مستشار دونالد ترامب سابق يدشن حركة سياسية متطرفة.. ما دوافعها؟

آية سيد
مايكل فلين

يبني مستشار الأمن الأمريكي لقومي السابق، مايكل فلين، حركة تدمج نظريات المؤامرة مع الأفكار القومية المسيحية ويرتكز معظم عملها على الانتخابات الرئاسية.. كيف؟


كشف تحقيق صحفي أن الجنرال المتقاعد، مايكل فلين، شرع في تشكيل حركة جديدة ترتكز على نظريات المؤامرة والأفكار القومية المسيحية.

واستخدم فلين كنيسة في مدينة باتافيا بنيويورك، للترويج لمعركته التي يصفها بأنها “روحانية وسياسية”، ويدفع آلاف الأشخاص لسماع رسالته التي تقول إن الولايات المتحدة تواجه تهديدًا وجوديًّا، وإنه يجب على أتباعه التحرك لإنقاذ الأمة.

حركة فلين الجديدة

التحقيق الذي أجرته وكالة “أسوشيتد برس” بالتعاون مع برنامج “فرونت لاين” الذي تنتجه شبكة “بي بي إس”، كشف أن مايكل فلين، البالغ 63 عامًا، استغل الظهور العلني منذ أحداث الكابيتول في يناير 2021 لإثارة حماس الناخبين، إلى جانب التأييد السياسي، لبناء تحالفات وشبكة من الجماعات غير الربحية، لتعزيز الحركة.

وجمع فلين، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، رافضي نتيجة الانتخابات، ومعارضي اللقاح والكمامات، والمتمردين، وجماعة “براود بويز” اليمينة المتطرفة، والمسؤولين والقادة المنتخبين في الأحزاب الجمهورية المحلية. وحصل فلين ورفاقه على مئات الآلاف من الدولارات لدعم جهوده.

نشر نظريات المؤامرة

ذكر التحقيق أنه خلال العامين الماضيين، ألقى فلين أكثر من 60 خطابًا في 24 ولاية. وعندما كان مستشار لترامب كان ينشر نظريات المؤامرة التي لا أساس لها من الصحة، مؤججًا الخوف والغضب والانقسام.

ويقول فلين في خطبه وحواراته إن البلاد في خضم “حرب روحانية”. وذكر أنه لا يثق في الحكومة ولا المؤسسات الحكومية التي تشرف على سيادة القانون. ووصف الإعلام بأنه “العدو رقم واحد” للدولة، وقال إن المدارس الابتدائية تدرِّس “الفاحشة” و”المواد الإباحية”.

أخطر رجل في أمريكا

تعليقًا على ما كشفه التحقيق، قالت المؤرخة والخبيرة في الاستبدادية والفاشية، روث بن جيات، إن فلين يعدّ “واحدًا من أخطر الأفراد في أمريكا اليوم”، لافتة إلى أنه يقود الهجوم على الديمقراطية في الولايات المتحدة.

وبحسب التحقيق، دعم فلين المرشحين ذوي التفكير المماثل في أنحاء البلاد، وقال إن هدفه المباشر التأثير في انتخابات هذا العام. وفي ساراسوتا، فلوريدا، حيث يعيش، عمل بالتنسيق مع أعضاء جماعة “براود بويز” المتطرفة للتأثير في السياسة المحلية.

استغلال المكانة

يتميز فلين بمكانته في المجتمع الأمريكي، فهو جنرال متقاعد بـ3 نجوم، ومنذ أقل من عقدين، وضع استراتيجيات الحرب لمواجهة المتمردين في العراق وأفغانستان. وأشار التحقيق إلى أن اختيار فلين لمنصب مستشار الأمن القومي لترامب جعله مطلعًا بارزًا على الأمور، عبر منحه سيطرة صورية، ولو لأسابيع قليلة، على استراتيجية الأمن القومي للإدارة الأمريكية.

ولفت التحقيق إلى أن فلين يستخدم الـ3 نجوم التي حصل عليها في الجيش شعارًا له، كوسيلة لتذكير الناس بأنه جاء من أعلى مستويات السلطة، وإشارة إلى أنه يمتلك معرفة خاصة بكيفية عمل الأمور في واشنطن والشؤون الدولية.

مايكل فلين

مايكل فلين (على اليسار) ودونالد ترامب

تأييد ترامب

بعد اعترافه بالكذب على “إف بي آي” بشأن محادثاته مع السفير الروسي في الولايات المتحدة، حصل فلين على عفو رئاسي من ترامب، عقب أسابيع من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2020. وعلى الفور، أصبح المروج الرئيس لحملة “أوقفوا السرقة”، ودافع عن ادعاءات التدخل الأجنبي والتلاعب بالأصوات، دون أدلة موثوقة. ولكن مكانة فلين كجنرال متقاعد ومسؤول استخباراتي كبير منحت ثقلًا لنظرياته.

ووفق التحقيق، ادعى فلين كذبًا أن ترامب فاز بالانتخابات، ووصف نتيجتها بأنها جزء من “انقلاب قيد التنفيذ”، واقترح أن يصادر ترامب ماكينات التصويت، وقال إنه يستطيع أن يستدعي الجيش في بعض الولايات ويعيد الانتخابات. وعند استدعائه أمام لجنة الكونجرس التي تحقق في أحداث الكابيتول، رفض فلين الإفصاح عما إذا كان يعتقد أن العنف مبرر، أو حتى إذا كان يؤمن بالانتقال السلمي للسلطة.

القومية المسيحية

تسعى القومية المسيحية إلى دمج هوية المسيحيين والأمريكيين، فكونك أمريكيًّا “حقيقيًّا” يعني أن تكون مسيحيًّا. وبحسب التحقيق، تتخلل القومية المسيحية الكثير من فعاليات فلين. ولكن وفق عالم الاجتماع في جامعة أوكلاهوما، صامويل بيري، هذا يختلف عن ممارسة شعائر المسيحية. لأن بيري وجد في أحد أبحاثه أن الكثير من الأمريكيين الذي يميلون إلى القومية المسيحية لا يذهبون إلى الكنيسة.

وعندما سألت “أسوشيتد برس” و”فرونت لاين” مايكل فلين في فبراير الماضي عن اعتناقه للأفكار القومية المسيحية، تهرّب من الإجابة. ثم قال إنه “كاثوليكي أيرلندي”، ثم “أحد أتباع المسيح”، قبل أن ينتقد المراسل ويقول “هذا سؤال غبي، لأنه يعني أنك لم تدرس مايك فلين”.

مايكل فلين

مايكل فلين

تمويل الانتخابات

وجد التحقيق أن فلين وسّع نفوذه من خلال الجماعات الممولة جيدًا التي تناصر إجراء تغييرات على طريقة سير الانتخابات، استنادًا إلى الفرضية الخاطئة بوجود تزوير في الأصوات. وفي هذا الصدد، أطلق فلين ومؤسس شركة “أوفر ستوك دوت كوم”، باتريك بايرن، جماعة “أمريكا بروجكت” التي يرأسها جوزيف، شقيق مايكل. ولكن الجماعة تستخدم الأخير وجهًا دعائيًّا لها.

وقالت الجماعة إنها خططت لإنفاق 50 مليون دولار في ميزانية 2021، لكن جوزيف فلين وبايرن أخبروا “أسوشيتد برس” بصورة منفصلة أنهم أنفقوا أقل من هذا الرقم بعشرات الملايين. وفي إبريل 2021، جرى اختيار فلين رئيسًا لجماعة “مستقبل أمريكا” إحدى أقدم الجماعات غير الربحية المحافظة.

وفي العام الماضي، عملت الجماعتان بالتنسيق عن كثب، وتبرعتا بأكثر من 4.2 مليون دولار لإجراء مراجعة لنتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بتكليف من الجمهوريين في ولاية أريزونا. وبحسب التحقيق، كانت تلك المراجعة مدفوعة بمعلومات مضللة وقوبلت بانتقادات واسعة.

ووفق تصريحات لجوزيف فلين في يوليو الماضي، منحت جماعة “أمريكا بروجكت” 5 ملايين دولار تقريبًا لمنظمات “شعبية”. ولفت التحقيق إلى أن الكثير من هذه الجماعات تدعم ما يسمى بـ”نزاهة الانتخابات” وهو مصطلح يستخدمه رافضو نتائج الانتخابات لجعل التصويت أصعب، بناءً على كذبة أن الانتخابات الأمريكية يشوبها الفساد.

ربما يعجبك أيضا