لماذا تجرأ رئيس الوزراء الإسرائيلي على وصف قرار للأمم المتحدة بـ«الحقير»؟

إسراء عبدالمطلب
نتنياهو يرد على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة

قدمت الأمم المتحدة طلبًا إلى محكمة العدل الدولية لإصدار فتوى بشأن الآثار المترتبة على انتهاكات إسرائيل المستمرة بحقوق الشعب الفلسطيني.


تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطالب محكمة العدل الدولية، بإصدار فتوى عن آثار انتهاكات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

وجاء التصويت على القرار، يوم الجمعة الماضي 30 ديسمبر 2022، بناء على ما جاء في تقرير اللجنة الرابعة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، واعتمدته الجمعية بأغلبية 87 صوتًا واعتراض 26 وامتناع 53، وفق الموقع الإلكتروني للمنظمة الدولية.

الأمم المتحدة

الأمم المتحدة

مشروع قرار فلسطيني لإدانة إسرائيل

جاء طلب إبداء الرأي في قضية “الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية”، استجابة لمشروع قرار قدمه المندوب الفلسطيني للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وجاء في مشروع القرار الأول بعنوان “الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”، أنه وفقًا للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، يطلب القرار إلى محكمة العدل الدولية، عملًا بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة.

حق تقرير المصير الفلسطيني

طالبت الجمعية من المحكمة بإصدار فتوى بشأن الآثار القانونية الناتجة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واحتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلّة، منذ عام 1967، واستيطانها وضمّها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس، واعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية.

ويطرح القرار سؤالًا على محكمة العدل الدولية بشأن تأثير سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها سابقًا على الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي، والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع، بالنسبة إلى جميع الدول والأمم المتحدة.

الكيل بمكيالين

رحبت السلطة الفلسطينية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني، نبيل أبوردينة، إنه آن الأوان لتكون إسرائيل دولة تحت القانون، وأن تحاسب على جرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، داعيًا العالم إلى تحمل مسؤولياته وتطبيق قرارات الشرعية الدولية والتوقف عن “الكيل بمكيالين”.

ويشكل التصويت الأممي تحديًّا لرئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، بنيامين نتنياهو، الذي شكل حكومة تضع التوسع الاستيطاني أولوية، وكشفت صراحة عن نيتها ضم أراضٍ من الضفة الغربية، أقيمت عليها مستوطنات غير قانونية.

رد نتنياهو على قرار الأمم المتحدة

رد نتنياهو على قرار الأمم المتحدة

رد إسرائيلي

قال نتنياهو، في رسالة مصورة ردًا على قرار الأمم المتحدة، إن “القرار الحقير الذي جرى اعتماده اليوم من الأمم المتحدة لن يلزمنا، وأن الشعب اليهودي لا يحتل أرضه ولا عاصمته الأبدية القدس، وأنه ما من قرار للأمم المتحدة سيشوه هذه الحقيقة التاريخية”، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وذكر تقرير لموقع “سويس انفو” أن نتنياهو طلب من الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، التصويت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن رفض زيلينسكي، لأن إسرائيل لم تمد أوكرانيا بالسلاح.

ضم الضفة الغربية

حسب ما أوردته صحيفة “الشرق الأوسط“، طالب عدد من النواب والوزراء الإسرائيليين نتنياهو بضم الضفة الغربية، ردًا على قرار الأمم المتحدة، ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية في تل أبيب أن الحكومة الجديدة تنوي ضم وتوسيع الاستيطان.

وأشارت إلى أن وجود رزمة من القوانين، التي تتعلق بقانون فك الارتباط عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وإلغاء القسم المتعلق بالضفة الغربية وإعادة إقامة 4 مستوطنات جرى إخلاؤها في العام 2005، وتبييض عشرات البؤر الاستيطانية، وتحويلها إلى مستوطنات دائمة.

إنجاز دبلوماسي فلسطينيّ وعربي

يرى المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، جهاد الحرازين، أن القرار يعد إنجازًا دبلوماسيًّا فلسطينيًّا عربيًّا لما سيترتب عليه من أثار قانونية وسياسية، خاصة أنه يسقط آخر قناع عن وجه الاحتلال الإسرائيلي، من خلال كشف ادعاءاته الكاذبة وجرائمه، وما سينتج عنه من إجراءات قانونية ومواقف دولية جديدة.

الدكتور جهاد الحرازين

الدكتور جهاد الحرازين

وأضاف أن القرار أشعل جنون قادة إسرائيل، وأولهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي صعقه القرار فوصفه بأنه “حقير”، وهي إساءة إلى المجتمع الدولي، ما يتطلب وقفة حقيقية لوقف وكسر ما وصفه بـ”الغطرسة والعنجهية الصهيونية”، وطرد إسرائيل من الأمم المتحدة، ما دامت لا تلتزم ولا تعترف بقرارات الشرعية الدولية.

اختبار حقيقي للمجتمع الدولي

أضاف الحرازين أن المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي، إما أن وقفة جادة أمام حالة التغول والجنون الإسرائيلى، واتخاذ قرارات تعيد ضبط الأوضاع وحماية النظام الدولي بكل مكوناته، وإلا على هذه المنظومة السلام وستسود شريعة الغابة، بدلًا من القانون والاتفاقيات الدولية، على حد تعبيره.

وشدد على أن الاستمرار بالمعركة القانونية والدبلوماسية والسياسية سيؤدى حتمًا إلى عزل إسرائيل وتقزيمها وإسقاط مشاريعها، خاصة فى ظل حكومة “أقطاب التطرف والإجرام”، نتنياهو وبن غفير وسموتيريتش.

لا وجود للفيتو

قال أستاذ العلوم بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، أيمن الرقب، إن طلب الأمم المتحدة قرار مهم، خاصة بالنسبة إلى التوقيت، بعد وصول حكومة يمينية فاشية متطرفة وصل لسدة الحكم في دولة الاحتلال الإسرائيل، ما يعني مزيدًا من الاعتداء على الشعب الفلسطيني ومصادرة أرضه، وتأجيج الصراع خلال الأعوام المقبلة بقدر كبير.

الدكتور أيمن الرقب

الدكتور أيمن الرقب

وأضاف أن أي قرار لصالح القضية الفلسطينية يزعج الاحتلال الإسرائيلي، وأن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يوجد عليها “فيتو” يمنع صدورها، كما في مجلس الأمن، لكنه عبر عن مخاوف من تجميد القرار بطرق أخرى.

حبر على ورق

رأى الرقب أنه رغم تصويت 87 دولة لصالح القرار، فإن امتناع 53 دولة عن التصويت يعدّ فشلًا للدبلوماسية الفلسطينية، خاصة أن جزءًا من هذه الدول تعد صديقة، مثل فنزويلا، ما يفرض الحاجة إلى حراك فلسطيني سريع لعلاج هذا الإخفاق، على حد قوله، حتى لا تقع في المستقبل قرارات لا تجد فيها الأغلبية.

وتابع أن الأهم هو متابعة هذا القرار وإذا كان قرار محكمة العدل الدولية هو تجريم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، فمن ينفذ هذا القرار، لأن المجتمع سيكون عاجزًا عن تنفيذه، مشيرًا إلى صدور 86 قرارًا بمجلس الأمن لصالح القضية الفلسطينية، كان آخرها إدانة الاستيطان رقم 2334 في ديسمبر 2016، ولكنه ظل حبرًا على ورق.

ربما يعجبك أيضا