لحصد مكاسب سياسية بأوروبا.. كيف استخدم «اليمين المتطرف» الإسلاموفوبيا؟

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

استغل اليمين المتطرف في أوروبا مصطلح الإسلاموفوبيا، للحصول على مكاسب سياسية، وفي أغراض انتخابية مستخدمًا حالة الخوف أو الكراهية ضد الإسلام والمسلمين من خلال المواقف والسلوكيات الفردية وسياسات وممارسات المنظمات والمؤسسات، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

وتواجه الجاليات المسلمة من حين إلى آخر موجة من التهديدات من قبل أنصار الأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة، وأظهرت دراسة حديثة أجراها المجلس الإسلامي البريطاني عام 2020 أن التعرض للصور السلبية للمسلمين في وسائل الإعلام يزيد من احتمالية دعم السكان لسياسات الحكومة التي تضر بالمسلمين وتؤدي إلى تآكل حقوقهم.

تهديدات مستمرة

أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعتا برمنجهام سيتي ونوتنجهام ترنت، والتي سلطت الضوء على اللاعبين المسلمين ممن يتمتعون بشعبية عريضة في بريطانيا أن منشورات الجماعات اليمينية عبر الإنترنت والصورة التي ترسمها وسائل الإعلام الرئيسة تسببت في عزوف المسلمين عن ممارسة رياضة كرة القدم.

وعزز ذلك تقاعس الحكومات البريطانية في مكافحة الكراهية المتنامية ضد المسلمين، إذ أشارت بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى أن ما يقرب من 50% ضحايا جرائم الكراهية في إنجلترا وويلز في العام المنتهي كانوا من المسلمين، وحدوث نحو 2703 جرائم كراهية ضد المسلمين، وأكبر دليل على ذلك تعرض سيارة عروج شاه رئيسة مجلس أولدام، وهي أول امرأة مسلمة تتولى هذا المنصب لهجوم بقنبلة حارقة.

وفي ألمانيا تسببت الآراء القومية اليمينية التي يتبناها حزب البديل من أجل ألمانيا -وهو حزب يميني متطرف يعمل على برنامج مناهض للمهاجرين- في زيادة الإسلاموفوبيا في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء البلاد، وذلك في أعقاب تدفق اللاجئين.

عنصرية واعتداءات

بحسب تقرير لوزارة الداخلية الألمانية، تم تسجيل جريمة معادية للإسلام، وشملت الاعتداءات الكراهية والشتائم والمسبات وتعطيل الشعائر الدينية وإلحاق الضرر بالممتلكات، كما سجلت اعتداءات جسدية في ثلاث حالات على الأقل. آخر هذه الاعتداءات كانت تعرض مسجد واقع شرقي ألمانيا تابع للاتحاد الإسلامي التركي للاعتداء عقب مظاهرة لمجموعة يسارية متطرفة.

كما تزايدت نسب العنصرية والاسلاموفوبيا بشكل ملموس في النمسا، منذ تولي حكومة اليمين المتطرف مقاليد الحكم، واتباعها سياسات معادية للمهاجرين واللاجئين، ونفذت عديد القوانين التي تعكس الخطاب المعادي للدين الإسلامي وتمثل هذا في حظر المساجد أو المآذن، وحظر ارتداء الحجاب، وفرض برامج المراقبة، وفرض القوانين التمييزية، مثل قانون الإسلام النمساوي 2015، فضلًا عن تدشين ما يطلق عليه خريطة الإسلام في النمسا، الذي أعلنته وزيرة الاندماج النمساوية سوزانا راب حيث يقدم المشروع معلومات وبيانات عن الجمعيات والمساجد والمؤسسات التعليمية الإسلامية في النمسا والتي يبلغ عددها 623 مؤسسة تم إدراجها على الموقع مع بيانات عن تصنيفها العرقي وتوجهها الأيديولوجي وعلاقاتها الخارجية والداخلية، مما فتح الباب على مصراعيه أمام الاعتداءات على المسلمين ورموز الإسلام، حيث ظهرت لافتات تحذيرية وتحريضية أمام العديد من المساجد في مدن كل من فيينا، ميدلينغ، وليوبولدشتات، وأعلنت حركة الهوية اليمينية المتطرفة مسؤوليتها عن تعليق هذه اللافتات العنصرية.

حقوق المسلمين

ووفقًا لدراسة بعنوان تصورات المسلمين الهولنديين حول الإسلاموفوبيا، رأى المشاركون في الاستطلاع وجود تصنيفات سلبية واسعة النطاق، ورأوا السياسات ليست فقط غير فعالة ولكنها ضارة أيضًا في مناخ من الإسلاموفوبيا المستمرة، حيث واجه هؤلاء المسلمون الهولنديون مواجهة تحديات التطرف بناءً على مستوياتهم الحالية من رأس المال الاجتماعي والثقافي.

في سياق متصل، وثق 12 أكاديميًا وخبيرًا قانونيًا مخاوف المجتمع المسلم بشأن الأعمال العدوانية ضد المساجد، مؤكدين إن حرية الدين للمسلمين في هولندا تتعرض لضغوط كبيرة.

المفوضية الأوروبية أشارت إلى ضرورة عدم السماح لليمين المتطرف بالجور على حقوق المسلمين وضرورة مكافحة التمييز ضدهم، مشيرةً إلى أن الطريقة التي يصورون بها الإسلام على أنه مشكلة سياسية ترسخ لمفهوم صراع الحضارات في محاولة لكسب الأصوات في الانتخابات العامة أو المحلية، عبر الهجوم المتكرر على الجاليات الإسلامية وإلصاق الجرائم الإرهابية بها.

ويغذي “اليمين المتطرف” الأفكار السلبية والتصورات النمطية عن المسلمين، مما يساعدهم في توفير بيئة خصبة لجرائم الكراهية والتمييز، التي تتخذ أشكالًا عديدة ولا تقتصر على نوع معين من المكان أو الزمان أو الشخص، ومنها التهديدات والتحرش والتحريض على مجموعة من السكان، والتشهير، والجرائم العنيفة، والكتابة على الجدران، والتحريض ضد المسلمين على وسائل التواصل، فضلًا عن جرائم بدرجات متفاوتة من الخطورة تستهدف المساجد.

ربما يعجبك أيضا