لصالح إيران.. قطر تشوش على “براكة” وتتغاضى عن “بوشهر”

يوسف بنده

رؤية

في إطار تصعيدها للتوتر مع جيرانها في الخليج العربي، طالبت قطر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتدخل بسبب محطة “براكة” الإماراتية.

في خطوة تُعبر عن رغبة قطر ليس في تأمين أمنها، وإنما إثارة غضب أشقائها داخل دول مجلس التعاون الخليجي، سيما أن هذه الخطوة تظهر تناقضًا واضحًا من الجانب القطري تجاه النووي الإيراني الذي يشوبه الكثير من السرية والغموض على عكس المفاعل النووي الإماراتي الذي مازال في طور الولادة.

وتكشف المطالب القطرية غضب الدوحة من رفض المجموعة الخليجية تعاونها مع طهران في مشاريع وخطط إقليمية تهدد مصالح المجموعة العربية والخليجية.

فقد أعلنت وزارة الشؤون الخارجية القطرية لمدير الوكالة الدولية، إن محطة براكة النووية قيد الإنشاء في دولة الإمارات تشكل تهديدا خطيرا للاستقرار الإقليمي والبيئة. وهو أمر لم تعلن قطر من قبل تجاه محطة “بوشهر” الإيرانية المطلة على مياه الخليج.

وحسب تقرير صحيفة العرب القطرية، فقد دفعت قطر بملف خلافاتها مع الدول العربية التي تطالبها بالكف عن دعم الإرهاب، إلى منعطف جديد من التصعيد وافتعال الأزمات، وذلك بشنّها هجوما مفاجئا على البرنامج النووي السلمي لدولة الإمارات العربية المتحدة معتبرة أنّه يشكّل خطرا على أمن الإقليم وتهديدا لبيئته.

وكان مثيرا في هذا الهجوم أنّه يقفز على اختصاص الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويضع الدوحة عديمة الخبرة في المجال النووي بمرتبة من يحذّر دول العالم ومن ضمنها قوى نووية من “خطر” لم تستطع كل تلك الجهات أن تراه.

ويُستبعد أن يكون توصيف قطر للمشروع النووي الإماراتي ناتجا عن تقييم تقني للمشروع، بقدر ما هو تعبير عن موقف سياسي تجاه إحدى الدول الأربع المقاطعة لقطر بسبب دعم الأخيرة للتشدّد والإرهاب واحتضانها لجماعاته.

مفارقة

ومن ضمن أسباب توجّس السعودية والإمارات ومصر والبحرين من قطر، تعاونها مع إيران في سياساتها المهدّدة لاستقرار المنطقة.

وفي هذا الجانب تبرز مفارقة أنّ إيران تقيم مشروعا نوويا لا تزال دول كبرى على رأسها الولايات المتحدة تشكّك في شفافيته وسلميته. كما أنّ عددا من منشآت المشروع مقامة في منطقة زلازل، فيما يقول الخبراء إنّ المشروع الإماراتي يلبي جميع متطلبات الأمان والسلامة وفق أعلى المعايير الدولية.

محطة “بوشهر” الإيرانية

وتتزايد المخاوف بشأن سلامة المحطة النووية الوحيدة التي توجد في شبه جزيرة بوشهر المطلة على الساحل الشرقي للخليج العربي.

ويعتبر موقع المحطة النووية في قرية هيليه القديمة مستقراً على إحدى أكثر المناطق عرضة للزلازل على الهضبة الإيرانية، وعلى ارتفاع ثلاث سلاسل جبلية متوازية تمتد من القوقاز وحتى آسيا الوسطى. ووفقاً للسجلات الرسمية، فإن المنطقة التي توجد فيها المحطة قد تعرضت لزلازل عدة في عام 1853، وعام 1960، وعام 1972، وعام 2013، ومن شأن الزلزال بقوة 7.3 على مقياس ريختر أن يحول منطقة الخليج العربي بأسرها إلى منطقة ملوثة نووياً.

ونظراً لاتجاه الرياح في الخليج العربي، فإن الأضرار التي تلحق بالمحطة النووية في هيليه إثر زلزال بقوة تفوق 7 درجات على مقياس ريختر من شأنها أن توثر، وبصورة فورية، على دول الكويت، والبحرين، وقطر، والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وتسبب التلوث النووي للمياه الضحلة في الخليج العربي. ومن شأن تسريبات المواد النووية إلى مياه الخليج العربي أن تلحق الأضرار البيئية الهائلة بالممرات المائية ونظمها البيئية ومواردها السمكية. ولا يزيد عمق المياه في الخليج العربي على 90 متراً بحال من الأحوال، ومتوسط العمق القريب من المحطة النووية الإيرانية يبلغ 55 متراً.

وحسب تقرير صحيفة الشرق الأوسط، فإن هناك مشكلة إضافية تتعلق بالفترة التي سوف تستغرقها مياه الخليج العربي في التجدد والتي تبلغ 15 عاماً؛ مما يجعل من تبدد أي تلوث نووي قائم مسألة تحدث على المدى الزمني المتوسط.

تطبيق قواعد السلامة

وتنفي الإمارات بشكل قطعي وجود أي مشاكل تتعلق بالسلامة فيما يخص المحطة النووية التي تشيدها شركة الطاقة الكهربائية الكورية “كيبكو” وسوف تتولى تشغيلها شركة “إي.دي.إف” الفرنسية.

وقال مندوب الإمارات الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية السفير حمد الكعبي في بيان أرسل لرويترز “الإمارات العربية المتحدة تلتزم بما تعهدت به في ما يتعلق بأعلى معدلات الأمان النووي والأمن ومنع الانتشار”.

وسبق لدولة الإمارات قبل أن تبادر بتشغيل أولى محطات براكة للطاقة النووية السلمية، أن استضافت بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراجعة “البنية التحتية النووية المتكاملة” لتقديم توصيات حول متطلبات وجاهزية البنية التحتية النووية في الدولة.

والإمارات هي أول دولة تطبق المرحلة الثالثة من منهجية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث أجرى فريق الوكالة المكون من تسعة خبراء دوليين مراجعة شاملة للتقدم المحرز على صعيد تطوير البنية التحتية النووية منذ آخر زيارة للبعثة في العام 2011، حيث ركز الفريق على الشروط المطلوبة لإنجاز المرحلة من خلال تقييم 19 نقطة متعلقة بالبنية التحتية ضمن المنهجية المُعدة للدول التي في مرحلة الاستعدادات الأخيرة لتشغيل محطة الطاقة النووية.

وعمل فريق البعثة بقيادة ميلكو كوفاتشيف رئيس قسم تطوير البنية التحتية النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وضع تقرير خاص بالمرحلة الثالثة من “مراجعة البنية التحتية النووية المتكاملة”، والذي يأخذ بعين الاعتبار كافة جوانب البرنامج النووي السلمي الإماراتي، وذلك بعد لقاء ممثلين عن جميع الأطراف المعنية بالقطاع في الدولة خلال الزيارة التي تمت في أواسط سنة 2018، من بينها الهيئة الاتحادية للرقابة النووية ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركة “نواة” للطاقة والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث وجهاز حماية المنشآت الحيوية والسواحل.

وشملت جوانب البنية التحتية للطاقة النووية في دولة الإمارات التي قامت بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتقييمها، التخطيط والاستجابة لحالات الطوارئ، وبناء القدرات والكوادر البشرية، والأطر التشريعية والقانونية، والسلامة النووية والحماية من الإشعاع، والأمن المادي والإلكتروني، ودورة الوقود النووي وإدارة النفايات، وحماية البيئة، وآليات التمويل والمشتريات، وتطبيق الضمانات الشاملة الخاصة بالبرنامج.

 محطة”براكة”

تتوقع الإمارات تشغيلها بحلول عام 2020، وكان من المقرر افتتاح المحطة عام 2017 لكن الافتتاح تأجل بالفعل مرتين بسبب مشاكل تتعلق بتدريب فريق العاملين بها.

تقع محطة براكة للطاقة النووية في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، وتطل على الخليج العربي وتبعد نحو 53 كيلومترًا إلى الجنوب الغربي من مدينة الرويس .

ستوفر مفاعلات الطاقة المتقدمة الأربعة (APR1400) في محطة براكة نحو ربع احتياجات الإمارات من الكهرباء عند التشغيل التام للمحطات.

بدأت الأعمال الإنشائية في المحطة في يوليو 2012 ومن المقرر استكمال عمل مفاعلات المحطة الأربعة عام 2020.

بعد التشغيل التام للمحطة، من المتوقع أن تحدّ محطة براكة من الانبعاثات الكربونية في الدولة بواقع 21 مليون طن سنويًا والتي تعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من الطرقات.

ربما يعجبك أيضا