لماذا يتهم الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة بالتربح من الحرب الروسية الأوكرانية؟

أحمد ليثي
الاتحاد الأوروبي

رفضت الولايات المتحدة شكاوى الاتحاد الأوروبي، مشيرة عبر تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في إدارة بايدن إلى أن ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا ناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية.


بعد 9 أشهر من الحرب الروسية الأوكرانية، اتهم مسؤولون أوروبيون إدارة جو بايدن بجني ثروة من الحرب، في حين تعاني دول الاتحاد الأوروبي.

وقال مسؤول أوروبي بارز لم تكشف اسمه صحيفة بوليتيكو، في تقرير نشرته يوم 24 نوفمبر 2022، إن الدولة الأكثر استفادة من الحرب هي الولايات المتحدة، لأنها تبيع مزيدًا من الأسلحة والغاز بأسعار أعلى.

منعطف تاريخي

جاءت التصريحات المدعومة من قبل مسؤولين أوروبيين ودبلوماسيين ووزراء في أعقاب الغضب المتصاعد في أوروبا، بشأن الإعانات الأمريكية التي أقرها قانون التضخم الأخير، والتي تهدد بتدمير الصناعة الأوروبية، ومن المرجح أن يرحب الكرملين بتسميم الأجواء بين الحلفاء الغربيين.

وقال المسؤول البارز في الاتحاد الأوروبي: “نحن في منعطف تاريخي”، مشيرًا إلى الضربة المزدوجة التي تلقتها أوروبا من اضطراب التجارة وأسعار الطاقة المرتفعة، بالإضافة إلى رفض قطاع كبير من الرأي العام الأمريكي للدعم العسكري لأوكرانيا والتحالف عبر الأطلسي.

تغير الرأي العام الأوروبي

أشار كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تدرك أن الرأي العام يتغير في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، داعيًا واشنطن إلى الرد على المخاوف الأوروبية، خاصة أن القرارات التي يتخذها الأمريكيون لها تأثير اقتصادي كبير في أوروبا.

من جهتها، رفضت الولايات المتحدة شكاوى أوروبا، مشيرة عبر تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في إدارة بايدن، إلى أن “ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا ناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية”. وذلك بعد زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى أوروبا زيادة كبيرة.

تصاعد التوترات

بحسب التقرير، تصاعدت التوترات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعدما مرر بايدن قانون خفض التضخم الذي تقدم بموجبه الحكومة الأمريكية دعمًا كبيرًا للسيارات الكهربائية، في حين تقول بروكسل إن هذا القانون يهدد بتدمير الصناعات الأوروبية، ورغم الاعتراضات الرسمية من جانب أوروبا على القانون، لم تظهر واشنطن أي تراجع.

في الوقت نفسه، أدى الاضطراب الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية إلى دفع الاقتصادات الأوروبية إلى الركود، مع تصاعد التضخم والضغط المدمر على إمدادات الطاقة ما يهدد بانقطاع التيار الكهربائي، وازدياد أسعار الطاقة بشدة هذا الشتاء.

الغاز من الولايات المتحدة

وفقًا للتقرير، في الوقت الذي تحاول فيه دول الاتحاد الأوروبي تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية، تتجه إلى استيراد الغاز من الولايات المتحدة، لكن أوروبا تفاجأت بأن أسعار الغاز الذي تستورده من الولايات المتحدة أعلى 4 أضعاف من سعره المحلي في الولايات المتحدة.

كان لهذا أثر كبير في المسؤولين الأوروبيين في بروكسل وعواصم الاتحاد الأوروبي، فقد قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن أسعار الغاز المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة ليست مناسبة، فيما دعا وزير الاقتصاد الألماني، فيليب روسلير، واشنطن لإظهار مزيد من التضامن والمساعدة في خفض تكاليف الطاقة.

أوروبا محبطة

أعرب وزراء ودبلوماسيون مقيمون في أماكن أخرى من الاتحاد عن إحباطهم من الطريقة، التي تتجاهل بها حكومة بايدن تأثير سياساتها الاقتصادية المحلية في الحلفاء الأوروبيين، في حين بدا أن الرئيس الأمريكي غير مهتم بالقضية، عندما أبدى مسؤولون أوروبيون استياءهم بشأن ارتفاع أسعار الطاقة الأسبوع الماضي في قمة مجموعة العشرين.

ووفقًا للتقرير، اتفق مسؤولون ودبلوماسيون آخرون في الاتحاد الأوروبي على أن الجهل الأمريكي بالعواقب بالنسبة لأوروبا يمثل مشكلة كبيرة، وقال الباحث بمؤسسة بروجل للأبحاث، ديفيد كليمان: “يشعر الأوروبيون بالإحباط إزاء نقص المعلومات والمشاورات المسبقة المتبادلة بين الجانبين”.

تصريحات غاضبة

قالت وزيرة التجارة الهولندية، ليسجي شرينماخر لبوليتيكو، إن قانون خفض التضخم مقلق للغاية، وتأثيره المحتمل في الاقتصاد الأوروبي كبير، في حين قال المسؤول الرئيس عن العلاقات عبر الأطلسي في البرلمان الأوروبي، تونينو بيكولا: “إن الولايات المتحدة تتبع أجندة داخلية تتسم بالحمائية والتمييز ضد حلفاء الولايات المتحدة”.

من جهته، أكد مسؤول أمريكي لم تسمه بوليتيكو أن تحديد الأسعار للمشترين الأوروبيين للغاز يعكس آليات العرض والطلب في السوق، وليس نتيجة لأي سياسة أو إجراء حكومي أمريكي، مشيرًا إلى أن الشركات الأمريكية كانت شفافة عند تصدير الغاز الطبيعي لأوروبا”.

الولايات المتحدة تواصل العمل مع أوروبا

قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: “ساعدت الزيادة في إمدادات الغاز الطبيعي المسال الحلفاء والشركاء الأوروبيين في الوصول إلى مستويات تخزين كبيرة قبل فصل الشتاء، منوهًا بأن بلاده ستواصل العمل مع الاتحاد الأوروبي وأعضائه لضمان توفر الإمدادات الكافية لفصل الشتاء وما بعده”.

من جهته، قال المفوض الأوروبي للسوق الداخلية، تيري بريتون، للتلفزيون الفرنسي يوم الأربعاء: “الولايات المتحدة تبيع لنا غازها بسعر مضاعف 4 مرات بمجرد أن يعبر المحيط الأطلسي، صحيح أن الأمريكيين حلفاؤنا، ولكن من الضروري أن نحتج عندما نرى أن حليفتنا لا تقف إلى جانبنا”.

حلفاء أم لا؟

على الرغم من الخلافات في مجال الطاقة، لم يكن الأمر كذلك حتى أعلنت واشنطن عن خطة دعم صناعي بقيمة 369 مليار دولار لدعم الصناعات الخضراء بموجب قانون خفض التضخم، فقد دخلت بروكسل في حالة من الذعر الكامل، وقال النائب الألماني في البوندستاج، رينهارد بوتيكوفر: “إننا نواجه أزمة ثقة بشأن قضايا التجارة بيننا”.

وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي: “لقد غير قانون خفض التضخم كل شيء. هل ما زالت واشنطن حليفة لنا أم لا؟”، في حين يُعِّد بايدن التشريع إنجازًا تاريخيًا للمناخ، على الرغم من أنه يتفهم قلق بعض الأوروبيين من ذلك، أكد أن بلاده ملتزمة بمواصلة العمل مع الاتحاد الأوروبي لمعالجة مخاوفه.

مساعدات عسكرية

بحسب التقرير، ثمة غضب متصاعد في الاتحاد الأوروبي بشأن تدفق الأموال إلى قطاع الدفاع الأمريكي، فقد كانت الولايات المتحدة أكبر مزود للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقدمت أكثر من 15.2 مليار دولار من الأسلحة والمعدات منذ بداية الحرب. ووفقًا لبوريل، قدم الاتحاد الأوروبي حتى الآن نحو 8 مليارات دولار من المعدات العسكرية لأوكرانيا.

ووفقًا لمسؤول بارز من إحدى العواصم الأوروبية، قد تستغرق إعادة تخزين بعض الأسلحة المتطورة سنوات بسبب مشكلات في سلسلة التوريد وإنتاج الرقائق، ما أثار مخاوف من أن صناعة الدفاع الأمريكية يمكن أن تستفيد أكثر من الحرب، خاصة أن البنتاجون يعمل بالفعل على تسريع مبيعات الأسلحة، مع تزايد الضغط من الحلفاء للاستجابة لمطالب أكبر للأسلحة والمعدات.

أمريكا تجني ثروة من الأسلحة

رأى دبلوماسي آخر من الاتحاد الأوروبي أن الأموال التي يجنيها الجانب الأمريكي من الأسلحة، يمكن أن تساعد الأمريكيين على فهم أن كسب كل هذه الأموال من الغاز قد يكون كثيرًا جدًّا.

وذهب الدبلوماسي إلى أن الخصم على أسعار الغاز يمكن أن يساعدنا في الحفاظ على تحالفنا، وليس من الجيد إعطاء الانطباع بأن أفضل حليف لك يجني من مشكلاتك أرباحًا ضخمة.

ربما يعجبك أيضا