لماذا تسعى إيران إلى التمدد في غرب إفريقيا؟

تستهدف إيران بالتمدد في إفريقيا استثمار الثقل الاستراتيجي والجغرافي بجانب الكثافة السكانية لدولها، وتوسيع خارطة تحالفاتها الدولية بعد تأزم الاتفاق النووي.

غرب إفريقيا من الناحية الاقتصادية منطقة تُمثل مسرحًا للتنافس بين القوى الدولية والإقليمية للنفوذ والسيطرة على الموارد والثروات، والعلاقات التي تنشئها معها دول أخرى تعطي ثقلًا للمتقربين إليها إقليميًا ودوليًا.

نشر المذهب الشيعي

يتصدر نشر المذهب الشيعي قائمة أهداف طهران في الحضور داخل إقليم غرب إفريقيا، فالمنطقة تمثل بيئة خصبة لنشر التشيع، خصوصًا أن الكثافة الإسلامية المرتفعة في بلدان المنطقة من الممكن أن تتعاطف مع إيران كونها دولة إسلامية وعضو في منظمة المؤتمر الإسلامي، فضلًا عن ارتفاع نسبة المسلمين في هذه الدول، والتي تقدر بنحو 257 مليون نسمة، بينهم 161 مليون نسمة من المسلمين غالبيتهم الكبرى من السنة.

على سبيل المثال، يبلغ عدد سكان دولة مثل نيجيريا أكثر من 193 مليون نسمة، نحو 75% منهم مسلمين، ويصل المسلمون لنحو 94% من مجموع السنغاليين البالغ 14 مليونًا، ويصل في بعض الدول مثل غينيا 85%، وفي النيجر 80%، ويمكن ملاحظة أن النفوذ ومحاولات التمدد الإيراني في القارة الإفريقية تقل وتتضاءل كلما اتجاهنا نحو جنوب القارة؛ لانخفاض عدد المسلمين في دول وسط وجنوب القارة.

الرغبة في إيجاد وكلاء

تتعدد أهداف ودوافع السياسة الإيرانية في التقارب مع دول غرب إفريقيا، أبرزها السعى لضمان تصويت الدول الإفريقية لصالحها في المحافل الدولية ضد أي قرار يكون في غير مصلحتها، أو على الأقل تحييدها، وإيجاد وكلاء لها لحماية مصالحها الاستراتيجية في غرب إفريقيا خصوصًا، وكسر العزلة االمفروضة عليها منذ قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتبعتها سلسلة العقوبات الأمريكية.

وترغب إيران في تمرير سياستها الاقتصادية وخلق سوق لمنتجاتها والاستيلاء على ثروات وموارد القارة الإفريقية، فنفذت عددًا من المشروعات الاستثمارية في السنغال وجامبيا ومالي وسيراليون وبنين ونيجيريا وغانا وكوت ديفوار والنيجر وتشاد وبوركينافاسو وليبيريا وغينيا، لتحقيق مكاسب اقتصادية وكسر العزلة التي فرضتها عليها واشنطن.

نشر النموذج الإيراني غرب إفريقيا

تستغل إيران بنجاح القوة الناعمة من أجل التغلغل داخل المجتمعات الإفريقية، خصوصًا المسلمة منها، من خلال الاستثمارات وتوفير فرص عمل للشباب وغير القادرين، ودعم الطرق الصوفية ماديًا، وإنشاء العديد من المدارس والمعاهد الدينية الضخمة، وتقديم المنح الدراسية للشباب للدراسة بطهران.

وتعد سياسة المساعدات التنموية من أبرز الأدوات التي تستخدمها الدبلوماسية الإيرانية لتحقيق هذه الغاية، من خلال الاستفادة من التجارب الإقليمية لبعض القوى والفواعل الإقليمية والدولية في القارة الإفريقية، مستغلةً حاجة البلدان الإفريقية للمساعدات التنموية والتعاون المشترك، لتسويق النموذج الإيراني في إفريقيا.