كيف تستفيد روسيا من تخفيضات «أوبك+» لإنتاج النفط؟

منه عبد الرازق

خفضت أوبك+ الإمدادات بمقدار مليوني برميل يوميًا أو 2% من الإمدادات العالمية،في ظل بودار بتراجع معدلات النمو للاقتصاد العالمي، ودخوله إلى دائرة الركود.


من المنتظر أن تعود التخفيضات الكبيرة المفاجئة في إنتاج النفط لـ”أوبك+” في صالح روسيا، مع تقلص الإمدادات إلى الغرب، الذي يعاني بالفعل من أسعار طاقة قياسية.

وأعلن التحالف، الذي يضم 23 دولة منتجة للنفط، يوم 5 أكتوبر 2022، اتفاق أعضائه على حفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًّا أو 2% من الإمدادات العالمية، في ظل بودار بتراجع معدلات النمو للاقتصاد العالمي، ودخوله دائرة الركود.

امتعاض الغرب

الولايات المتحدة اتهمت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بالانحياز إلى جانب روسيا، ووصفت قرار خفض إنتاج النفط بأنه “قصير النظر” ، قائلة، على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، إن العالم يعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

في حين، قالت الخارجية السعودية، يوم 13 أكتوبر، إن “المملكة ترفض عدَّ قرار أوبك+ مبنيًّا على دوافع سياسية”، ورفضت التصريحات الأمريكية، التي قال إنها لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد على محاولة تصوير قرار “أوبك” خارج إطاره الاقتصادي البحت.

تأثر الاتحاد الأوروبي بأسعار الطاقة

فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا حظرًا “رمزيًّا” على النفط الروسي، خصوصًا أن أيًا من البلدين لا يستورد الكثير منه، وأوقف البيت الأبيض الضغط على الاتحاد الأوروبي لفرض حظر على الاستيراد، لأن دول الاتحاد تحصل على ربع نفطها من روسيا.

وارتفعت وتيرة معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو، لتصل إلى 10.0%، خلال سبتمبر 2022، ارتفاعًا من 9.1% في أغسطس، في حين ارتفعت أسعار الطاقة إلى أعلى معدل سنوي، في سبتمبر، لتصل إلى 40.8%، مقارنة بـ38.6% في أغسطس، وسجل الغذاء والكحول والتبغ 11.8%، مقارنة بـ10.6% في أغسطس.

تخفيض على الورق فقط

من المتوقع أن يصل سعر خام برنت القياسي إلى 100 دولار للبرميل، بحلول ديسمبر المقبل، مقارنة بتوقع سابق عند 89 دولارًا، كما يقول نائب شركة “ريستاد إنرجي”، خورخي ليون، لوكالة “وير”. قال ليون إن التخفيضات الفعلية لإنتاج النفط قد لا تتجاوز 1.2 مليون برميل فقط يوميًّا، موضحًا أن بعض دول “أوبك +” غير قادرة على إنتاج حصتها.

لكن ليون شدد على أن ذلك سيظل له تأثير “كبير” في الأسعار، وكتب في مذكرة: “ستضيف أسعار النفط المرتفعة حتمًا إلى ارتفاع التضخم الذي تقاومه البنوك المركزية العالمية، وسيعمل ارتفاع أسعار النفط  على زيادة أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد”.

الخاسرون

تكافح الأسواق الناشئة أيضًا للرد على صدمات السوق، كم الحال في سيرلانكا، التي تواجه بلاده حاليًّا أسوأ أزمة اقتصادية منذ حصولها على الاستقلال في العام 1948، ويتعين عليها أن تدفع المزيد مقابل النفط، مع اتجاه الدول الغنية إلى تخزين احتياطياتها.

وقال الرئيس السيرلانكي، رانيل ويكرمسينج، للبرلمان يوم الخميس الماضي: “هذه ليست مجرد قضية نواجهها، لكن العديد من دول جنوب آسيا الأخرى تواجهها، فالتضخم العالمي سيضربنا جميعًا، العام المقبل”.

لا خفض في إنتاج روسيا

بموجب اتفاق منظمة “أوبك +” الأخير، من المفترض أن تزيد روسيا إنتاجها إلى 10.5 مليون برميل يوميًّا، وهذا يعني زيادة 0.6 مليون برميل يوميًّا. وقالت شركة “بي سي إس إكسبريس” للسمسرة ومقرها روسيا، إن موسكو لن تضطر إلى تخفيض أيّ من انتاجها، واصفة ذلك بأنه “أنباء إيجابية” لشركات النفط الروسية، التي ستستفيد من ارتفاع الأسعار، مع الحفاظ على استقرار الإنتاج.

ووقعت مجموعة الـ7 الصناعية عقوبات بشأن تحديد سقف سعر  النفط الروسي، وستستفيد موسكو، أكبر منتج من بين الأعضاء من خارج “أوبك” في الحلف، من ارتفاع أسعار النفط، قبل تحديد سقف للأسعار، فإذا كان لها أن تبيع النفط بسعر مخفّض، فعلى الأقل يبدأ التخفيض عند مستوى سعر أعلى.

غضب أمريكي من «أوبك»

ارتفعت أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية، عند 5.02 دولار للجالون في منتصف يونيو، ورغم أنها انخفضت مؤخرًا  لكنها عادت للارتفاع مرة أخرى، ما تسبب في مشاكل سياسية للرئيس الأمريكي، جو بايدن، قبل شهر من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.

وقال العضو المنتدب لشركة “دوشي” للاستشارات، تيلاك دوشي، الذي كان يعمل في السابق مع شركة “أرامكو” السعودية النفطية لرويترز: “من المرجح أن تتحمل السعودية والإمارات والكويت معظم عبء التخفيضات”، وعلق “إنها صفعة على وجه إدارة بايدن من قبل أوبك +”.

إنتاج روسيا من براميل النفط

إنتاج روسيا من براميل النفط

المستهلك الخاسر

قال رئيس إستراتيجية السلع في “ساكسو بنك”، أولي هانسن، لـ”أويل برايس” إن روسيا الفائز الوحيد من خفض إنتاج “أوبك+”، موضحًا أنها تشهد انخفاضًا في الإنتاج، وزيادة الخصومات على نفطها، وخسارة عائدات الغاز،  في حين عوض ارتفاع أسعار النفط، في وقت سابق من هذا العام، الكثير من المبيعات المفقودة من المشترين الغربيين، الذين تجنبوا الإمدادات الروسية.

وأضاف هانسن أن المستهلك العالمي هو الخاسر، مشيرًا إلى أن المخاطر تشمل سياسة رفع أسعار الفائدة من بنك الاحتياط الفدرالي الأمريكي، ودولار أمريكي قوي، ونمو اقتصادي أقل لفترة أطول. في حين هددت روسيا، عبر نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، الذي يمثل البلاد في اجتماعات “أوبك+”، أنها لن تزود النفط للدول التي ستنضم إلى سقف الأسعار.

ربما يعجبك أيضا