لماذا يضغط الغرب لتقليص العلاقات التركية الروسية ؟

ضياء غنيم
كيف ينظر الغرب لتنامي العلاقات التركية الروسية ؟

يلتقي الرئيس التركي أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة 16 سبتمبر 2022، على هامش قمة شنغهاي للتعاون، فيما يتزايد التوتر بين أنقرة والحلفاء في الغرب على وقع تنامي العلاقات التركية الروسية.

وتراكمت المواقف السلبية بين تركيا والغرب على وقع عرقلة عضوية السويد وفنلندا في حلف الناتو والتوتر مع اليونان، إلا أن العلاقات التركية الروسية ظلت الملف الأبرز، فيما يستعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للضغط على أنقرة لتطبيق العقوبات الاقتصادية ضد روسيا.

البنوك التركية باب خلفي لروسيا

قالت صحيفة فايننشيال تايمز يوم الخميس 15 سبتمبر 2022، أن وفدًا أوروبيًا يستعد لزيارة أنقرة لدفع تركيا إلى تطبيق العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، بعدما كشفت محادثات أوروبية-أمريكية عن تحول نظامها البنكي إلى باب خلفي للتمويلات غير المشروعة بانضمامها لنظام الدفع الروسي “مير”.

وتشير الصحيفة أن تزايد الضغوط الغربية يأتي في إطار تشديد العقوبات بعدما أثبتت فشلها حتى الآن في “تدمير الاقتصاد الروسي”، وتعد تركيا أبرز الطرق المحتملة للالتفاف على العقوبات في ظل انضمام 5 بنوك كبرى (الشعب والوقف والزراعة والعمل ودينيز) لنظام مير.

لقاء بوتين أردوغان

يأتي ذلك فيما يلتقي الرئيس التركي مع نظيره الروسي في سمرقند يوم الجمعة ليتناول عدة قضايا، في مقدمتها التعاون الاقتصادي، عقب أيام من انتقادات أطلقها أردوغان ضد العقوبات الغربية، حسب صحيفة دايلي صباح.

وأكدت الصحيفة التركية في الوقت ذاته استمرار النقاشات مع الجانب الأمريكي حول لقاء محتمل بين الزعيمين أردوغات وبايدن على هامش الدورة السابعة والسبعين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك هذا الشهر يتناول ملفات التسليح والعلاقات التركية الروسية والحرب في كل من أوكرانيا وسوريا.

سياسة تركية متوازنة ؟

ظل الموقف التركي من روسيا عمومًا ومن العقوبات ضدها خصوصًا موضع جدل واستنكار بين الشركاء الغربيين، بينما تعتبره أنقرة دليلًا على سياستها المستقلة والمتوازنة، إذ رفضت ضم القرم وأدانت العملية العسكرية الروسية ودعمت أوكرانيا عسكريًا بالطائرات المسيرة بيرقدار تي بي 2، لكنهافي المقابل أكدت انفتاحها على التجارة والاستثمار والسياحة الروسية.

ويرجع التمسك بعلاقات قوية مع روسيا إلى رؤية تركيا في عالم متعدد الأقطاب تلعب فيه روسيا دورًا مهمًا، وهي رواية عززها التراجع الروسي غير المتوقع في أوكرانيا خلال الأشهر الماضية وتؤهلها للعب دور الوساطة بين كييف وموسكو كما ظهر في اتفاق الحبوب، حسب مجلة وور أون ذا روكس.

ماذا تستفيد أنقرة من موسكو ؟

بالرغم من العداء التاريخي بين تركيا وروسيا إلى أن الأعوام التي خلفت الانقلاب الفاشل في يوليو 2016 دفعت أنقرة لتوطيد علاقتها مع موسكو، فمن ناحية اكتسبت العلاقات الثنائية بعدًا مهمًا لمواجهة التعثر الاقتصادي، كما يعول الجانب التركي على مشروعات الطاقة الروسية مثل خط غاز السيل التركي وإنشاء المحطة النووية الأولى للبلاد، حسب مركز ويلسون.

وفي الجانب الأمني تشتبك تركيا وروسيا في عدة جبهات من ليبيا إلى مناطق آسيا الوسطى وجنوب القوقاز والبلقان ومن التوتر شأن التوتر معها أن يغير التفاهمات ويشكل تحديًا لمصالح أنقرة خاصة في سوريا، حيث لا يشاطرها حلفائها الغربيين في الموقف من القوات الكردية.

تعاون قصير المدى

يعتبر صندوق مارشال الألماني أن التعاون التركي الروسي يقوم على أسس قصيرة الأمد وهي المصالح الانتخابية للرئيس التركي، للحد الذي لايتصادم مع مواقف قاعدة تأييده من قوى اليمين القومي، المعارضة للنفوذ الروسي في أوراسيا، والتي تمثل الفضاء الطبيعي لطموحات تمدد أنقرة في ما يُعرف بـ”العالم التركي”.

وفي مقابل تخوف القوى الأوروبية من تطور العلاقات التركية الروسية، بدت الولايات المتحدة أكثر هدوءًا واطمئنان إزاء مواقف تركيا من العقوبات وتلكوئها في التصديق على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، إذ يكمن خلف هذا التناقض رغبة أنقرة في إضعاف روسيا وليس انتصارها الكامل أو هزيمتها المطلقة في أوكرانيا.

البحر الأسود

ففي البحر الأسود يعني انتصار روسيا استيلائها على شمال البحر الأسود بالكامل وبقاء تركيا في مواجهة روسيا وحيدة، كما حدث في حادث إسقاط المقاتلة الروسية 2015.

ومن ناحية أخرى يمثل الاحتكاك المباشر بين حلف الناتو وروسيا في البحر الأسود فقدانًا لمكتسبات تركيا التي لم تعد البوابة الوحيدة للولايات المتحدة بفضل وجود رومانيا وبلغاريا والاستفادة من إمكانيات ميناء ألكسندروبوليس اليوناني، حسب مجلة وور أون ذا روكس.

 

ربما يعجبك أيضا