لماذا قد تواجه 23 ألف سيدة أردنية خطر السجن؟

علاء بريك

لا يجب أن يسجن أحد إذا تخلف عن سداد ديونه، لكن إن لم يُسجَن فستنهار الأسواق المالية، يقول مدير إحدى مؤسسات التمويل الصغير.


أكثر من ألف سيدة أردنية يواجهن خطر السجن بحجة عدم سداد أقساط قروض حصلن عليها من مؤسسة “تمويلكم”، بحسب تقرير لشبكة بلومبرج.

وألغت عديد الدول عقوبة السجن لمن يتخلف عن سداد الأقساط، ليس لداوعي إنسانية أو لمخالفتها حقوق الإنسان فحسب، بل لأنَّ السجن ليس أفضل وسيلة لسداد الدين. ومع ذلك، لا يزال الأردن يطبق هذه العقوبة مهما بلغت ضآلة حجم الدين.

لماذا يلجأ الأردنيون إلى الاستدانة؟

بحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس واتش، فإنَّ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وارتفاع معدلات البطالة، تدفع العديد من الأردنيين إلى الاستدانة لتأمين الاحتياجات الأساسية، كالتعليم والمأوى والغذاء، ويعتمد هؤلاء على الاستدانة من مقرضين غير رسميين في كثير من الأحيان.

ويفاقم غياب شبكات الأمان الاجتماعي هذه الأزمة، لا سيّما في الوقت الحالي، مع انتشار وباء كوفيد-19، والأوضاع الاقتصادية المتقلبة، ويواجه المدين الأردني عواقب وخيمة تصل إلى السجن لعدة أشهر، لأنَّ القانون الأردني يسمح بالسجن إذا لم يسدد المدين أقساط الدين، مهما بلغت ضآلته.

نساء مطلوبات للعدالة

تعاني النساء أشد المعاناة من ظاهرة الاقتراض هذه، فالمؤسسات المصرفية والتمويلية توجّه جزءًا من محفظتها الإقراضية إلى النساء لدعمهن في مشروعاتهن، غير أنَّ شروط القرض، والظروف الاقتصادية غير المتوقعة، وعدم استقرار مصدر الدخل، يدفع بهن إلى التخلف عن السداد.

وفي تقرير لشبكة بلومبرج، تذكر مؤسسة “تمويلكم” الأردنية أنَّ عدد النساء الحاصلات على قروض من المؤسسة، والمدرجات على لائحة الملاحقة القانونية لتخلفهن عن السداد، وصل في شهر مارس 2022 إلى 1286 سيدة. وفي 2019، كان عدد النساء المطلوبات 23 ألفًا.

التحصيل بين الودي والقانوني

تصل الفوائد المفروضة من جانب هذه المؤسسات الصغيرة، بحسب شبكة بلومبرج، على مدينيها إلى 100% أحيانًا، وتذهب في أحيان أخرى في تحصليها الأقساط إلى ممارسات بشعة، تسلب فيها منازل المدينين، كما حدث في كمبوديا. ومن جهته، قال المدير التنفيذي لمؤسسة تمويلكم، بسام خنفر، إنَّ مؤسسته لم تُبلَّغ بدخول أي من عملائها إلى السجن منذ 5 سنوات.

ومن ناحية أخرى، لم تتوقف المؤسسة عن تقديم بلاغات بالمتخلفين عن السداد إلى القضاء الأردني بعد فقدان الأمل بوسائل التسوية “الودية”، حسب تعبيره. وأما عن سبب الاتجاه إلى القضاء، فأوضح خنفر أنَّ عدم اللجوء إلى القضاء سيكون بمثابة رخصة للمدينين الآخرين ليمتنعوا عن السداد.

في حالة “تمويلكم”، حصلت المؤسسة على 70 مليون دولار من القروض من عدة مصارف تنموية وتجارية، بينها البنك الدولي وسيتي جروب وبنك الاستثمار الأوروبي، منذ 2007. وكانت تمويلكم من بين عدد من مؤسسات التمويل المتناهي الصِغَر التي تدعمها هذه المؤسسات المصرفية الكبرى.

الواقعية والمثالية

في 2019، كان 16% من نزلاء السجون الأردنية من المتخلفين عن سداد الديون، فالتخلف عن سداد قسطٍ مهما بلغت ضآلته يُدخِل صاحبه إلى السجن لمدة تصل إلى 90 يومًا على الأقل، والمحكمة بدورها تحكم على هؤلاء دون عقد جلسة اجتماع، ودون مراعاة لأي ظروف اقتصادية واجتماعية، بحسب هيومن رايتس واتش.

ويوضِح خنفر لشبكة بلومبرج أنَّه شخصيًّا ضد سجن أي شخص لا يقدر على سداد ديونه، ولكن على الجانب الآخر لا بد لمؤسسته من العثور على طريقة لتواصل العمل، وخدمة عملاء جدد، وإبقاء الممولين سعداء، فبخلاف هذا ستنهار الأسواق المالية.

وتلك الوقائع على الأرض تخالف مثالية المؤسسات المصرفية الكبرى الممولة للمؤسسات الصغيرة، فبحسب تصريح أحد موظفي سيتي جروب لشبكة بلومبرج فإنَّه “لا يجب سجن مَن لا يقدر على الدفع”، في حين وصف أحد موظفي بنك التنمية الأوروبي ذلك بالممارسة السيئة التي تخالف معايير بنكه.

ربما يعجبك أيضا