لماذا فشلت القوى العالمية في إفريقيا وكيف أشعلت الصراعات بها؟

شروق صبري
الصين في أفريقيا

هل الصين وروسيا سيئتان لإفريقيا؟ وهل الدول الغربية فشلت في تحديد نوع الشراكات التي تقدمها للقارة؟


حملت صحيفة فورين بولسي الأمريكية الولايات المتحدة والغرب المسؤولية عن تراجع الديمقراطية وحقوق الإنسان في إفريقيا.

وقالت إنه على الرغم من التحذيرات الأمريكية الأخيرة من مخاطر تصاعد النفوذ الروسي والصيني في القارة السمراء، فإن القوى الغربية تجاهل تعزيز التنمية الاقتصادية على مدار عقود، وركزت على التعاون الأمني مع الحكومات العسكرية.

كيف دخلت الصين المشهد الإفريقي؟

أشارت الصحيفة، في تقرير نشرته يوم الاثنين 1 مايو 2023، إلى أن الولايات المتحدة توقفت في التسعينات عن التظاهر بأن إفريقيا مهمة بأي معنى جيوسياسي أو اقتصادي، باستثناء استخراج الهيدروكربونات والمعادن.

وأضافت أنه في ضوء ذلك، دخلت الصين إلى المشهد الإفريقي، وطرق الدبلوماسيون والمقاولون والمصرفيون الصينيون أبواب وزارات الخارجية في جميع أنحاء القارة، وتحدثوا عن صفقات الأشغال العامة، والبنية التحتية الكبرى، بتمويل جاهز وشروط قليلة.

الصين بالقارة الإفريقية

قال التقرير الأمريكي إن حماسة الدول الإفريقية في الاستجابة لحمل الصين على حشد الأعمال التجارية وبناء النفوذ في القارة كانت كبيرة للغاية، في حين كان اهتمام واشنطن خلال الحرب البادرة بإفريقيا، مدفوعًا بالرغبة في كبح التقدم السوفييتي، وأحيانًا الصيني.

وأضافت أنه في السنوات الأولى للعصر الجديد من المشاركة الصينية المزدهرة في القارة، اعتمدت الحكومات الإفريقية بأجهزتها الخاصة على النظام الغذائي الضعيف، المعتمد على قروض البنك الدولي وبرامج صندوق النقد الدولي مفرطة النشاط، في حين حذرت الدول الغربية من مخاطر الوقوع في شرك الإقراض الصيني.

روسيا تلحق بالتنين الصيني

وفق فورين بولسي، اندفعت روسيا نحو إفريقيا، أخيرًا، لكنها قدمت القليل من المشاركة الاقتصادية والمالية التي تتكفل بها الصين، وتحتاجها القارة بشدة. لكن عرض موسكو كان لشيء آخر تمامًا وهو “أمن النظام”.

وأوضحت الصحيفة، أن علاقات روسيا المتنامية في إفريقيا قد تعمل في الغالب على ترسيخ القادة هناك. مشيرة إلى إن “تأمين الأنظمة” غالبًا ما يتضمن ترتيبات تمويل لهذه الخدمات، التي غالبًا ما تقدمها مجموعة فاجنر الروسية شبه العسكرية، من خلال “مقايضة التعدين” غير الرسمية.

الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين

الرئيس الصيني، شي جين بينج ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين

روسيا والصين

أشار تقرير فورين بولسي إلى التسريبات الاستخبارية الأمريكية، التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست، وتحدثت عن مؤامرة للإطاحة بالحكومة التشادية بدعم من جماعة فاجنر. وفي مقال آخر، وصف مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويليام بيرنز، جماعة فاجنر بأنها “منظمة روسية مخيفة” توسع نفوذها في مالي وبوركينا فاسو وأماكن أخرى بنحو خطير، قائلًا إنه توجه خاطئ نحو التنمية، لذلك يجب مواجهتها لأنها تهدد الأفارقة في جميع أنحاء القارة.

وعلى الرغم من أن الحسابات الإفريقية بشأن روسيا والصين تتحد معًا، توصلت بعض دول القارة إلى أن ما اقترحه الغرب للمساعدة في حل مشاكلهم الأمنية لم يكن كافيًا أو حتى ضارًا. ويتضح ذلك من خلال العلاقات الأمنية لفرنسا مع مستعمراتها السابقة في منطقة الساحل، فضلاً عن الجهود الأمريكية المرتبطة بها لتوفير التدريب العسكري، وإنشاء مراكز استخباراتية وحرب طائرات دون طيار، تهدف في المقام الأول إلى احتواء انتشار المتشددين.

روسيا فى أفريقيا

روسيا في إفريقيا

تهديدات تواجه إفريقيا

لفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الحكومة في تشاد، هي حليف الغرب منذ فترة طويلة، تقع في قلب وسط إفريقيا، وبالتالي كانت محور الكثير من هذا الاهتمام لعقود من الزمان، خصوصًا فرنسا والولايات المتحدة، ليس لأنها ديمقراطية، أو لأنها أصبحت شريكًا اقتصاديًّا مهمًا للغرب، لكن لأن حكومة البلاد لطالما أتاحت أراضيها وأحيانًا جنودها لدعم الأهداف العسكرية الغربية في المنطقة المحيطة.

وأشارت إلى أن الرئيس التشادي السابق، إدريس ديبي، اعترف عام 2007 بأن حكوماته لم تحقق على مدار العقود تقدمًا اقتصاديًا يُذكر. علاوة على ذلك، فإن القادة التشاديين معزولون عن مطالب مواطنيهم بالإصلاح السياسي، في ظل تحالفاتهم مع الدول الغربية، التي تتجاهل مطالب الديمقراطية، طالما أن البلد لا يزال شريكًا أمنيًّا قويًا.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان يحب أن يكون ذا مصداقية، وأن أفضل طريقة لتعزيز المصالح الغربية في إفريقيا بدفع المزيد من التنمية الاقتصادية في القارة، خصوصًا أن الفقر والبطالة وضعف الاندماج في الاقتصاد العالمي وعدم كفاية النمو، هي أكبر التهديدات التي تواجه إفريقيا.

اقرأ أيضًا| وزير خارجية فنلندا: «فاجنر» الروسية قد تستفيد من أزمة السودان

اقرأ أيضًا| محلل سياسي روسي لـ«رؤية»: موسكو قادرة على تحقيق الانتصار على جبهات متعددة

ربما يعجبك أيضا