لماذا تلتزم الصين موقفًا محايدًا تجاه اشتباكات السودان؟

آية سيد
«صواريخ معيوبة».. الاستخبارات الأمريكية تكشف سبب حملة تطهير الجيش الصيني

لم تعلن الصين انحيازها إلى أي جانب في الاشتباكات الدائرة في السودان، التي دخلت أسبوعها الثاني. فما السبب؟


التزمت الصين حتى الآن موقفًا محايدًا من القتال الدائر في السودان، بين الجيش السوداني النظامي وقوات الدعم السريع.

ويتماشى هذا النهج الحذر مع سياسة بكين الخارجية، لكنه ينبثق أيضًا من المصالح الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية الراسخة التي بنتها مع الخرطوم على مدار العقود الـ3 الماضية، وفق تقرير لموقع المونيتور الأمريكي، نشره أمس الاثنين 24 إبريل 2023.

موقف محايد

لم تعلن الصين انحيازها إلى أي جانب في الاشتباكات الدائرة في السودان، والتي دخلت أسبوعها الثاني. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانج ون بين، يوم الجمعة الماضي: “ندعو الطرفين إلى وقف القتال في أسرع وقت ممكن ومنع المزيد من التصعيد”، داعيًا إلى الحوار والمضي قدمًا في عملية الانتقال السياسي.

اقرأ أيضًا| إنفوجراف| حصيلة أسبوع من الاشتباكات الدامية في السودان

وحسب ما نقل المونيتور عن شبكة “سي جي تي إن” الصينية، بدأت الصين إجلاء مواطنيها من السودان، أمس الاثنين، إلى دولة مجاورة لم تكشف عنها. ولفت تقرير المونيتور إلى أن هذا الموقف المحايد قد يفتح الباب كي تلعب بكين دور وساطة لإنهاء الصراع.

علاقات قديمة

تعود العلاقات بين الصين والسودان إلى العام 1959، وبدأت كعلاقة قائمة على النفط ثم تحولت إلى علاقة تجارية مهمة. ووفق تصريحات لسفير الصين في الخرطوم، ما شينمين، في مايو الماضي، تعمل أكثر من 130 شركة صينية في السودان.

اقرأ أيضًا| اشتباكات السودان.. واشنطن تستعد لفرض عقوبات على طرفي النزاع

وحسب وكالة فرانس برس، قدرت وزارة الخارجية الصينية أن أكثر من 1500 مواطن صيني كانوا موجودين في السودان، عند بداية الصراع الحالي.

الاعتماد على النفط

في تسعينات القرن الماضي، تعززت العلاقات بين البلدين بسبب التعاون في مجال النفط، وفق المونيتور. وفي 1996، استحوذت مؤسسة البترول الوطنية الصينية على حصة 40% في اتحاد نفطي سوداني.

واستمرت الصين في الحصول على النفط من السودان في أثناء صراع دارفور، الذي بدأ في أوائل الألفية وانتهى في 2020، ما عرّضها لانتقادات دولية واسعة. واستوردت بكين ما قيمته مليار دولار من النفط الخام السوداني في 2010، حسب مؤسسة “تريدنج إيكونوميكس”.

علاقات اقتصادية قوية

حسب المونيتور، حافظت بكين على علاقات قوية مع الخرطوم عقب الإطاحة بالرئيس السوداني، عمر البشير، في 2019، ودعمت الحكومة الانتقالية بهدف حماية البنى التحتية الخاصة بها في المنطقة الأوسع. وظلت العلاقات الصينية السودانية ودية في 2021، عندما تولى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، السلطة في السودان.

وفي ذلك العام، بلغت قيمة صادرات الصين إلى السودان 1.82 مليار دولار، وكانت أبرز الصادرات دراجات نارية، وإطارات وأحذية. وصدّر السودان بضائع بقيمة 780 مليون دولار إلى الصين، معظمها مكسرات وبذور ومنتجات ذات صلة.

وفي نوفمبر الماضي، وقع البلدان اتفاقيات تعاون اقتصادي وتكنولوجي بقيمة 17 مليون دولار تقريبًا. وأطلقت الصين والسودان خدمة شحن سريع في 2022. وكذلك كانت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للسودان العام الماضي، ونمت التجارة بينهما في قطاعي التعدين والزراعة، وفق بيان للسفارة الصينية في الخرطوم في ديسمبر الماضي.

تراجع المصالح

تراجعت صادرات النفط السوداني إلى الصين بشدة في 2011، عندما انفصل جنوب السودان، آخذًا معه معظم احتياطيات النفط السوداني. ووفق المونيتور، أدى ذلك إلى تراجع في المصالح الاقتصادية الصينية في السودان.

وفي الفترة من 2003 إلى 2010، منحت الصين حوالي 6 مليارات دولار قروضًا لدولة السودان، لكن هذا الرقم تراجع إلى 143 مليون دولار فقط في الفترة من 2011 إلى 2018، حسب المعهد الدنماركي للدراسات الدولية. والآن، تستورد الصين معظم نفطها من السعودية وروسيا.

سُمعة بكين على المحك

في تصريحات إلى صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست الصينية، في 18 إبريل 2023، قال الباحث بالمعهد الدنماركي للدراسات الدولية، لوك باتي، إن تعاون الصين التجاري والمالي مع السودان انخفض بشدة منذ انفصال جنوب السودان في 2011، لافتًا إلى أن سُمعة بكين في إفريقيا والوطن أصبحت على المحك.

وأضاف باتي: “تزعم بكين أن التنمية الاقتصادية يمكنها تعزيز السلام. لكن بعد استثمار عشرات المليارات من الدولارات في السودان على مدار العقود الماضية، لم نشهد أي سلام أو استقرار”.

وأشار باتي إلى نهج عدم التدخل الذي تتبعه الصين في الجولة الأخيرة من مفاوضات السلام، قائلًا: “هذا رد مختلف تمامًا مقارنة بالصراعات السابقة عندما كانت مصالحها الاقتصادية مهددة في السودان وجنوب السودان”.

ربما يعجبك أيضا