لماذا لم تتأثر الكلاب بالإشعاع النووي في تشيرنوبل؟ علماء جينات يبحثون

بسام عباس

دراسة جديدة ستساعد علماء الأحياء على فهم تأثير الإشعاع النووي بتشيرنوبل في تطور الحيوانات، وتكيفها في مثل هذه البيئة المشعة.


كشفت دراسة جديدة عن أن كلاب منطقة تشيرنوبل التي تأثرت بالكارثة النووية عام 1986، متميزة وراثيًّا عن الكلاب الأصيلة.

ووفق مجلة ساينس أدفانس، قال العلماء الذين يدرسون الحمض النووي لهذه الكلاب، إنه من السابق لأوانه معرفة تأثير البيئة المشعة على السمات الجينية الفريدة لكلاب تشيرنوبل، إلا أنها خطوة أولية لإدراك ما ينبغي اتخاذه للنجاة من كارثة بيئية مماثلة.

انتشار الكلاب في تشيرنوبل

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أمس الأول الجمعة 3 مارس 2023، إن صندوق “كلين فيوتشرز”، وهو منظمة أمريكية غير ربحية تعمل في تشيرنوبل، بدأ مشروعًا تعاونيًّا مع علماء أمريكيين وأوكرانيين وبولنديين، لتوفير الرعاية الصحية والدعم لموظفي محطة الطاقة، الذين لا يزالون يعملون في منطقة الإشعاع الواقعة بأوكرانيا.

وأضافت أن المنظمة سرعان ما أدركت أن كلاب تشيرنوبل بحاجة إلى المساعدة أيضًا، فرغم ازدياد أعداد الكلاب خلال فصل الصيف، غالبًا ما كان يتراجع في الشتاء، عندما يندر الطعام وينتشر داء الكلب الذي أصبح مصدر قلق مستمر.

وأفادت أن مئات الكلاب الضالة تعيش في المنطقة المحيطة بموقع كارثة تشيرنوبل، والمعروفة باسم المنطقة المحظورة، تتجول في مدينة بريبيات المهجورة، وتنام في محطة قطار سيميخودي شديدة التلوث، خاصة بعد أن تخلى عنها أصحابها خوفًا من انتشار المرض أو التلوث الإشعاعي.

03SCI CHERNOBYL2 02 qblh superJumbo

كلاب خارج محطة تشيرنوبل

تاريخ الجينوم

تساءلت خبيرة جينوم الكلاب في المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري، إيلين أوستراندر: “هل لدى هذه الكلاب طفرات اكتسبتها تسمح لها بالعيش والتكاثر بأمان في هذه المنطقة؟ وما هي التحديات التي واجهتها؟ وكيف تعاملت معها وراثيًّا؟”  موضحة أن عليهم أولًا قبل محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، رسم مشهد لجينوم الكلاب.

وأضافت أوستراندر أن “منطقة تشيرنوبل بها مستويات مختلفة من النشاط الإشعاعي، والكلاب تعيش في كل مكان، فعلينا أن نعرف ما هي طبيعة هذه الكلاب قبل التعرض للإشعاع، وما أصبحت عليه بعد التعرض، وهو ما سيساعد في البحث عن هذه الطفرات الحرجة”.

عينات من 300 كلب

ذكرت الصحيفة الأمريكية أن صندوق “كلين فيوتشرز” بدأ في عام 2017 رعاية الكلاب المحلية، وتوفير اللقاحات، وتعقيم الحيوانات وإخصائها، واستخدم باحثو الصندوق هذه العيادات لجمع عينات دم من 302 كلب، تعيش في مواقع مختلفة داخل وحول المنطقة المحظورة.

واكتشف الباحثون أن نحو نصف الكلاب عاش في المنطقة المجاورة مباشرة لمحطة الطاقة، وعاش النصف الآخر في مدينة تشيرنوبل، في حين جاءت عينات قليلة من الكلاب في مدينة سلافوتيتش، على بعد نحو 30 ميلًا.

ووجد الباحثون أنه رغم وجود بعض التداخل بين مجموعات الكلاب، كانت كلاب محطات الطاقة مختلفة وراثيًّا عن كلاب مدينة تشيرنوبل. ويوجد اختلاط قليل في الجينات بين المجموعتين، ما يشير إلى أنهما نادرًا ما يتزاوجان.

المنطقة المحظورة في تشرنوبل

المنطقة المحظورة في تشيرنوبل

مفيدة للدراسات المستقبلية

تتبع الباحثون علاقات القرابة، وربط الآباء والأبناء لتكتشف 15 مجموعة عائلية مختلفة، بعضها كان كبيرًا ومترامي الأطراف، بينما وجدت مجموعات أخرى صغيرة، في مناطق جغرافية محدودة، ووجد العلماء أن ثلاث مجموعات عائلية تشترك في منشأة تخزين للوقود النووي.

وأوضحت الدراسة أن كلاب محطة توليد الطاقة وكلاب مدينة تشيرنوبل كانت من سلالات مختلطة، لكن اشتركت في امتدادات من الحمض النووي مع كلاب الراعي الألمانية، بالإضافة إلى سلالات أخرى من أوروبا الشرقية. وتداخل الحمض النووي لكلاب مدينة تشيرنوبل أيضًا مع أنواع مختلفة من البوكسر والروت وايلر.

وأفاد العلماء أن هذه الأجزاء من الحمض النووي لكلاب الراعي، تسفر عن بيانات مفيدة في الدراسات المستقبلية، وأنه بمقارنة هذه التسلسلات لكلاب محطة الطاقة، فإن كلاب مدينة تشيرنوبل والراعي الألماني الأصيلة التي تعيش في بيئات غير مشعة، ستساعد الباحثين على تحديد تأثير الإشعاع في الجينوم.

ربما يعجبك أيضا