لماذا تصمت باكستان تجاه اضطهاد الصين لأقلية الإيغور ؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي
 

لم يكن متوقعًا من دولة ذات أغلبية  مسلمة في الوسط الآسيوي، أن ترفع راية الصمت تجاه الاضطهاد الصيني المعلن لمسلمي الإيغور، بينما فزع العالم من قرار السلطات الصينية باعتقال ما يقرب من مليون مسلم من الإيغور في معسكرات أو كما تطلق عليها بكين “إعادة تأهيل”. المعهود من باكستان أنها تحمل راية الإسلام والمسلمين في الشرق الأقصى. فعلى النقيض من اضطهاد الروهينجا، هاجمت باكستان ميانمار بسبب عمليات التهجير والتعذيب التي يتعرض لها المسلمون هناك.

من هم الإيغور؟

الإيغور هم أقلية مسلمة، تعيش في إقليم شينجيانغ بالصين أو كما يطلق الإيغور عليه “تركستان الشرقية”، ويرون أنفسهم أقرب عرقيًا لشعوب آسيا الوسطى، ويشكل الإيغور نحو 54% من سكان شينجيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40%. وفي أوائل القرن الماضي  أعلن مسلمو الإيغور الاستقلال عن الحكومة المركزية، ولكن المنطقة خضعت بالكامل لسيطرة الصين، ومنذ ذلك الحين، انتقلت أعداد كبيرة من عرقية الهان الصينية إلى الإقليم، بينما تخشى أقلية  الإيغور من اضمحلال ثقافتهم.

ويتمتع الإقليم بالحكم الذاتي داخل الصين مثل إقليم التبت في جنوب البلاد.

وتنص الإجراءات الصينية -التي تحولت إلى قوانين- على أن الموظفين في الأماكن العامة، من بينها المحطات والمطارات، سيكونون ملزمين بمنع النساء اللائي ترتدي الزي الإسلامي وتغطية أجسامهم كاملة، وإبلاغ الشرطة عنهم.
وفي سبتمبر 2017، أمرت السلطات الصينية الإيغور بتسليم جميع المصاحف وسجاجيد الصلاة أو غيرها من المتعلقات الدينية، وإلا سيواجهون عقوبات السجن.

جاء ذلك ضمن قيود جديدة في إقليم شينجيانغ في إطار ما وصفته بكين بحملة ضد التطرف. وشملت الإجراءات منع إطلاق اللحى وارتداء النقاب في الأماكن العامة، ومعاقبة من يرفض مشاهدة التليفزيون الرسمي.

لماذا تتغافل باكستان؟

تتجاهل باكستان معاناة الإيغور داخل إقليم شينجيانغ، لدوافع عدة جعلها تولي اهتمامها لمصالحها السياسية متناسية مبادئها القومية. وتقع باكستان في إقليم يعاني من صراعات إقليمية ودولية بين أطرافه من ناحيه، وأطراف دولية من ناحية أخرى.

– موازنة الحلف الأمريكي – الهندي

تقيم باكستان علاقات قوية مع الصين من أجل مواجهة خصمها اللدود بالمنطقة وهو الهند، حيث يتنازع الطرفان على إقليم كشمير.  وتشهد العلاقات الهندية الأمريكية تحسنًا متزايدًا خلال السنوات الأخيرة خاصة مع مجيء حزب بهاراتيا جاناتا إلى الحكم،  فالحكومة الهندية الآن تسعى للتقارب مع الدول الغربية من أجل رؤوس الأموال والتقدم التكنولوجي، بجانب تقوية صفها تجاه نزاعها مع الهند على الحدود بينهما. أما أمريكا فتريد أيضا تعزيز علاقاتها مع الهند لأسباب عدة، أهمها مراقبة الصين وباكستان وأيضا الملف الأفغاني.

وأما عن العلاقات الأمريكية – الباكستانية فهي مترددة، حيث تستخدمها الولايات المتحدة فقط في الملف الأفغاني لتسوية
خلافها مع حركة طالبان أو القاعدة، وأمريكا لا تعد إسلام آباد حليفًا استراتيجيًا؛ إذ تنظر لها بعين الريبة لاحتضانها الحركات الإرهابية والمتشددة منها فرع طالبان في باكستان.

– تعزيز العلاقات الاقتصادية

تسعى باكستان من خلال علاقاتها مع الصين أن تكون ضمن المشروع العملاق “طريق الحرير” والذي يهدف لإنشاء طريق دولي لنقل البضائع من وإلى آسيا وأوروبا.

وتسعى الصين لإنشاء المرحلة الأولى من الطريق عبر باكستان والذي يمتد من مدينة “كاشغار” غرب الصين إلى ميناء �غوادار� جنوب باكستان على بحر العرب في مقاطعة بلوشستان القريبة من الحدود الإيرانية – الباكستانية، على أن يلتف بعدها إلى �شينجيانغ� شمال غربي الصين. والمفروض أن يستفيد أفقر إقليم في باكستان اقتصاديا من هذا المشروع الذي سيعطي الصين منفذًا إلى المحيط الهندي والشرق الأوسط في حين يصل المدن الباكستانية فيما بينها.

– تعزيز العلاقات العسكرية

ترى باكستان أن الصين بديل الولايات المتحدة في تحديث جيشها واستيراد الآلات العسكرية اللازمة لجيشها، وقفزت باكستان لتصبح من الدول الثلاث الأولى لاستيراد السلاح الصيني وفقًا لدراسة نشرها المركز الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم.

أولت باكستان علاقاتها الاستراتيجية مع الحليف الصيني، وذلك لمنافسة الهند من ناحية بتقوية علاقتها مع الصين، وترى باكستان أن الصين هي حليفها الأوحد بالمنطقة مع اضطراب علاقتها بالولايات المتحدة، وتسعى من خلال علاقاتها الاقتصادية أن تقيم عددًا من المشروعات التنموية بإقليمها، وعبر العلاقات العسكرية تنوع سلاحها الذي من المرجح أن تحظر الولايات المتحدة تصديره إليها.

ربما يعجبك أيضا