لماذا تخشى أمريكا من فرض عقوبات على القوات السودانية المتحاربة؟

شروق صبري
اشتباكات السودان

تستعد الولايات المتحدة الأميكية لفرض عقوبات جديدة على القوات السودانية المتحاربة، فهل تنجح العقوبات في وقف الصراع؟


تعد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خططًا لفرض عقوبات جديدة على أعضاء الفصائل العسكرية المتنافسة في السودان.

ووفقًا لمسؤولين على دراية بالموضوع، تهدف حزمة العقوبات، التي لا تزال قيد الصياغة، إلى استهداف أفراد القوات المسلحة السودانية، ومنافستها، قوات الدعم السريع، التي أوقعت الخرطوم في حالة من الفوضى، حيث يتنافس قادة المجموعتين على السيطرة على البلاد.

ضربة قوية

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الأربعاء 19 إبريل، إنه إذا جرى وضع اللمسات الأخيرة على العقوبات وتنفيذها، فمن الممكن أن ترسل ضربة قوية إلى قائد القوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.

ومع ذلك، أعرب بعض المسؤولين الأمريكيين عن مخاوفهم من أن تكون حزم العقوبات الجديدة ضعيفة ومتأخرة جدًّا، وسط نقاش أوسع داخل إدارة بايدن حول ما إذا كانت برامج العقوبات ضد منتهكي حقوق الإنسان في إفريقيا ضعيفة للغاية.

مقتل 600 ألف شخص

انتقد نشطاء مؤيدون للديمقراطية في السودان، ومنظمات حقوقية دولية الولايات المتحدة، ودولًا غربية أخرى، لعدم تنفيذ عقوبات ضد القادة العسكريين في السودان خلال السنوات الأخيرة، بعد الخلاف عام 2019 بين العسكريين و المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، وعزل الحكومة في 2021، الذي أوقف جهود السودان للانتقال إلى الديمقراطية.

وترى المجلة الأمريكية أن هذه الانتقادات موجهة لإدارة بايدن، لرفضها إصدار أي عقوبات ضد مسؤولي الحكومة الإثيوبية، حيث نفذت البلاد فظائع وحملات تطهير عرقي، خلال حرب استمرت عامين، ربما تسببت في مقتل ما يصل إلى 600 ألف شخص.

الرئيس الأمريكي جو بايدن

الرئيس الأمريكي جو بايدن

حكومة يقودها مدنيون

أشارت المجلة الأمريكية إلى أن قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع اتفقوا على الاستيلاء على السلطة في أكتوبر 2021، ما أدى إلى عرقلة الجهود المبذولة لتحويل البلاد إلى ديمقراطية بعد سنوات من الحكم الاستبدادي.

وكانت الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة عبدالفتاح البرهان، وكان من المفترض أن يتنازل عن السلطة للسلطات المدنية بحلول عام 2022، وقتها احتجت واشنطن بشدة.

واعترض كذلك مبعوث وزارة الخارجية للشؤون الإفريقية، مولي في، ضد فرض عقوبات على كبار الشخصيات في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث سعت واشنطن لجلب كلا الفصيلين إلى طاولة المفاوضات لاستعادة مسار السودان نحو حكومة يقودها مدنيون.

عقوبات هشة

أثارت الجهود المبذولة للسير البطيء في العقوبات رد فعل عنيف من بعض المسؤولين داخل الإدارة وكذلك منظمات المجتمع المدني، التي جادلت بأن التزامات واشنطن المعلنة بالتحول الديمقراطي في السودان ستُنظر إليها على أنها جوفاء إذا لم تصدر عمليات انتقامية بسبب الاستيلاء على السلطة.

وفي مارس 2022، أصدرت إدارة بايدن عقوبات ضد قوة الشرطة الاحتياطية المركزية السودانية لدورها في حملة قمع عنيفة ضد المتظاهرين السلميين المؤيدين للديمقراطية، ولكن الإدارة لم تفرض عقوبات على القادة العسكريين الذين دبروا الانقلاب.

تضرر مطار الخرطوم جراء الاشتباكات

تضرر مطار الخرطوم جراء الاشتباكات

نفوذ روسيا

قال المسؤولون الذين تحدثوا لـ”فورين بوليسي”، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن مسؤولي إدارة بايدن صاغوا أمرًا تنفيذيًّا للعقوبات المتعلقة بالسودان في أكتوبر 2021، ولكن لم يجر الإعلان عنه مطلقًا، ما دفع الخبير في شؤون المنطقة الإفريقية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كاميرون هدسون، إلى القول بأن لهذا السبب “فقدوا المصداقية”.

وأضاف المسؤولون أن مولي في، تولى زمام السياسة الأمريكية بشأن السودان وضغط من أجل واشنطن لمواصلة التواصل مع البرهان وحميدتي، ولكنه خشي أيضًا من أن العقوبات “لن تكون فعالة”، ويمكن أن تدفع البرهان وحميدتي إلى التواصل مع القوى الأخرى.

ويوجد على الصعيد السوداني قوات أخرى تتنافس على النفوذ في الخرطوم، بما في ذلك روسيا. فتتمتع قوات الدعم السريع بعلاقات مع مجموعة فاجنر الروسية، وهي جماعة مرتزقة تعمل في أوكرانيا والشرق الأوسط وإفريقيا.

فريق عمل للطوارئ

في واشنطن، مثلت إدارة بايدن فريق عمل للطوارئ بشأن السودان، وتحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكين بنحو منفصل، إلى كل من البرهان وحميدتي في الأيام الأخيرة لمحاولة وقف القتال.

وقالت السفارة الأمريكية بالخرطوم، في بيان مشترك صدر أمس الأربعاء، مع 12 دولة حليفة أخرى والاتحاد الأوروبي، إن أفعالهم في جميع أنحاء السودان عرّضت عددًا لا يحصى من الأشخاص للخطر، وأبطلت دعوة الشعب السوداني المشروعة إلى انتقال ديمقراطي سلمي.

وقال البيان: “إن عدم قدرة العاملين في المجال الإنساني على العمل بأمان يؤثر في الملايين من السودانيين الضعفاء بالفعل، بمن فيهم الآن النازحون بسبب القتال المستمر”.

القوات المتحاربة فى السودان

القوات المتحاربة فى السودان

نقطة ضغط

أصدر السيناتور الأمريكي جيم ريش، أكبر جمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بيانًا حث فيه إدارة بايدن على مساءلة المجلس العسكري في السودان، وفرض عقوبات على “انتهاكات حقوق الإنسان والفساد والإجراءات المناهضة للديمقراطية.

وحسب المجلة الأمريكية، يمكن أن تكون حزمة العقوبات الجديدة نقطة ضغط لجعل كل من البرهان وحميدتي يتوقفان عن القتال في وقت ينفد فيه الطعام والماء من المواطنين السودانيين المحاصرين في النزاع.

وتتدفق التقارير، في هذا السياق، عن قيام مقاتلي الدعم السريع بقتل أو الاعتداء على المدنيين ونهب المنازل، بما في ذلك المجتمعات الدبلوماسية الأجنبية.

اقرأ المزيد: الهدنة الجديدة بالسودان.. هل تنقذ حياة المدنيين من نيران الاشتباكات؟
اقرأ المزيد: اشتباكات السودان.. واشنطن تستعد لفرض عقوبات على طرفي النزاع

ربما يعجبك أيضا