لماذا يهاجر التونسيون إلى جنوب الصحراء الكبرى؟

آية سيد
إفريقيا جنوب الصحراء-رواندا

في ضوء الاضطراب الاقتصادي والسياسي، قرر آلاف التونسيين ترك بلادهم لبناء حياة أفضل ولكن ليس إلى أوروبا هذه المرة.


ترك 1.7 مليون تونسي تقريبًا بلده للبحث عن وظيفة بالخارج، ويعيش أكثر من 80% منهم في أوروبا، لكن الوضع يبدو على وشك التغيّر.

وبحسب تقرير لصحيفة “دويتشه فيله” الألمانية، أمس الأربعاء 10 أغسطس 2022. أصبحت منطقة جنوب الصحراء الكبرى أكثر جذبًا للتونسيين الباحثين عن فرصة عمل، ويرج ذلك جزئيًّا إلى خطط الدعم والاستثمار التي يمولها الاتحاد الأوروبي.

الاتجاه إلى منطقة جنوب الصحراء

في ضوء الاضطراب الاقتصادي والسياسي، يقرر آلاف التونسيين ترك بلادهم لبناء حياة أفضل في إفريقيا، بدلًا من التوجه إلى أوروبا أو دول الخليج. ويذكر التقرير أن سوق العمل التونسية عاجزة عن استيعاب العدد الكبير لخريجي الجامعات الذين يبقى 226 ألفًا منهم عاطلين عن العمل حاليًا.

وفي دراسة حديثة، وجد معهد أبحاث تونسي أن نحو 70% من خريجي الجامعات الذين شاركوا في الدراسة يفكرون في السفر. وفي هذا الصدد، قال عضو المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، رمضان بن عمر، إن الشباب الذي يبحث عن فرصة عمل لم يعد يركز اهتمامه على التوجه شمالًا نحو أوروبا.

إفريقيا جنوب الصحراء..فرص واعدة

بحسب بن عمر، يوجد طلب متنام على العمل في الدول الواقعة جنوب القارة الإفريقية، لكل من خريجي الجامعات والعمال. وتظهر العديد من دول غرب إفريقيا نموًا اقتصاديًّا قويًّا في الوقت الحالي. ويتوقع بن عمر أن تواصل هذه الاقتصادات النمو أكثر على مدار العقد المقبل، عندما تكتمل شبكة “طريق الحرير الجديد” الصينية.

ويفيد تقرير “دويتشه فيله” بأن الكثير من الشركات التونسية تنشئ مقرات وفروعًا إقليمية في أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء، ما يشجع المزيد من المواطنين على الانتقال هناك. فالسوق تزدهر، ورجال الأعمال التونسيون لا يريدون تضييع الفرصة. وفي المقابل، تقدم فروع شركاتهم الكثير من الفرص الجيدة لمواطنيهم التونسيين.

تونسيون يختارون إفريقيا

بحسب التقرير، تتفق المعالِجة النفسية التونسية، سونيا منير، التي عملت لمدة 11 عامًا مع منظمة “أطباء بلا حدود” في مجموعة من دول غرب إفريقيا، مع بن عمر. فهي تعيش في العاصمة السنغالية، داكار، منذ 2019، وتعمل مديرًا إقليميًّا للصحة الإنجابية في المنظمة في غرب ووسط إفريقيا.

ووفق سونيا، تتيح لها مؤهلاتها وخبرتها الحصول على وظيفة في أوروبا، ولكنها رفضت هذا الخيار. وقالت: “لقد قررت أن أعيش في السنغال، أنا أحب العمل هنا. الحياة هنا ممتعة، يمكن للشخص أن يدرس ويعمل ويقضي وقت فراغه عبر الكثير من الطرق الرائعة”.

البحث عن حياة أفضل

بحثًا عن تحدٍ جديد، قررت التونسية، إنصاف بوغديري، الانتقال للعيش في رواندا. وقالت إنها لم تفكر في البحث عن عمل في أوروبا، نظرًا لصعوبة الإجراءات. ورغم عدم معرفتها الكثير عن رواندا قبل الاستقرار فيها، فإنها تعلمت الكثير عنها بعد الانتقال.

وقالت إنصاف لـ”دويتشه فيله”: “أنا أعيش في بلد يظهر قدرًا كبيرًا من التضامن.تحمل شعب رواندا حربًا أهلية وإبادة جماعية. والآن، يعيدون بناء بلدهم. إنه بلد نظيف ومنظم، ولديه بنية تحتية رقمية جيدة. الحياة هنا رائعة”.

وفي سياق متصل، وجد الشاب التونسي، أنيس بليدي، عملًا مربحًا في عاصمة الجابون، ليبرفيل. وبحسب التقرير، هاجر بليدي إلى الجابون في 2018، تاركًا وراءه زوجة وطفلتين. وقال إن الأمور كانت صعبة في البداية، لكنها تحسنت مع مرور الوقت، مضيفًا “أنا الآن أفضل حالًا مما كنت عليه في تونس، ويشمل ذلك وضعي المالي”.

الأوضاع الاقتصادية في تونس

تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في تدهور الاقتصاد التونسي الذي كان لا يزال يعاني من تداعيات جائحة كورونا. وبحسب تقرير لصحيفة “فاينانشيال تايمز“، أدت الزيادات في أسعار الغذاء والطاقة العالمية إلى تسارع التضخم ليصل إلى 8.1% في يونيو الماضي. ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد 2.5% هذا العام، ولكن البطالة تبلغ 16.8%.

ويقول المسؤولون إن عجز الميزانية سيبلغ 9.7% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. ولمنع الانهيار الاقتصادي، تسعى الحكومة التونسية إلى إبرام اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 4 مليارات دولار.

ربما يعجبك أيضا