لم يعد العالم كما كان يعرفه كل مخضرم عاش قبل عام 2011، بل تحول لعالم هش لا ينتمي لمحيطه بقدر ما ينتمي لعالم افتراضي صنعته عولمة الإنترنت.
بقلم| أحمد بدر
أي مجال يمر بطفرات تجعله يتطور ويختلف اختلافًا كليًا عما كان عليه قبل ذلك.
الحديث يدور حول عالم التكنولوجيا والإنترنت الذي اختلف وتتطور بصورة مختلفة كليًا جعلت من عام 2011 طفرة وبداية جديدة للمجتمعات البشرية وصهرها تحت مفهوم القرية العالمية الصغيرة.
دخول الجمهور الأكبر عالم الانترنت
دخول الجمهور الأكبر عالم الإنترنت
عندما بدأ ظهور الإنترنت في مصر سنة 1998 كان مستخدموه من الطبقات الخاصة فقط، أما العامة، فلم يكن لهم حاجة فيه ولم يكن في متناولهم الوصول له حيث أن الوصول له كان فقط عبر الحاسب الآلي (الكمبيوتر)، فكان من يستخدمه ويستفيد منه هم المهندسين والمحاسبين والأطباء وغيرهم من الفئات المتخصصة علميًا فقط.
حتى ظهر وانتشر عالم الهواتف الذكية (Smart Phone) في عام 2011 الذي قلب حياة الناس من الهواتف البسيطة بالأزرار بأنظمة سيمبيان (Symbian)، إلى أجهزة هاتف بشاشات ذكية بأنظمة أندرويد (Android) بديل عن لوحة المفاتيح وتُماثل الحاسب الآلي في الإمكانيات والاستخدام.
كانت هذه الطفرة في عالم الهواتف المحمولة هي مفتاح تغيير العالم والمجتمعات والدول ودخول الجمهور الأوسع والأكبر لعالم الانترنت وهو الجمهور غير المتخصص في استخدام الحاسب الآلي.
فدخل الإنترنت إلى جميع الفئات المجتمعية من العامل والبائع والتاجر وربات البيوت والطفل وحتى من لا يجيد القراءة والكتابة.
الاندرويد سبب طفرة الانترنت
الأندرويد سبب طفرة الإنترنت
قدمت مايكروسوفت في عام 1996 أجهزة هاتف ذكية بنظام Windows CE لكن لم يكن يحملها غير فئات المطورين ورجال الأعمال. وظهر أيضًا بجانبها أجهزة البلاك بيري الذكية الشهيرة ولم يكن يحملها أيضاً غير الفئات القادرة على شراء هذه الأجهزة نظراً لارتفاع سعرها.
في عام 2003 طور آندي روبين وأصدقائه نظام التشغيل أندرويد الذي قامت جوجل بشراءه عام 2005 وظلت تعمل على تطويره حتى جاء عام 2011 الذي ظهرت فيه الطفرة بتوفير أجهزة هواتف ذكية بأسعار مناسبة لجميع الفئات بنظام الأندرويد إصدار (Ice Cream Sandwich)، يخدمها سوق (جوجل بلاي) الذي يحتوي على ملايين التطبيقات الخدمية والترفيهية الذي سرعان ما جذب الجماهير للتخلي عن الهاتف المحمول التقليدي والانتقال إلى عالم واسع من الترفيه والانترنت حتى وصل ل 1.5 مليار مستخدم في بداية عام 2015 وهذه طفرة كبيرة، قد جعلت الناس يتخلون عن أجهزة بسيطة، وينتقلون إلى استخدام أجهزة أكثر تطوراً في استخدام عالم الانترنت.
التسويق والتجارة الالكترونية
التسويق والتجارة الالكترونية
قبل ظهور هذه الطفرة ودخول الجماهير لعالم الانترنت، كانت التجارة الالكترونية تمر فقط عبر المنتديات التجارية المتخصصة التي يستخدمها من يجيد استخدام الحاسب الآلي (الكمبيوتر)، فلا تصل منتجات تلك التجارة للجماهير التي خارج عالم الانترنت. لكن بمجرد ظهور طفرة الهواتف الذكية والانترنت عام 2011 أصبحت التجارة الالكترونية تصل لكل الفئات والجماهير، بل تستهدف بالذكاء الاصطناعي الفئات التي تداعب هواتفها بالكلمات والمشاهدة لمواد إعلانية محددة، فأصبحت بمجرد التفكير والبحث عن شيء تجد مئات الإعلانات أمامك عن المنتج.
أصبح بمجرد اعلان لمنتج عبر القنوات الفضائية يشاهده كل الفئات والجماهير قادرين مهما كان مستوي تعليمهم على الوصول له عبر الانترنت من خلال أجهزتهم المحمولة.
العالم قرية صغيرة
العالم قرية عالمية صغيرة
القرية العالمية هي أحد مفاهيم العولمة الرئيسية للسيطرة على العالم وجعله خاضع لعقل جمعي واحد تقرره امبراطورية وحيدة.
لقد جعلت طفرة الانترنت العولمة في صورة أقوي وأكثر سيطرة بجعل العالم يخضع لعقل جمعي واحد وهو أن الفرد يخضع لسلوك المجموع “سلوك القطيع” حتى المجتمع الفرد تأثر وخضع للمجتمعات الأكبر والأقوى.
الخطورة، أن هذا السلوك في عالم الانترنت يمكن صناعته وتوجيهه باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي تجعل الفرد يظن أن هذا السلوك هو الأمر الطبيعي كما حدث في صناعة وتوجيه المثلية “الشذوذ”.
أصبحت الأفراد والمجتمعات خاضعين لما تصنعه تكنولوجيا الانترنت لحظياً فما يعيشه الفرد في أمريكا يعيشه الفرد في مصر، فمثلاً كانت الموضة تظهر في الغرب ثم بعد عام أو أكثر تنتقل للعالم العربي لكن في ظل العولمة وانصهار المجتمعات في عقل جمعي واحد أصبحت تظهر في إيطاليا فيرتديها الأفراد في أمريكا ومصر في اللحظة نفسها.
عالم جديد مخيف لا خصوصية فيه لمجتمع ولا مبادئ فيه خاصة لحضارة أو دين !!!
برامج التواصل الاجتماعي
برامج التواصل الاجتماعي
قبل هذه الطفرة كانت برامج التواصل الاجتماعي عبارة عن منتديات وتطبيقات يدخلها المتخصصون أو من يستطيعون استخدام الحاسب الآلي (الكمبيوتر) أما الآن فحدث ولا حرج عن تواصل كل الفئات فيما هو مفيد وغير مفيد باستهلاك عشرات الساعات اليومية في ما لا فائدة منه تحت اسم التواصل والترفيه.
برامج التواصل الاجتماعي هي أكبر أدوات الاستخبارات العالمية لجمع المعلومات والسيطرة على المجتمعات ونشر المفاهيم بين الأفراد تحت اسم التواصل العالمي.
حطمت طفرة الانترنت كل قيود الخصوصية للفرد، وجعلت الأفراد يشاركون كل حياتهم على الصفحات الاجتماعية وبرامج التواصل تحت اسم المشاركة والتواصل حتى جعلتهم يشاركون أكثر اللحظات خصوصية وحتى غرف نومهم بل وشجعتهم التطبيقات على ذلك مقابل مبالغ مالية.
المال أحد أدوات العولمة التي تسيطر به على المجتمعات تحت اسم الحاجة أو التطوير.
مخاطر الانترنت
الإنترنت خطر يهدد العالم
هذه الطفرة التي مكنت الانترنت من التحكم في الأفراد والمجتمعات والدول قد وصلت لمرحلة جعلت الناس لا يستغنون عنه في يومهم حتى وصل إلى حد الإدمان.
هذه الطفرة جعلت الدول تحت سيطرة أجهزة مخابراتية عالمية تتحكم في الدول والمجتمعات عن بعد.
هذه الطفرة جعلت المجتمعات تخضع لمفاهيم جديدة لا تستطيع أن تعارضها أو تقف ضدها أو حتى تسيطر عليها.
هذه الطفرة هي أداة الدول الاستعمارية التي ترهب وتسيطر على العالم باسم العولمة ونشر وفرض مفاهيمها الخاصة على العالم.
هذه الطفرة جعلت الفرد والمجتمع سلعة يخضع لعالم جديد لا يعرف عنه شيء ويظن بجهله أنه هو المسيطر عليه.
لم يعد العالم كما كان يعرفه كل مخضرم عاش قبل عام 2011، بل تحول لعالم هش لا ينتمي لمحيطه بقدر ما ينتمي لعالم افتراضي صنعته عولمة الانترنت.
* استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية والإدارية
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=1915869