو 5 آلاف و428 رأس نووية أمريكية و4 آلاف و500 رأس نووي روسي، لا يبدو أن 350 رأسًا صينيًا نووية تعد تهديدًا خاصًا للولايات المتحدة.

وأضاف أوسلين أن التحديث النووي يستلزم توفير 1.5 تريليون دولار، ويقدر مكتب الميزانية في الكونجرس أن 634 مليار دولار على الأقل ستكون مطلوبة حتى عام 2030.

طوارئ نووية خطيرة

لم تكن الصين المحرك الرئيس لبرنامج التحديث النووي للولايات المتحدة، لكن العلاقات المتوترة بسبب بحر الصين الجنوبي وتايوان والهجمات الإلكترونية وانتشار جائحة فيروس كورونا، وتدهور البيئة الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ كلها مؤشرات تدفع القوى العظمى نحو سباق تسلح نووي.

ورغم استخدام الأسلحة النووية مرتين فقط في حادثة قصف مدينتي هيروشيما وناجاساكي إبان الحرب العالمية الثانية، فوفقًا لـ“الأمم المتحدة” كانت هناك حالات طوارئ نووية شهدها العالم أبرزها “الأزمة النووية الخطيرة بكوبا في عام 1962، وحرب 6 أكتوبر 1973، والمناورة العسكرية التي كادت أن تشعل حربا عالمية ثالثة عام 1983، وحادث الصاروخ النرويجي عام 1995”.

برنامج كوريا الشمالية النووي

بمجرد انتهاء الحرب الباردة، تحول الكثير من تركيز مجتمع الدراسات النووية بعد الحرب الباردة بعيدًا عن الردع إلى قضايا أخرى، مثل نزع السلاح النووي وعدم انتشاره، والأنظمة الديكتاتورية، والتحدي الدائم لبرنامج كوريا الشمالية النووي.

وقال محللون لـ“اليابان تايمز”: “رغم أن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، يواجه أزمة وجودية محتملة لنظامه وسط تفشي كبير لـفيروس كورونا، يبدو أيضًا أنه يضاعف من جهوده لتوسيع برنامج أسلحته النووية، بعدما استأنفت بناء مفاعل نووي خامد منذ فترة طويلة في مجمع يونجبيون الخاص بها”.

التهديدات الروسية

حذر المذيع الروسي المخضرم، فلاديمير سولوفيوف، الذي تربطه علاقات وثيقة ببوتين، ردًا على إرسال دول أعضاء في الناتو أسلحة إلى أوكرانيا لمساندتها ضد روسيا، من أنه استمرار الناتو في دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا يعني وجود “ضربة نووية ضخمة” لن ينجو منها سوى المسوخ”، على حد قوله بالتلفزيون الرسمي الروسي، وفق“نيوزويك”.

وقبل 3 سنوات من اندلاع الحرب في أوكرانيا، نشر برنامج الأمن الدولي التابع لجامعة برينستون الأمريكية سيناريو اندلاع حرب نووية بين روسيا والغرب، لخص في فيديو منشور في 2019، فتبدأ المواجهة بضربة نووية تحذيرية، في إطار صراع حرب تقليدية لوقف تقدم حلف الناتو، وهو ما يشبه أحد أسباب الحرب الحالية في أوكرانيا، فلا تريد موسكو انضمام كييف للحلف.

أرقام مرعبة لخسائر الحرب النووية

يفترض السيناريو أن تطلق روسيا صاروخًا نوويًا من قاعدة في مدينة كالينينجراد المطلة على بحر البلطيق نحو أوروبا الغربية، ثم يرد الناتو بإطلاق صاروخ نووي تكتيكي في غارة جوية، وقدرت الجامعة الأمريكية أن نحو 2.6 مليون شخص سيقتلون في الساعات الثلاث الأولى لهذه الحرب، ويتصاعد القتال إلى حرب نووية تكتيكية في أوروبا.

وبعد ذلك، تطلق روسيا 300 رأس حربي نووي عبر الطائرات والصواريخ قصيرة المدى لضرب قواعد الناتو والقوات الاحتياطية، على أن يرد الناتو بـ180 رأسًا نوويًا، وفي هذه المرحلة، تضرب الهجمات النووية مناطق واسعة في روسيا وأوروبا الغربية، وبعد تدمير أوروبا، يطلق حلف الناتو هجومًا نوويًا استراتيجيًا بنحو 600 رأس نووي من الولايات المتحدة والغوصات النووية على القوات النووية الروسية.

كيف نفكر نوويا؟

أوصى تقرير “فورين بوليسي” بضرورة إشراك المؤرخين والمتخصصين في السياسة الخارجية في المناقشات والأبحاث حول القضايا النووية. وأضاف أوسلين: “يجب أن تزيد القيادات السياسية من مشاركة الأكاديميين والباحثين، للمساعدة في التثقيف النووي ولعرض وجهات نظر المتخصصين، والتركيز على تدريب الجيل القادم من العلماء النوويين”.

وتابع: “يجب على الولايات المتحدة العودة إلى نظام التفكير الاستراتيجي، ورعاية مناقشات جادة متعددة التخصصات حول القضايا النووية، وإعداد المشهد الفكري والسياسي مسبقًا للأزمة.”

ربما يعجبك أيضا